كشفت مشاهد جديدة بثها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، الآثار المروعة التي خلفها اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي لمدينة طولكرم ومخيم "نور شمس" شمال غربي الضفة الغربية، والذي بدأ في وقت متأخر من مساء السبت 16 ديسمبر/كانون الأول 2023، ودام لعشر ساعات متواصلة، وأدى إلى سقوط شهداء وجرحى ودمار كبير في المنازل والبنية التحتية.
يوجد بمدينة طولكرم مخيمان هما "مخيم طولكرم" في شرق المدينة بعدد سكان نحو 11 ألف نسمة، ومخيم "نور شمس" على الشارع الرئيسي الواصل بين مدينتي نابلس (شمال) وطولكرم بعدد سكان 7 آلاف نسمة، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
اقتحامات وحملة اعتقالات
فقد أظهرت مقاطع فيديو نشرها إعلام فلسطيني، آليات عسكرية ترافقها جرافتان داخل المدينة، قبل أن تتبعها مزيد من التعزيزات العسكرية باتجاه المدينة ومخيميها.
يقول شهود عيان إن الجيش طوّق بداية الاقتحام مخيم نور شمس، في وقت سمعت فيه أصوات انفجارات وإطلاق نار، من حين لآخر.
كما ذكر الشهود أن الجيش الإسرائيلي شن حملة اعتقالات كبيرة في المخيم، واقتحم عدداً كبيراً من المنازل.
وأكدوا وقوع اشتباك مسلح بين مقاومين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي، وسماع أصوات انفجارات في عدد من أحياء المخيم، "كما تم قصف موقع في المخيم بطائرة مسيرة".
فقد تعرض المخيم لعدة اقتحامات منذ مطلع العام الجاري، أبرزها اقتحام 19 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استمر نحو 30 ساعة، مخلفاً 13 قتيلاً وأكثر من 30 جريحاً ودماراً كبيراً في المنازل والبنية التحتية.
فبموازاة حرب مدمرة يشنها على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كثف الجيش الإسرائيلي عملياته في الضفة الغربية المحتلة؛ ما أسفر أيضاً حتى الأحد، عن مقتل 297 فلسطينياً وإصابة نحو 3430، بحسب مصادر رسمية فلسطينية.
تدمير وتخريب
في السياق، قال طه الإيراني، من مجلس خدمات مخيم نور شمس، إن الاقتحام الإسرائيلي خلف "دماراً كبيراً في البنية التحتية والمنازل".
كما أضاف: "كما في اقتحامات سابقة، تم تجريف البنية التحية بالجرافات في منطقتي المنشية وجواد الصالحي، ومناطق جرفت سابقاً، وتم تدمير 4 منازل بشكل جزئي، أحدها يعود لعائلة الشهيد محمود جابر"، مشيراً إلى "عبث وتدمير لعدد من البيوت من الداخل".
من جانبه، قال يونس شحادة، مالك أحد البيوت التي تعرضت للتخريب، إن الجيش الإسرائيلي اقتحم بيته وقام بأعمال تخريب لكل شيء.
وأضاف: "فاتو (دخلوا) الجيش ما خلو (لم يتركوا) أي شيء يستفاد منه، خربوا حتى الجدران (…) مع ذلك نقول: الحمد لله، وكل شيء سيعوض بإذن الله".
فيما قال المواطن عبد الرحمن مقبل، بينما كان يقف على أنقاض جزء من منزله، إن ما حدث الليلة الماضية هو "ما يحدث منذ شهور في غزة ونابلس وجنين".
وأضاف أن "سكان المخيمات مستهدفون، لأن المخيمات في الضفة عنوان للقضية الفلسطينية، ولأن كل من يسكنها لاجئون"، معتبراً أن ما يجري في المخيم عبارة عن "ضغط على اللاجئين حتى ينهوا قضيتهم، ولكن هذه القضية لا يمكن أن تنتهي".
ثم تابع: "عمري 72 عاماً ولن أغير من قناعتي وتمسكي بحق العودة إلى دياري التي هجرت منها عام 1948″، مضيفاً: "هذا جيل يُستشهد وروحه على كفه، نحن ذكوراً وإناثاً كباراً وصغاراً فداء لهذا الوطن".
اشتباكات مسلحة
من جانبها، أعلنت "كتائب شهداء الأقصى" المحسوبة على حركة "فتح"، عن خوض عناصرها اشتباكات مسلحة مع القوة الإسرائيلية المقتحمة للمخيم.
كما أضافت في بيان على قناتها بمنصة تيلغرام، أن عناصرها "تصدوا للقوات المقتحمة لمدينة طولكرم ومخيماتها من خلال عبوات الأمير1 وعبوات الجهاد".
كذلك، قالت في بيان آخر: "نطمئنكم بأن جنودكم ومقاتليكم في أحسن حال وعلى أهبة الاستعداد دائماً، ومعنوياتهم عالية جداً، ويكبدون العدو خسائر كبيرة على كل محاور الاشتباك".
فيما أوضحت الكتائب أن الاشتباكات جرت "على كافة المحاور في المدينة الصامدة ومخيماتها".
إعاقة طواقم الإسعاف
في بيان لها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن "حصيلة شهداء طولكرم بلغت 5 وهم: غيث ياسر شحادة (19 عاماً)، محمود سامر جابر (21 عاماً)، وليد عبد الرازق أسعد زهرة (22 عاماً)، أسعد فتحي أسعد زهرة (33 عاماً)، جهاد حاتم عمارنه (23 عاماً)".
طيلة فترة الاقتحام، تعرضت طواقم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني للإعاقة، ما حال دون وصولها إلى بعض المصابين في الوقت المناسب، وفقاً لسلسلة بيانات للجمعية، اطلعت عليها الأناضول.
كما أضافت أن "قوات الاحتلال منعت طواقم الإسعاف من الدخول لمخيم نور شمس لنقل الإصابات رغم التنسيق من خلال اللجنة الدولية للصليب الأحمر".
وذكرت أن الجيش الإسرائيلي "اعتقل مصاباً نقلته طواقمها من مكان القصف داخل مخيم نور شمس" قبل إطلاق سراحه لاحقاً وتسلميه لها.
وأعلنت الجمعية "استشهاد مصاب كانت إصابته خطرة في الرأس بمخيم نور شمس، جراء منع قوات الاحتلال طواقم الإسعاف من الدخول للمخيم لنقله رغم التنسيق من خلال الصليب الأحمر".
في حادثة منفصلة، ذكرت الجمعية أن "قوات الاحتلال اعتقلت متطوعاً من سيارة الإسعاف في أثناء الذهاب لنقل حالة مرَضية من المخيم عقب التنسيق من خلال الصليب الأحمر ".
يشار إلى أنه منذ أكثر من عام تتعرض مخيمات الضفة الغربية لاقتحامات إسرائيلية، أبرزها مخيم جنين (شمال) الذي تعرض للاقتحام أكثر من 16 مرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، إضافة إلى مخيمي "بلاطة" و"عَسكر" بمدينة نابلس.
وبموازاة حرب مدمرة يشنها على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كثف الجيش الإسرائيلي عملياته في الضفة الغربية المحتلة؛ ما أسفر حتى الأحد عن مقتل 297 فلسطينياً وإصابة نحو 3430 واعتقال 4520، بحسب مصادر رسمية فلسطينية.