يرفض الجيش الأمريكي الإفصاح عن القواعد العسكرية أو حتى الدول المضيفة لتلك القوات في الشرق الأوسط، مع نشر آلاف الجنود منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
بحسب ما نشره موقع The Intercept الأمريكي، الخميس 16 نوفمبر/تشرين الثاني، فإن الأمر لا يرجع لأسباب أمنية، بل هي رغبةٌ في رفع الحرج عن الدول المضيفة، مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد أمريكا وإسرائيل.
وفقاً للموقع الإخباري الأمريكي، تُعَد قاعدة موفق السلطي الجوية في الأردن واحدة من تلك القواعد، حيث استقبلت الشهر الماضي عدة طائرات إف-15 هجومية، وهي الطائرات نفسها التي قصفت المنشآت التي استخدمتها الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا مرتين على الأقل خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول. وجاء ذلك القصف في أعقاب الهجمات التي تعرضت لها القوات الأمريكية على يد جماعات مدعومةٍ من إيران.
ورغم الأعمال العدائية، رفض البنتاغون الاعتراف باستخدام القاعدة أو التعزيزات العسكرية التي تجري فيها لأسباب سياسية، على الرغم من أن زيادة الوجود والأنشطة الأمريكية هناك تساهم في تصعيد التوترات مع إيران.
يقول بروس ريدل، الزميل الأقدم غير المقيم في معهد Brookings Institution، لموقع The Intercept الأمريكي: "هناك مجموعة من العوامل المتشابكة التي تدفع الولايات المتحدة وإيران نحو الصراع العسكري المباشر، وضمن ذلك حشد القوات والأعمال الانتقامية بواسطة القوات الأمريكية، وكذلك استفزازات وكلاء إيران. الوضع خطير".
وتكشف السجلات الحكومية التي راجعها الموقع الأمريكي، وبيانات المصادر المفتوحة، أن قاعدة موفق السلطي تواصل تأدية دورها كقاعدة عسكرية أمريكية بعيدة عن الأنظار. كما تلعب دوراً محورياً في التوترات المتصاعدة مع إيران.
وسبق أن أوضح آرون شتاين في تقرير نشره معهد Foreign Policy Research Institute عام 2021: "المركز الرئيسي للعمليات الجوية الأمريكية في سوريا الآن هو قاعدة موفق السلطي الجوية في الأردن، لكن الوجود الأمريكي غير معترف به هناك؛ نظراً إلى حساسيات الدولة المضيفة".
وتحمل تلك القاعدة اسم الملازم أول الأردني موفق السلطي، الطيار الذي وافته المنية أثناء قتاله للقوات الجوية الإسرائيلية خلال صراع يتعلق بالضفة الغربية عام 1966. لهذا ليس من الصعب فهم السبب الذي يدفع الحكومة الأمريكية إلى إخفاء وجودها في تلك القاعدة الجوية عن العامة. يُذكر أن الأردن يستضيف أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني، وتشهد أراضيه احتجاجات شعبية واسعة ضد العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة حالياً.
مواقع غير معلنة
"نعم، موقع غير مُعلن في الشرق الأوسط"، هكذا كان رد السكرتير الصحفي للبنتاغون العميد بات رايدر، على مراسلٍ سأله عن موقع القوات الأمريكية التي جرى نشرها في المنطقة، وذلك خلال مؤتمر صحفي في شهر أكتوبر/تشرين الأول.
وعندما سأله مراسل آخر عن نشر القوات قائلاً: "هل يمكننا القول إنها في إحدى الدول العربية أو الخليجية؟"، أجاب رايدر: "حسناً، لا أستطيع التطرق إلى موقع بعينه".
بينما قال إلياس يوسف، محلل الأبحاث لبرنامج الدفاع التقليدي في Stimson Center: "تحاول واشنطن توفير درجةٍ من الإنكار المعقول للدول المضيفة، في وقتٍ أصبح الارتباط بالولايات المتحدة فيه يُمثل عبئاً سياسياً".
ورغم السرية، نشرت وزارة الدفاع صوراً تُظهر طائرات إف-15 وهي تحط في "موقع غير مُعلن". لكن باحثي المصادر المفتوحة سرعان ما حددوا موقعها الجغرافي وكشفوا أنها هبطت داخل قاعدة موفق السلطي الجوية.
وتُعَدُّ السرية سمة متفشيةً في ما يتعلق بالجهود الأمريكية المرتبطة بحرب إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
يُذكر أن الأدلة المرتبطة بقاعدة موفق السلطي متناثرة في السجلات الفيدرالية، وضمن ذلك الإشارة إليها في ملحق اتفاقية تعاون دفاعي مثيرة للجدل وقعتها الولايات المتحدة مع الأردن عام 2021. إذ أجازت تلك الاتفاقية طريقة عمل الجيش الأمريكي داخل البلاد، وقد مررها مرسوم ملكي دون الرجوع إلى البرلمان الأردني.
وكان الوجود الأمريكي بقاعدة موفق السلطي يتوسع حتى قبل الحرب في غزة. إذ شهد شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2021 إطلاق البنتاغون عملية ترقية كبيرة للقاعدة الجوية، من أجل "تحويلها إلى قاعدة أكثر استمرارية" بحسب مجلة Janes Defence Weekly الأمريكية.