كشفت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، الأحد 3 ديسمبر/كانون الأول 2023، عن تصاعد الخلاف بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، مشيرة إلى وجود خلافات قديمة بينهما، وزادت من تعميقها الحرب على غزة.
جاء ذلك غداة إعلان نتنياهو، مساء السبت 2 ديسمبر/كانون الأول 2023، أنه اقترح على وزير الدفاع عقْدَ مؤتمر صحفي مشترك، لكن الأخير "اختار ما اختار"، في إشارةٍ إلى رفضه، فيما بدا كأنها "خلافات بينهما".
"خدعة" نتنياهو
تقول الصحيفة إن "رئيس الوزراء فضّل عدم مشاركة أعضاء مجلس الحرب (غالانت والوزير بيني غانتس) في الإنجاز الكبير الذي تحدث عنه، وهو إعادة المختطفين (من غزة)".
ثم تُتابع أنه تم بالفعل استدعاء غالانت للاجتماع، لكنه حدث في الوقت الذي قرر فيه مكتب وزير الدفاع عقد مؤتمر صحفي خاص به، وكان قد أرسل دعوة لوسائل الإعلام.
الصحيفة قالت إن "الأسابيع الماضية كانت صعبةً ومليئة بالأسئلة المعقدة، واعتمد نتنياهو على فريق الدعم الدائم الذي ظهر كل ليلة: وزير الدفاع غالانت والوزير غانتس".
كذلك اعتبرت الصحيفة أن "الانطباع العام الدائم كان أن الوزيرين الكبيرين موجودان هنا لإعطاء الدعم والثقل والشرعية للمتحدث الرئيسي نتنياهو".
قبل أن تستدرك قائلةً: لكن "هذه المرة (أمس) كان المحتوى مختلفاً، لم يأتِ رئيس الوزراء فقط لتوصيل الرسائل والإجابة عن الأسئلة الصعبة، بل كانت لديه الأخبار الطيبة، وهو أول إنجاز كبير منذ الفشل الذريع في 7 أكتوبر".
في ذلك اليوم، ورداً على "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته"، شنَّت حركة "حماس" هجوماً ضد مستوطنات غلاف قطاع غزة، فقتلت 1200 إسرائيلي وأصابت 5431 وأسرت نحو 239، بادلت العشرات منهم خلال هدنة إنسانية مع إسرائيل، التي تحتجز في سجونها نحو 7800 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.
فيما يشنّ الجيش الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حرباً مدمرة على غزة، تخللتها هدنة لمدة 7 أيام، خلّفت 15 ألفاً و207 قتلى فلسطينيين و40 ألفاً و652 جريحاً، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
فجوة عميقة
الصحيفة أوضحت أن هذا الإنجاز هو "إطلاق سراح 110 رهائن من غزة كجزء من الصفقة (مع حماس). وهذه المرة فضَّل نتنياهو عدم مشاركة هذا الإنجاز الكبير مع أعضاء مجلس الوزراء الحربي، لذلك لم تتم دعوة الاثنين (غالانت وغانتس)".
بحسب الصحيفة "زعم مكتب نتنياهو أنه تمت بالفعل دعوة غالانت، وتم تسليم الدعوة إلى مكتبه".
كما رأت أن "الاختلاف بين روايات المكتبين تشير إلى الفجوة القائمة بين نتنياهو وغالانت، الفجوة التي نشأت قبل وقت طويل من 7 أكتوبر، وهي آخذة في التزايد".
يذكر أنه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حمّل نتنياهو، في تغريدة، الجيشَ وأجهزة المخابرات المسؤولية عن الفشل في توقع هجوم "حماس" في السابع من ذلك الشهر، لكن حذف التغريدة لاحقاً واعتذر عن الأمر، تحت وطأة انتقادات من داخل الحكومة وخارجها.
قبل ذلك بأيام كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن وجود خلافات بين نتنياهو وكبار المسؤولين في الجيش، بشأن التقييمات والخطط والقرارات.
بدايات الخلافات
تقول الصحيفة إن الصدع بينهما "نشأ خلال (تمرير خطة الحكومة لما يُسمى) الإصلاح القانوني، فقد اشتبه نتنياهو وحاشيته بغالانت (كمعارض للخطة)، وبرزت الادعاءات في نقاشات الدائرةِ الأقرب لرئيس الوزراء، بأن وزير الدفاع يقف إلى جانب الجيش والمعارضين أكثر من مرة".
قبل أن تتابع أنه "منذ ذلك الوقت ازداد الوضع سوءاً قبل أحداث 7 أكتوبر بقليل.. واليوم لا يستطيع أحد التنبؤ بالمستقبل، لا في ميدان المعركة، ولا في المجال السياسي. ومن المحتمل أن يحتفظ وزير الدفاع بمنصبه في اليوم التالي (بعد الحرب)، ومن المحتمل ألا ينجو أحد من قادة البلاد من كارثة 7 أكتوبر".
يحدث هذا في الوقت الذي تسود فيه توقعات في إسرائيل بأن تحقيقات مرتقبة بشأن المسؤولية عن الفشل في مواجهة أحداث 7 أكتوبر ستطيح بحكومة نتنياهو، التي تتولى السلطة منذ نحو عام، وتقود إلى إجراء انتخابات مبكرة.
الصحيفة الإسرائيلية ختمت تقريرها بالتأكيد على أنه "حتى يتضح الوضع ويأتي اليوم التالي، سيواصل مسؤولان كبيران يرتديان الأسود ثنائيتهما الغريبة وهي: قيادة الحرب بينما يواجهان صراعاً داخلياً صعباً".
في 26 مارس/آذار 2023، أعلن مكتب نتنياهو إقالة غالانت من منصبه؛ على خلفية تصريحات للأخير طالب فيها بوقف التعديلات القضائية التي طرحتها الحكومة، والتي أدت إلى خروج تظاهرات ضخمة في البلاد، على اعتبار أنها تحد من صلاحيات المحكمة العليا في مراقبة السلطتين التنفيذية والتشريعية.
لكن نتنياهو تراجع وأعلن في 10 أبريل/نيسان الماضي الإبقاء على غالانت في منصبه.