تجتاح العواصف المطيرة والرياح العاتية قطاع غزة الساحلي، وتتسبب في اقتلاع الخيام وإغراق من ليس لديهم مأوى يُذكر في أزمة هجّر فيها العدوان الإسرائيلي نحو 1.8 مليون فلسطيني، ويفاقم حلول الشتاء الوضع الكارثي بالفعل، الذي انهار فيه نظام الرعاية الصحية في غزة بأكمله تقريباً.
صحيفة The Guardian البريطانية نقلت في تقرير لها الأحد 10 ديسمبر/كانون الأول 2023، الواقع الأليم لسكان غزة، وقالت إن النساء يلدن في الخيام دون تعقيم. ويؤدي الدخان المنبعث من حرق الأخشاب إلى تفاقم أمراض الجهاز التنفسي. ويضطر المحتاجون إلى الدواء إلى البحث عنه في قرابة 10 صيدليات ودون جدوى في أحيان كثيرة.
أوضاع كارثية للنازحين في غزة
قال محمود أبو ريان، النازح من بلدة بيت لاهيا الشمالية إلى رفح: "الجو بارد جداً، والخيمة صغيرة جداً. كل ما أملكه هو الملابس التي أرتديها، وما زلت لا أعرف ما سنفعله بعد ذلك".
أضافت سعاد قرموط، وهي سيدة فلسطينية أجبرت هي الأخرى على مغادرة بيت لاهيا: "نحن نعيش هنا في البرد القارس. لا حمامات، وننام على الرمال، وأنا مريضة سرطان".
كما يروي الفلسطينيون الذين نزحوا إلى رفح مؤخراً قصصاً شبيهة: طقس بارد، وتكدس شديد وظروف غير صحية، ونقص في الغذاء والمأوى اللائقين.
فيما تتزايد الأمراض المعدية بصورة مثيرة للقلق، وفقاً لبيانات المراقبة التي نشرتها منظمة الصحة العالمية. ومن هذه الأمراض الإسهال المصحوب بالدم، والتهابات الجهاز التنفسي، واليرقان، والتهاب الكبد الوبائي (أ)، والتهاب السحايا.
رعاية صحية منعدمة
يؤدي النقص في المضادات الحيوية إلى زيادة الوفيات الناجمة عن الالتهابات بعد العمليات الجراحية بين الجرحى. والمصابون بأمراض مزمنة، ولا يستطيعون الحصول على الرعاية والأدوية، يموتون في كثير من الأحيان دون تسجيلهم في قائمة ضحايا الحرب.
كانت والدة رمزي س (54 عاماً) التي نزحت من شمال غزة إلى رفح، واحدة من هذه الحالات.
قال رمزي لصحيفة The Guardian: "توفيت والدتي الأسبوع الماضي. كانت مصابة بارتفاع ضغط الدم والسكري. ونحن نعيش ظروفاً سيئة في أحد ملاجئ الأونروا في رفح. نعيش في خيام، ونفتقر إلى أبسط الأشياء التي نحتاجها، ويصعب الحصول على أي شيء".
كما أضاف: "كبار السن لا يمكنهم تحمل هذه الظروف. وفي حالتنا هذه تعجز المستشفيات عن التعامل مع ما نسميه بالأمراض العادية، فهي تمتلئ بمئات المصابين وما زالت تستقبل غيرهم يومياً. حتى الجرحى ينتشرون في ساحات المستشفيات لأن جميع الأسرّة ممتلئة".
بينما قال ليو كان من منظمة أطباء بلا حدود: "الظروف مزرية. والناس مكدسون، ثم هناك نقص في المياه النظيفة والمياه المتوفرة ملوثة. ولأن الناس يرغبون في الحفاظ على ما لديهم من مياه، يقللون من الاغتسال".
فيما تقول حنين وشاح، التي كانت مديرة مشروع في منظمة أكشن إيد في مستشفى العودة المحاصر الآن في شمال غزة، ونزحت إلى رفح في بداية الحرب: "التهاب الكبد الوبائي يتفشى بين النازحين داخلياً؛ لأن الملاجئ لم تكن مصممة لاستقبال آلاف الأشخاص. وهناك آلاف آخرون ينامون في الشوارع بلا مأوى".
الشتاء يثير قلق سكان القطاع
مع إعلان إسرائيل اعتزامها مواصلة هجومها حتى نهاية يناير/كانون الثاني، فحلول فصل الشتاء هو ما يثير قلق كثيرين ممن يعيشون في وضع بائس بالفعل.
قالت حنين: "الشتاء! إذا لم يمت الناس في القصف، فسيموتون في الشوارع. جميعنا ندعو أن تحدث معجزة ويتأخر فصل الشتاء. الوضع صعب بالفعل دون مطر وعواصف. وحين يهطل المطر سيموت الناس".
ما يفاقم هذا الوضع أن كثيرين ممن فروا جنوباً في الأسابيع الأولى من الهجوم الإسرائيلي على غزة هربوا بملابسهم الصيفية فقط وسط خريف دافئ على غير العادة. ومع افتقارهم إلى الملابس الشتوية والبطانيات وحتى مراتب النوم، يتضاعف الخطر عليهم.
في رسالة صوتية، حصلت عليها صحيفة The Guardian، تحدثت رنا، التي تعيش في خيمة مع أطفالها، عن عاصفة اجتاحتهم مؤخراً. وقالت: "كان أطفالي خائفين جداً من العاصفة التي كادت أن تقتلع الخيمة، وكنا نتجمد من البرد. والأطفال كانوا يرتجفون من شدة البرد، ولم أتمكن من إيجاد بطانية لتغطيتهم".
كما أضافت: "أعطونا بطانيات، لكنها كانت خفيفة جداً ولا تدفئنا. والسترات والملابس الشتوية غير متوفرة، لا نعرف ماذا نفعل. لا فراش لننام عليه، وننام على الأرض والأرض من تحتنا شوك. وكل أطفالي صغار، وزوجي ليس هنا وأنا وحدي".