وجدت دراسة أجرتها جامعة حيفا أن قرابة 60% من المواطنين الذين لم يتعرضوا لأضرار مباشرة من الحرب، أصيبوا بما يسمى بـ"اضطراب الكرب الحاد" منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وهذه النسبة هي الأعلى بين جميع حروب إسرائيل، مشيرة إلى أن الإقبال على العلاج النفسي سيتضاعف في المستقبل القريب بسبب العدوان، وفق ما نقله تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، نشر الإثنين 18 ديسمبر/كانون الأول 2023.
تُظهر بيانات الدراسة أن نحو 60% من الإسرائيليين الذين ليسوا ضمن أول دائرتين لضحايا الحرب، أصيبوا باضطراب الإجهاد الحاد الذي قد يتطور إلى اضطراب ما بعد الصدمة، وهؤلاء إسرائيليون ليسوا من سكان قطاع غزة أو المدن المتضررة ولم يتعرضوا لأذى جسدي أو ضرر في ممتلكاتهم، ولم تتعرض أفراد عائلاتهم للأذى أو القتل أو الاختطاف منذ بداية الحرب.
بينما يعزو الباحثون ذلك إلى أن الطبيعة غير المسبوقة لهذه الأزمة الأمنية، تسببت في ضغوط أكبر بسبب تسلل مقاتلي حماس، والصعوبات في الاستجابة الأمنية، والحوادث الأمنية التي أعقبتها.
الأعلى على الإطلاق
فقط أكدت الدكتورة سفيتلانا باسيليانسكي، محررة الدراسة، أن "النسبة المرتفعة لمن يعانون من اضطراب الكرب الحاد نتيجة للحرب الحالية هي الأعلى بين جميع العمليات والحروب الماضية في إسرائيل".
فيما أوضح الباحثون أن اضطراب الكرب الحاد هو اضطراب عاطفي نفسي ناجم عن التعرض لحدث ما تعرضاً مباشراً: مشاهدة حدث أو إصابة جسدية أو تلف في الممتلكات.
قد يكون سببه أيضاً التعرض غير المباشر لحدث صادم، مثل عبر وسائل الإعلام، ويظهر هذا الاضطراب بعد ثلاثة أيام إلى شهر من وقوع الحدث، ويسبب القلق والخوف والاكتئاب والتعرض المتكرر للحدث الصادم، مثل ذكريات الماضي والكوابيس ليلاً وتحاشي التفكير في الحدث أو الاقتراب من مكان وقوعه لتقليل مستويات الاضطراب النفسي، وله أيضاً أعراض فسيولوجية، مثل تسارع معدل ضربات القلب، وزيادة إفراز هرمونات التوتر.
يقول الباحثون كذلك، إن "كل هذه الأمور تسبب صعوبات كبيرة في الأداء اليومي". ووجد الباحثون أيضاً أنه مع ارتفاع عمر المشاركين، تنخفض احتمالات الإصابة باضطراب الكرب الحاد.
الطلب سيرتفع
تهدف الدراسة، التي أشرفت عليها الدكتورة باسيليانسكي والدكتور وفاء صوان من كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حيفا، إلى تقييم مدى انتشار اضطراب الكرب الحاد بين الإسرائليين وتحديد المؤشرات المحتملة، خاصة لمن لم يتعرضوا لأحداث مؤلمة تعرضاً مباشراً.
كشفت الدراسة أن 60% من المشاركين مصابون باضطراب الكرب الحاد، وهو رقم مرتفع بشكل غير اعتيادي بالنسبة لسكان لا يتعرضون بشكل مباشر للأحداث المرتبطة بالحرب.
فيما يتوقع الباحثون ارتفاع الطلب على العلاج النفسي والمساعدات الصيدلانية في المستقبل القريب، ما قد يشكل ضغطاً محتملاً على منظومات العلاج.
كذلك، أظهرت دراسات أكاديمية حديثة أخرى زيادة كبيرة في الاضطرابات النفسية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، مع تضاعف معدلات الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة إلى 30%.
وارتفعت أيضاً معدلات الاكتئاب والقلق، حيث وصلت إلى قرابة 45% لكل منهما. وهذه المستويات المرتفعة من الاضطرابات النفسية تزيد المخاوف إزاء قدرات الرعاية النفسية في إسرائيل، التي كانت متأزمة بالفعل قبل الحرب.
تأثير"طوفان الأقصى"
تشير دراسة أجرتها جامعة تل أبيب وكلية تل حاي الأكاديمية، إلى انخفاض ملحوظ في مستويات التوتر لدى الجمهور الذي اعتاد "روتين الحرب"، خلال الشهرين الماضيين منذ اندلاع الحرب.
رغم هذا الانخفاض، تظل الأرقام الحالية أعلى من أرقام العمليات الأمنية السابقة مثل عملية الجرف الصامد.
وهذه الدراسة، التي أشرف عليها البروفيسور شاؤول كيمتشي، والبروفيسور بروريا إديني، والبروفيسور يوهانان إيشيل، والدكتورة هداس مارسيانو، استطلعت آراء 2002 من البالغين الناطقين بالعبرية في قياسين: أحدهما في أكتوبر/تشرين الأول بعد اندلاع الحرب، والآخر بعد نحو شهرين.
ظهرت في القياس الأول نسب مرتفعة من أعراض التوتر (18% مرتفع، 46% متوسط، 36% منخفض)، فيما أظهر القياس الثاني نسباً منخفضة منه (13% مرتفع، 40% متوسط، 47% منخفض). ومع ذلك، مقارنة بالعمليات العسكرية السابقة، لا تزال مستويات التوتر مرتفعة.