كشفت وثائق حصل عليها موقع The Intercept الاستقصائي الأمريكي، عن سرقة أسلحة ومعدات أكثر من مرة خلال الأعوام الماضية، من القواعد العسكرية الأمريكية في العراق وسوريا، وأشارت إلى أن "ميليشيات وعصابات" استهدفت القوات الأمريكية بشكل منظم.
الموقع ذكر السبت 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أن التحقيقات العسكرية التي بدأت في وقت سابق من هذا العام، خلصت إلى أن مواقع عسكرية أمريكية في العراق قد سُرقت منها "أسلحة ومعدات حساسة متعددة"، منها أنظمة إطلاق صواريخ موجهة، وطائرات مسيَّرة.
كان موقع The Intercept قد أورد في وقت سابق هذا العام أيضاً، أن القوات الأمريكية في العراق وسوريا سُرقت منها معدات عسكرية بمئات الآلاف من الدولارات بين عامي 2020 و2022.
بحسب الموقع الأمريكي، فعلى الرغم من أن الجيش الأمريكي لم يعلن قط عن السرقات التي تعرضت لها قواعده في العراق، فإن تفاصيل هذه السرقات وردت في ملفات التحقيقات الجنائية التي حصل عليها موقع The Intercept من خلال قانون حرية المعلومات.
في فبراير/شباط 2023، ورد بلاغ للمحققين العسكريين بأن 13 طائرة مسيَّرة تجارية، تبلغ قيمتها نحو 162.500 دولار، قد سُرقت من منشأة أمريكية في أربيل بالعراق، العام الماضي. ولم تذكر الوثيقة أيَّ جهة مشتبه فيها، ولم تتطرق إلى مزيد من التفاصيل.
كما كشف تحقيق آخر أن قاعدة العمليات الأمريكية المتقدمة "يونيون 3" في بغداد قد سُرقت منها "مجموعة متنوعة من الأسلحة والمعدات الحساسة"، منها وحدات رؤية تستخدم لصواريخ "غافلين" وقاذفات لهذه الصواريخ الموجهة المضادة للدروع، وبلغت تقديرات الخسائر التي تكبدتها الحكومة الأمريكية في هذه السرقات نحو 480 ألف دولار.
من جانبهم، استبعد المحققون أن تكون هذه السرقات ناجمة عن تواطؤ داخلي، وذكروا في ملف التحقيقات الجنائية أنهم "لم يتوصلوا إلى مشاركة موظفين أمريكيين فيها"، وزعموا أن "السكان المحليين هم أبرز المشتبه فيهم".
جاء في الوثيقة أن "المنظمات الإجرامية العراقية والميليشيات تستهدف قوافل وحاويات الأسلحة والمعدات"، و"تعرضت الحاويات الأمريكية خارج قاعدة (يونيون 3) لسرقات دورية على أيدي هذه المجموعات والمواطنين المحليين بسبب انعدام الأمن".
كان موقع The Intercept قد كشف في وقت سابقٍ هذا العام، أن القوات الأمريكية تعرضت لأربع سرقات كبيرة على الأقل، وخسرت أسلحة ومعدات في العراق وسوريا من عام 2020 إلى عام 2022.
اشتملت المعدات المسروقة على قنابل شديدة الانفجار عيار 40 ملليمتراً، وقذائف خارقة للدروع، وأدوات مدفعية ميدانية متخصصة، و"تركيبات أسلحة متكاملة"، ووقعت حادثتان من هذه الحوادث في قواعد أمريكية بسوريا، و3 حوادث في العراق.
لا تعرف أي جهة -وحتى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) على ما يبدو- عدد السرقات التي وقعت، لكن بحسب الموقع الأمريكي، فإن "فرقة العمل" التابعة لقوة المهام المشتركة، التي تشرف على العمليات العسكرية الأمريكية في العراق وسوريا، اعترفت في وقت سابق بأنها لا تعرف حجم المشكلة، وقال متحدث باسمها إن الفرقة ليس لديها سجل بالسرقات التي تعرضت لها القوات الأمريكية.
وسبق أن أشارت "منظمة العفو الدولية" ومجموعة "دراسات تسليح الصراعات" البريطانية إلى أن جزءاً كبيراً من ترسانة "تنظيم الدولة الإسلامية" يتكون من أسلحة وذخائر أمريكية الصنع أو مشتراة من الولايات المتحدة استولى عليها التنظيم أو سرقها أو حصل عليها بطريقة أخرى من جهات في سوريا والعراق.
يُشير الموقع إلى أنه من المفترض أن مهمة القواعد الأمريكية في العراق وسوريا هي "تنظيم المهام المضادة لتنظيم داعش"، إلا أن الخبراء يقولون إن هذه القواعد تستخدم في المقام الأول لكبح جماح إيران.
كانت القواعد الأمريكية في سوريا والعراق قد تعرضت منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لهجمات متوالية بالصواريخ والمسيَّرات، في غمار الحرب غير المعلنة بين الولايات المتحدة من جهة، وإيران وميليشيات تابعة لها من الجهة الأخرى.
الولايات المتحدة قالت إنها ردت على هذه الهجمات بشنِّ "ضربات دقيقة" على "منشأة تدريب ومنزل آمن" زُعم أن "الحرس الثوري الإسلامي الإيراني يستخدمه في سوريا"، كما استخدمت الولايات المتحدة طائرة الهجوم الأرضي الثقيلة "إيه سي 130" في الهجوم على "مركبة تابعة لميليشيا مدعومة من إيران، ومجموعة من المقاتلين الموالين لإيران" في مكان غير معلوم، على أثر هجوم صاروخي باليستي على قاعدة "الأسد" الجوية في غرب العراق.
في توضيحه لأسباب هذه الضربات الأمريكية، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، إن "الرئيس الأمريكي ليس لديه أمر أهم من سلامة الأفراد الأمريكيين"، لكن وثائق التحقيق الجنائي التي حصل عليها موقع The Intercept تُبين أن الولايات المتحدة لا تستطيع حتى تأمين معداتها، فضلاً عن حماية قواتها.
تقول ستيفاني سافيل، المديرة المشاركة بمشروع تكاليف الحرب بجامعة براون، لموقع The Intercept: "نحن لا نتحرى النظر في التأثيرات الممتدة لمثل هذا الحضور العسكري الأمريكي الموسع"، مضيفةً أن ما يحدث يشير إلى أن "ما يسمى حملة (الحرب على الإرهاب) لم تنته بعد، بل اتخذت أطواراً أخرى. ويمكننا أن نقول إن سرقات الأسلحة هذه إنما هي أحد التكاليف السياسية العديدة لاستمرار هذه الحملة".