شهدت عواصم أوروبية منها باريس وفيينا وبروكسل ولندن، السبت 9 ديسمبر/كانون الأول 2023، مسيرات ضخمة داعمة لفلسطين، وطالبت بوقف إطلاق نار في قطاع غزة فوراً، حيث شارك بها عشرات الآلاف رغم البرد والأمطار الغزيرة.
ففي باريس، اجتمع المتضامنون مع فلسطين في ميدان "الجمهورية"، مطالبين بوقف فوري لإطلاق النار بقطاع غزة، وحملوا بأيديهم الأعلام الفلسطينية، مطلقين شعارات من قبيل "إسرائيل القاتلة، ماكرون شريكها في القتل"، و"يحيا كفاح الشعب الفلسطيني".
فيما شهدت العاصمة النمساوية فيينا، مسيرة حاشدة للمطالبة بإنهاء الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي تسببت في مقتل نحو 18 ألف فلسطيني.
وتجمع آلاف الأشخاص أمام دار الأوبرا، رافعين علم فلسطين ولافتات كتب عليها "أوقفوا الاحتلال في غزة"، و"وقف إطلاق نار دائم"، و"إسرائيل الإرهابية".
وحمل بعض المتظاهرين أكفاناً مصممة للأطفال وتوابيت للفت الانتباه إلى أكثر من 7 آلاف طفل فلسطيني قتلوا في غزة جراء الهجمات التي تشنها إسرائيل.
الطبيبة النمساوية كلوديا هيليج، قالت للأناضول خلال المظاهرة: "لا أفهم لماذا الجميع ليسوا هنا، لماذا ليست فيينا بكاملها هنا تنزل إلى الشوارع وتطالب بوقف المجازر".
وأضافت هيليج: "هل يمكنكم أن تتخيلوا عدد الأطفال والنساء والرجال الذين يقتلون يومياً؟ شخصيات معروفة تتحدث عن الإبادة الجماعية. نحن بحاجة إلى الوقوف ضد هذا".
من جهتها، قالت الحقوقية سيسي كوترير، وهي من محرري مجلة "فريلاند ماغازين"، إنها زارت غزة عام 1988 وشهدت الانتفاضة الأولى في فلسطين.
وذكرت كوترير أنها شاركت في المسيرة للدفاع عن حريات الشعب الفلسطيني وكافة شعوب العالم، وأن الوضع في غزة حالياً مروع للجميع أطفالاً ونساء وكباراً.
كما شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل، السبت، تنظيم مراسم تأبين لضحايا الهجمات الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية بفلسطين.
وجاءت مراسم التأبين التي شارك فيها نحو مئتي شخص أمام محطة القطار المركزية، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان الموافق 10 ديسمبر/كانون الأول من كل عام.
ورفع الحاضرون في المراسم الأعلام الفلسطينية، ورغم المطر شكلوا عبر الشموع اسم "غزة" على الأرض، كما رددوا هتافات من قبيل "إسرائيل إرهابية" و"هدنة فوراً".
وقد تحدى عشرات الآلاف من البريطانيين، الطقس البارد في العاصمة لندن، يوم السبت 9 ديسمبر/كانون الأول 2023 وخرجوا في مظاهرات حاشدة، احتجاجاً على عمليات القتل الجماعي والتي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، والمطالبة بوقف دائم لإطلاق النار.
مظاهرة تونس
فيما شارك عشرات الأشخاص بالعاصمة تونس في مسيرة نصرةً للقضية الفلسطينية وتنديداً بـ"انتهاك حقوق الإنسان" في قطاع غزة.
ونظمت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان (منظمة حقوقية) بمشاركة عدد من السياسيين التونسيين ونشطاء بالمجتمع المدني المسيرة بمناسبة إحياء الذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الموافق 10 ديسمبر/كانون الأول من كل عام.
وانطلقت المسيرة من ساحة حقوق الإنسان وصولاً إلى شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية، حيث رفع المحتجون شعارات أبرزها "لا للتضييق على الحريات" و"كل الحقوق لكل الناس" و"حريات حريات".
وقال رئيس الرابطة بسام الطريفي، خلال المسيرة للأناضول: "نريد إيصال رسالتين الأولى للخارج لنقول للغرب يجب عدم الكيل بمكيالين في ما يتعلق بحقوق الإنسان؛ لأن ما يجري في غزة من انتهاكات هي جرائم تصل إلى جرائم إبادة جماعية وتهجير قسري".
وتابع: "أما الرسالة الثانية فنوجهها للداخل للتنديد بما يجري في تونس من قمع للحقوق السياسية والمدنية للمساجين السياسيين، إضافة للتضييقات التي تستهدف العمل الجمعياتي والحريات"، وفق تعبيره.
كما دعا الطريفي، إلى ضرورة "سحب المرسوم 54 واعتبره سيفاً مسلطاً على رقاب التونسيين ويستهدف حرية الصحافة والإعلام".
وفي سبتمبر/أيلول 2022، أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد المرسوم 54 المتعلق بجرائم الاتصال وأنظمة المعلومات، الذي يفرض عقوبات على مروجي الشائعات والأخبار الكاذبة، في خطوة أثارت قلقاً واسعاً لدى الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وفي الفترة الأخيرة، أحيل عدد من الصحفيين التونسيين إلى القضاء، بعضهم أطلق سراحه وآخرون ما زالوا في حالة إيقاف، على خلفية كتابة مقالات أو تصريحات وفق حقوقيين تونسيين.
وشدد سعيّد، مراراً على استقلال المنظومة القضائية في بلاده، بينما تتهمه المعارضة باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين لإجراءات استثنائية بدأها في 2021، وأحدثت أزمة سياسية حادة في البلاد.
من جهته، أكد أنس حمادي رئيس جمعية القضاة التونسيين، خلال المسيرة، أن "ما يجري في غزة حالياً أعاد الحسابات في كل منظومة حقوق الإنسان العالمية".
وأوضح للأناضول، أن "إسرائيل تحظى بالحماية والدعم الغربي أما غزة فقد عرّت كل هذه المنظومة".
وأكد حمادي أنه "لا بد أن تنهض غزة مجدداً من تحت الركام وسننجح في دعم القضية الفلسطينية وتتبع هذا الكيان الصهيوني الغاصب في محكمة الجنايات الدولية".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى مساء السبت، 17 ألفاً و700 شهيد، و48 ألفاً و780 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية، و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.