كشفت صحيفة Globes الإسرائيلية، في تقرير لها الأربعاء 6 ديسمبر/كانون الأول 2023، أن هجمات الحوثيين، التي اشتدت يوم الأحد 4 ديسمبر/كانون الأول، تثير قلقاً في قطاع الشحن الإسرائيلي، كما أنها تثير أيضاً قلقاً مصرياً من تأثر اقتصادها بسبب تداعيات هذه الهجمات على حركة قناة السويس، وذلك بعد أن أجبرت شركة Zim الإسرائيلية بالفعل على تغيير مسار بعض سفنها إلى طريق حول أفريقيا لتصل إلى إسرائيل، كما اتخذت شركة "ميرسك" الدنماركية خطوة مماثلة مع سفينتين استأجرتهما عبر XT من حيفا، ومن المتوقع أن يستمر هذا التوجه.
تقول الصحيفة العبرية، إنه في حين أن القلق الرئيسي في إسرائيل هو التأخيرات وزيادة تكلفة سلاسل التوريد، يسود قلق في مصر من تداعيات هذه الهجمات على قناة السويس، لأنه حين لا تدخل سفينة البحر الأحمر، لا تدخل القناة أيضاً.
ممر حيوي
ويمر عبر القناة نحو 12% من التجارة العالمية، و5% من النفط الخام، و8% من الغاز الطبيعي المسال، و10% من المنتجات النفطية، وهي البوابة الشمالية للبحر الأحمر، حيث يتمركز الحوثيون. وتُعد مصدراً مهماً للدخل القومي في مصر، حيث تمر عبرها في المتوسط 50 سفينة يومياً وتشكل 30% من حركة الحاويات في العالم.
في العام المالي 2022-2023، بلغ دخل مصر من القناة 9.4 مليار دولار، بعد أن كان 8 مليارات دولار العام السابق. وفي الوقت نفسه، سمح التعافي من كورونا لمصر، بحسب البنك الدولي، بإنهاء عام 2022 بنمو اقتصادي بنسبة 6.6%.
كذلك، خلال النصف الأول من العام المالي الماضي، ارتفع نصيب قناة السويس في الناتج المحلي الإجمالي المصري إلى نحو 2.91 مليار دولار، وهذا يمثل قفزة بنسبة 75% على المستوى السنوي، وبعدها- بين يوليو/تموز وديسمبر/كانون الأول- شكلت قناة السويس نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي المصري.
"الخوف من حرب إقليمية"
يقول الدكتور أوفير ونتر، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي (INSS) بجامعة تل أبيب لصحيفة Globes: "من مخاوف مصر الرئيسية أن تتحول الحرب بين إسرائيل وحماس إلى حرب إقليمية، وتزعزع استقرار الشرق الأوسط، وتؤثر سلباً على وضعه الأمني والاقتصادي".
كما أضاف: "من الناحية الاقتصادية، تضاف الحرب في غزة إلى الصدمات الخارجية التي تعرضت لها مصر في السنوات الأخيرة على خلفية جائحة كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا. ويتركز هذا الضرر الواضح على 3 مصادر رئيسية للعملة الأجنبية في البلاد: الطاقة والسياحة وقناة السويس. وكانت القناة جانباً إيجابياً في الاقتصاد المصري في السنة المالية 2022-2023. ويرتبط تعزيز جاذبية محور القناة لحركة الملاحة البحرية العالمية، من بين أمور أخرى، بزيادة النفط وأسعار الوقود".
بسبب هذا الاعتماد المتزايد على قناة السويس، تستثمر إدارة السيسي نحو 4% من إجمالي استثمارات الدولة فيها. ونمت هذه الاستثمارات في النصف الأول من العام الماضي بنسبة 25% إلى نحو 390 مليون دولار. لكن مصر بلد متخم بالديون. فبينما زادت الاستثمارات في القناة، تقدمت القاهرة العام الماضي بطلب إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، لكنها لم تستوفِ الشروط. ولذلك كان الحل الذي اتُّفق عليه في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي قرض بقيمة 3 مليارات دولار موزعة على 46 شهراً.
فيما يبلغ حجم ديون مصر لصندوق النقد اليوم نحو 12 مليار دولار، وهو ثاني أعلى رقم في العالم، وذلك بعد أن سددت مؤخراً 418 مليون دولار "فقط". وبالمقارنة، تدين أوكرانيا، التي تخوض حرباً بنطاق تاريخي، لصندوق النقد الدولي بنحو 8.7 مليار دولار.
خسائر بملايين الدولارات
هذه الهجمات التي ينفذها الحوثيون سترفع معدل المخاطر لطريق الشحن في البحر الأحمر، الذي ليس قريباً من اليمن فحسب، ولكنه أيضاً الطريقة الوحيدة للوصول إلى قناة السويس، أو مغادرتها والاستمرار باتجاه المحيط الهندي، ومنه إلى الشرق الأقصى. وبتعطيلها مسار الشحن وتمديدها سلاسل التوريد، فهذه الهجمات قد تسبب خسائر مالية بملايين الدولارات، وستضر أيضاً بإيرادات مصر من القناة بشكل مباشر.
المواطنون المصريون سيتوجهون يوم الأحد المقبل 10 ديسمبر/كانون الأول إلى صناديق الاقتراع. ولا يُتوقع أن يتغير موقف الرئيس عبد الفتاح السيسي، لكنه يحتاج إلى دخل قناة السويس. فبدون ذلك قد تتفاقم أزمة الديون في مصر.
يقول ونتر في ختام حديثه: "مصر تعتبر ضمان حرية وأمن الملاحة من باب المندب إلى قناة السويس مصلحة مركزية، وتدعم تسوية الأزمات التي قد تهددها، بدءاً من اليمن مروراً بالصومال، وانتهاء بالحرب في غزة".
قبل أن يضيف: "عام 2015، افتتح السيسي "قناة السويس الجديدة"، وهو مشروع قومي ضخم زاد الطاقة الاستيعابية لحركة السفن فيها، واستثمر فيها نحو 8 مليارات دولار. وكان الهدف من الجهود المصرية لتحسين العلاقات مع إيران مؤخراً، من بين أمور أخرى، منع النشاط العدائي في باب المندب من جانب الحوثيين، للحفاظ على حرية الملاحة في البحر الأحمر على طريق قناة السويس".