رغم الأجواء الباردة ومماطلة الاحتلال الإسرائيلي في الإفراج عن الدفعة الثانية من الأسيرات والأشبال ضمن اتفاق الهدنة بين الاحتلال وفصائل المقاومة، تجمع آلاف الفلسطينيين عند "حاجز عوفر" غرب مدينة رام الله لانتظار أبنائهم المفرج عنهم، وسط ترقب وانتظار استمر لساعة متأخرة من الليل.
لكن في النهاية، تم الإفراج عن الدفعة الثانية من الأسرى وعددهم 39، بينهم ست أسيرات و33 طفلاً تقل أعمارهم عن 19عاماً، في أجواء من الابتهاج والتلويح بعلم فلسطين من الأُسر رغم إجراءات التشديد والمنع من قبل القوات الإسرائيلية.
يحمل كل شخص من هؤلاء الأسرى المحررين قصة مميزة تكشف حجم جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين دون أية معايير لعمرهم وصحتهم وحالتهم الاجتماعية.
إسراء الجعابيص.. رحلة الألم
من بين المفرج عنهم في الدفعة الثانية الأسيرة المريضة والجريحة إسراء الجعابيص، التي باتت أيقونة تجسد معاناة الأسيرات والأسرى الفلسطينيين الذين يعانون من سياسة الإهمال الطبي.
أصيبت إسراء بحروق بالغة وصلت إلى نسبة 50% من جسدها، وتشوه وجهها وظهرها إلى حد كبير، وبترت 8 أصابع في كلتا يديها. ظلت إسراء رهينة مماطلة الاحتلال ومنعه تقديم العلاج وإجراء عملية جراحية لها، على مدار سنوات رغم الآلام الشديدة التي تعاني منها.
إسراء أم لطفل وحيد اسمه معتصم، كان عمره 6 أعوام عندما اعتقلت، وأصبح الآن عمره 14 عاماً.
اعتقلت إسراء (38 عاماً)، في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2015، عندما كانت عائدة من منزل عائلة زوجها في مدينة أريحا إلى منزلها بجبل المكبر في القدس، حيث كانت تعمل بمدينة القدس يومياً.
كانت إسراء تنقل في سيارتها بعض الأغراض المنزلية عندما وصلت إلى حاجز الزعيم العسكري، لينفجر البالون الهوائي في السيارة، مما تسبب باشتعال النيران داخل السيارة، فاعتقلها الاحتلال منذ ذلك الوقت.
شروق دويات.. الأطول حكماً بين الأسيرات
بعد غياب ثماني سنوات عن الأهل تمكنت الأسيرة المحررة شروق دويات من احتضان عائلتها حتى أغمي على والدتها من شدة الفرح.
الأسيرة المقدسية المحررة دويات، وهي الأطول حكماً بين الأسيرات الفلسطينيات، حينما صدر بحقها حكم بالسجن 16 عاماً، وغرامة مالية بقيمة 80 ألف شيكل بعد اتهامها بتنفيذ عملية طعن.
بدأت قصة دويات في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2015، عندما كانت عائدة إلى منزلها في شارع الواد قرب المسجد الأقصى المبارك، قبل أن يحاول أحد المستوطنين نزع حجابها، ثم أطلق عليها 4 رصاصات وتركها تنزف على الأرض.
جاءت قوة من شرطة الاحتلال واعتقلتها وهي في حالة الخطر الشديد، وخضعت لعمليات نقل جلد وشرايين لإزالة التهتك الذي حصل في كتفها ورقبتها جراء الرصاص.
نورهان عواد.. الأسيرة الطالبة
نورهان عواد من مخيم قلنديا للاجئين الفلسطينيين شمال مدينة القدس المحتلة، دخلت السجن طالبة في الصف العاشر، لتخرج فتاة في الرابعة والعشرين من عمرها، مصابة بثلاث طلقات نارية بظهرها وبطنها.
رفضت عواد، الذهاب لمنزل عائلتها بعد الإفراج عنها، قبل أن تذهب إلى قبر صديقتها هديل عواد التي استشهدت أمام أعينها يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
نورهان نالت حكماً بالسجن ثلاثة عشر عاماً ونصف عام، وحصلت على تخفيض ثلاث سنوات، لكنها تمكنت من الحصول على الثانوية العامة داخل السجن والالتحاق بالجامعة.
عبد الهادي كميل.. الطفل المعزول
تنسم الطفل عبد الهادي عصام محمد كميل (16 عاماً)، الحرية بعد أن عاش ظروفاً غاية في الصعوبة أثناء فترة التحقيق والعزل في عزل سجن الجلمة بحجة حيازته للسلاح.
كميل كان طالباً في الصف الحادي عشر عندما انتزعه الاحتلال بداية هذا العام من صفه الدراسي بعد أن اقتحم بوحشيةٍ منزل عائلته وقلَبه رأساً على عقب بحجة التفتيش.
وكان جيش الاحتلال- بحسب رواية ذوي عصام- حاول فبركة العثور على سلاح بعد أن سحب أحد ضابط الجيش مسدساً من حقيبته وحاول إلصاق ذلك بالطفل، وعندما واجهته الأسرة بأنه هو من أخرج السلاح صمتَ. لكن ذلك لم يمنعه من اعتقاله وعزله وإخضاعه لتحقيق قاسٍ دون مراعاة أنه طفل.
ميسون موسى.. عميدة الأسيرات
نالت الأسيرة ميسون موسى حكماً بالسجن لمدة 15 عاماً بعد أن تأجلت محاكمتها لنحو أربع عشرة مرة قبل أن يصدر بحقها حكم فعلي.
لُقبت ميسون بعميدة الأسيرات في نهاية عام 2021، إذ أصبحت أقدم الأسيرات الفلسطينيات اللائي لا يزلن في السجون الإسرائيلية.
حرمها الاحتلال من إكمال دراستها الجامعية في تخصص الأدب الإنجليزي عقب اعتقالها في يونيو/حزيران 2015، حيث اعتدى عليها جنود الاحتلال بوحشية بحجة أنها طعنت مجندة على حاجز عسكري قرب مدينة بيت لحم.
عائشة الأفغاني.. التغلب على السجان بالعلم
استطاعت الأسيرة المقدسية عائشة الأفغاني التغلب على ظلم السجان وعتمة الزنازين فحولتها إلى نور العلم وحصلت على شهادة الثانوية العام، بينما تقضي حكماً بالسجن 15عاماً.
ولم تكتف الأسيرة بنيلها الثانوية العام، بل تعلمت رياضة كرة المضرب داخل السجن، وزاد حبها للقراءة والكتابة.
اعتقلت قوات الاحتلال عائشة في ديسمبر/كانون الأول 2016، في شارع الواد بالبلدة القديمة في القدس، بحجة حيازة سكين ونية القيام بعملية طعن.
ماطلت محكمة الاحتلال بحكمها وأجلت جلسات المحكمة 17 مرة، بمدة ثلاث سنوات قبل أن يصدر بحقها حكم بالسجن 15عاماً.
فدوى حمادة.. الحرمان من الأبناء لسنة ونصف
اعتقلت قوات الاحتلال الأسيرة فدوى حمادة من بلدة صور باهر جنوب القدس المحتلة، في أغسطس/آب 2017، بتهمة محاولة تنفيذ عملية طعن، وهي التهمة التي أنكرتها، حيث كانت في طريقها إلى طبيبها.
ورغم مماطلة الاحتلال بحكمها لـ18 شهراً، فإنها نالت حكماً بالسجن عشرين عاماً قبل أن تستأنف ويخفض الحكم إلى 10 سنوات.
عانت الأسيرة من حرمانها من زيارة أبنائها، وهي أم لخمسة أبناء، أصغرهم 4 أشهر وأكبرهم بلغ 8 سنوات، سنة ونصف سنة من الاعتقال حتى تمكنت حينها من رؤيتهم من خلف زجاج عازل يفصل بينهم.
اعتقلت حمادة بالقرب من أسرى جنائيين يتعمدون الطرق على الجدران والصراخ طول الليل بهدف حرمانها من الراحة والنوم، وتعرضت للعزل الانفرادي مرتين، وعاشت أوضاعاً صعبة في سجن الدامون، خصوصاً في أيام البرد.
ولم تكسر ظلمة السجون عنفوان الأسيرة حمادة التي دافعت عن إحدى زميلاتها الأسيرات، التي تعرضت لإهانة من أحد السجانين، لتتعرض للعزل 70 يوماً، وكسر قدمها.
حمادة أبو سمرة.. عدم حيازة تصريح يحول لقضية أمنية
اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الطفل حمادة سائد مصطفى أبو سمرة بينما لم يكمل عامه السابع عشر، في بداية عام 2022 من مكان عمله داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
ولكن الاحتلال بدلاً من احتجازه والإفراج عنه؛ لكونه طفلاً قاصراً حوّل قضيته إلى قضية أمنية، وهو ما اعتبره ذوه بأنه يهدف إلى الانتقام والعقاب، حيث إنه لم يعترف بأي من التهم الأمنية التي وجهت له.
واحتجز الاحتلال الطفل أبو سمرة بسجن مجدو، ومددت محكمة سالم توقيفه 3 مرات، وسط مماطلة متعمدة في تمديد توقيفه واعتقاله التعسفي ورفض طلب المحامي الإفراج عنه.
صامد خالد أبو خلف.. طفل رهن الاعتقال الإداري
الطفل صامد خالد أبو خلف (17 عاماً)، من مدينة نابلس، وهو يعاني من مرض في القلب. خضع للاعتقال الإداري في سجون الاحتلال حين أصدر الاحتلال قرارين بحقه لتحويله للاعتقال مرتين على التوالي.
وكان الاحتلال اعتقل الطفل أبو خلف بعد استدعائه للمخابرات بمعتقل حوارة في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2022، وعقدت له خمس جلسات لتقديم لائحة اتهام بحقه، ولكن تم تحويله للاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر.
كما جدد الاحتلال أمر الاعتقال الإداري بحقه للمرة الثانية لمدة أربعة أشهر خلال شهر أغسطس/آب الماضي.
وسياسة الاعتقال الإداري سياسة عقابية بحق الأسرى الفلسطينيين الذين لم يستطع الاحتلال إثبات تهمة محددة بحقهم، ويجري تمديد اعتقالهم إدارياً دون محاكمة، بحجة وجود ملف سري لدى مخابرات الاحتلال.