تعرض أحد أهم المواقع الأثرية في غزة لدمار كبير بسبب الغزو الإسرائيلي، وفقاً لتقرير جديد صادر عن منظمة Forensic Architecture، ومدعم بصور صورتها الأقمار الصناعية تبين أن الموقع، القريب من مخيم الشاطئ للاجئين، قد تعرض للقصف ثم للتجريف ليصبح معسكراً للجيش.
حسب تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني، فإن الصور تكشف أيضاً عن تطوير إسرائيل شبكة مضخات مياه داخل الموقع وحوله، بزعم إغراق الأنفاق التي تقول إن حماس تستخدمها تحت غزة.
تعود لعصور قديمة
تقول منظمة Forensic Architecture إن الموقع شهد عمليات تنقيب بين عامي 1995 و2005، ومن بين العناصر التي اُكتشفت هناك سور من العصر الحديدي أسفل منازل من العصر الأخميني، وهياكل من العصرين الروماني والهلنستي من بينها مركز تجاري، ونافورة مبلطة على الساحل، ومقبرة بيزنطية في الشمال.
من جانبها، قالت مؤسسة "الحق" في بيان لها، إن تدمير الموقع "محاولة متعمدة لتدمير الموارد التي لا غنى عنها لبقاء الشعب الفلسطيني في غزة… لخدمة المشروع الاستعماري الإسرائيلي، وتعزيز نظام الفصل العنصري بمحو الهوية الفلسطينية".
وأضافت: "استهداف التراث الثقافي ليس عملاً طائشاً، فالثقافة تشكل تعبيراً واضحاً عن الهوية الإنسانية. وحرمان شعب من ثقافته يشبه تجريده من الجوهر ذاته الذي يشكل العمود الفقري لحقه في تقرير المصير، لا سيما في سياق الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان".
مطلع هذا الشهر، دعت حركة حماس، اليونسكو إلى التدخل لحماية المباني التاريخية في القطاع، وحذرت الحركة من أن القصف الإسرائيلي دمر كنائس ومساجد وحمامات عامة وغيرها من المباني التاريخية المهمة.
100 موقع أثري
وفقاً لدراسات حديثة أجرتها مجموعة "التراث من أجل السلام"؛ دمّر الاحتلال الإسرائيلي منذ طوفان الأقصى أكثر من 100 موقع أثري وتاريخي داخل القطاع.
تعرضت عدة معالم تاريخية بفلسطين لأضرار كبيرة نتيجة للأحداث الأخيرة. من بين هذه المعالم، تأثر المسجد العمري الكبير، الذي يعد واحداً من أهم المساجد في التاريخ الفلسطيني، بالعديد من الأضرار. كما تعرضت كنيسة القديس برفيريوس، المعتبرة ثالث أقدم كنيسة في العالم، لأضرار جسيمة.
في شمال غزة، تم التنقيب العام الماضي في مقبرة رومانية تاريخية تعود لما يقرب من 2000 عام، والتي تعتبر أحد المواقع الأثرية المهمة. على الجانب الآخر من قطاع غزة في جنوبه، تضرر متحف رفح الذي كان يعد مكاناً مقصوداً للدارسين والباحثين في تاريخ وتراث المنطقة الطويل.
تلك الأضرار تشير إلى الخسائر الثقافية والتاريخية الكبيرة التي لحقت بتلك المعالم الفلسطينية المهمة نتيجة للأحداث الأخيرة، وتبرز حاجة مـلحة للحفاظ على التراث الثقافي في المنطقة.
كارثة حقيقية
في تصريح لرئيس مجموعة "التراث من أجل السلام" إسبر صابرين، أعرب عن قلقه البالغ إزاء تهديد فقدان التراث الثقافي في قطاع غزة، حيث قال: "إذا اختفى هذا التراث في غزة، فسيكون ذلك خسارة كبيرة لهوية الناس هناك".
وأشار صابرين إلى أن المجموعة تعتزم مواصلة أعمال المسح ورصد حالة المعالم الثقافية في المنطقة خلال الأشهر المقبلة، سواء على الأرض بالتعاون مع السكان المحليين، أو باستخدام صور الأقمار الصناعية.
يحمي اتفاق لاهاي لعام 1954، الذي وقعه الفلسطينيون والإسرائيليون، المعالم التاريخية في غزة من تداولات الحروب. ورغم أن الحرب الأخيرة ليست الحدث الأول الذي يؤدي إلى تدمير المعالم الأثرية في المنطقة، فإنها تُسجّل كارثة جديدة بعد الأضرار التي تعرضت لها العديد من المواقع، وضمن ذلك المسجد العمري الكبير في عام 2014.
وقدمت "مبادرة التراث من أجل السلام" تقريراً يحتوي على قائمة بأسماء المعالم الأثرية والتراثية في غزة التي تعرضت للدمار، شملت نحو 23 موقعاً تاريخياً، إضافة إلى أكثر من 70 منزلاً أثرياً، ومركز المخطوطات والوثائق القديمة الذي دمر بالكامل.