يروي الأسير الفلسطيني السابق في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فؤاد حسن، المعاناة الكبيرة التي عاشها داخل السجون بعد اعتقاله بالضفة الغربية، عقب انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، ويستذكر الأسير عبارة "مرحباً بكم في الجحيم" التي قالها أحد حراس السجن الإسرائيليين لحسن، الذي تعرض داخل المعتقل للضرب والإساءة والإهانة قبل أن يتم إطلاق سراحه.
موقع Middle East Eye البريطاني قال الثلاثاء 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إن 10 أيام من الاعتقال كانت كافية لكي يشهد حسن البالغ من العمر 45 عاماً، أهوال أن يكون فلسطينياً في السجون الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
كانت مصلحة السجون الإسرائيلية قد أعلنت صباح الإثنين 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عن وفاة الأسير الفلسطيني عبد الرحمن مرعي في سجن مجدو، وهو المكان نفسه الذي تعرض فيه حسن لكسور في الأضلاع وكدمات في جسده.
كان مرعي، وهو أب لأربعة أطفال، في السجن منذ اعتقاله في فبراير/شباط الماضي وهو في طريقه إلى منزله بالضفة الغربية المحتلة عائداً من عمله في إسرائيل، وكان هو خامس فلسطيني يموت بالمعتقلات الإسرائيلية في ظروف غامضة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وضمن ذلك فلسطيني من غزة لا تزال هويته مجهولة.
لكن حسن لم يفاجأ بوفاة الأسير، نظراً إلى قسوة المعاملة التي يتعرض لها الأسرى منذ بدء الحرب على غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفي أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنته فصائل المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة، شنت إسرائيل حملة قصف متواصلة على غزة، إضافة إلى حملة قمع عنيفة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
منذ ذلك الحين، شن الجيش الإسرائيلي حملات اعتقال ومداهمات واسعة النطاق عبر البلدات والمدن الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، مما أسفر عن استشهاد العشرات.
يُشير الموقع البريطاني إلى أنه في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 2023، اقتحم عشرات الجنود الإسرائيليين منزل حسن في قُصرة بالضفة الغربية المحتلة، وهددوا العائلة بأكملها بالاعتقال إذا لم يقم شقيقه إبراهيم، الذي لم يكن حاضراً، بتسليم نفسه.
رفض إبراهيم، الذي سبق أن اعتُقِلَ مرتين وأُصيبَ برصاصة في الكلى على يد القوات الإسرائيلية في عام 2014، تسليم نفسه بسبب الروايات التي سمعها عن الانتهاكات التي ترتكب في السجون الإسرائيلية.
يقول حسن: "بعد يومين من تهديدنا، اقتحم عشرات الجنود منزلي ومنزل إخوتي العشرة، وقاموا بتخريب محتوياته، واعتقلوني بعد أن قيدوني وعصبوا عيني". وفي السيارة العسكرية، أثناء نقله من منزله، قام الجنود بضربه ببنادقهم على ظهره وذراعيه ورقبته.
احتُجِزَ حسن في معسكر حوارة العسكري، جنوب مدينة نابلس، لعدة ساعات. وهناك رأى عشرات المعتقلين ممددين على الأرض مقيدين ومعصوبي الأعين. وأضاف أن الجنود كان يضربونهم "بشدة وبلا رحمة".
بعد ساعات، نُقِلَ حسن و17 معتقلاً آخرين إلى سجن مجدو، حيث كانوا على وشك تجربة مستويات جديدة من الإهانة. وقال حسن: "بمجرد وصولنا إلى هناك، قال أحد حراس السجن: (مرحباً بكم في الجحيم)، لم نفهم ما يعنيه حتى بدأوا في ضربنا وتسببوا لنا في آلام رهيبة".
ثم نُقِلَ حسن إلى غرفة صغيرة، وقُيِّدَت يداه وقدماه. وقام أحد حراس السجن بضربه على رأسه مراراً حتى أُصيبَ بالدوار، ثم ضربه على ساقيه وظهره، مما أدى إلى إصابته بكدمات عميقة.
يقول حسن إنه "داخل الغرفة، علقوا العلم الإسرائيلي وأمروا كل أسير بتقبيله حتى يتمكنوا من تصويرهم. وعندما جاء دوري ورفضت القيام بذلك، فركلني الحارس بقوة في صدري، مما أدى إلى كسر ضلوعي. ثم حملني ووضع رأسي بالقرب من العلم والتقط لي صورة".
عندما رفض أسيرٌ آخر أيضاً تقبيل العلم، أمسك الحارس بيده وضغطها بقوة لدرجة أن حسن قال إنه سمع صوت كسر العظام.
كما وضع حراس السجن كلباً بوليسياً على أسير ثالث من جنين. وقال حسن إن بعض المعتقلين الذين تعرضوا للضرب كانوا في الستينيات من عمرهم.
يصف حسن احتجازه في سجن مجدو بأنه أسوأ من فترات السجن الثلاث السابقة، التي بلغ مجموعها 40 شهراً، والتي قضاها قبل عدة سنوات.
وتتبنى سلطات الاحتلال الإسرائيلية ما سماه الأسرى الفلسطينيون بسياسة التجويع داخل السجون، والتي تقضي بتقديم وجبتين فقط للأسرى في اليوم، مع تخفيض حصة الطعام في كل وجبة.
أفاد السجناء أيضاً بأنهم حصلوا على أرز نصف مطبوخ، وأكد حسن أنه: "لم يكن هناك علاج ولا متابعة طبية. أحد السجناء طلب علاج يده المكسورة، لكنهم أعطوه حبة مسكنة بعد أيام".
في سجن مجدو أيضاً، يُحشر 12 أسيراً في غرفة تحتوي أيضاً على مرحاض، بالكاد يتسع لستة منهم. ويضطر بعض المعتقلين إلى النوم على الأرض دون غطاء.
أشار الأسرى كذلك إلى أن مصلحة السجون الإسرائيلية صادرت قبل أسابيع، ملابس ومتعلقات الأسرى وألقتها في القمامة. ولم يبق لكل منهم سوى الملابس والأحذية التي كانوا يرتدونها في ذلك الوقت.
يأتي هذا فيما اعتقل الاحتلال ما لا يقل عن 2570 فلسطينياً من مدن مختلفة في الضفة الغربية دون سبب واضح كجزء من حملة الاعتقالات الجماعية الإسرائيلية، وقد روى العديد ممن أُطلِقَ سراحهم قصصاً مماثلة عن الانتهاكات الجسدية والنفسية والاعتداءات المتكررة وإجراءات التجويع في السجون الإسرائيلية، وفقاً للموقع البريطاني.
ولليوم الـ40، يشن جيش الاحتلال حرباً مدمرة على غزة، خلّفت 11 ألفاً و320 شهيداً فلسطينياً، بينهم 4650 طفلاً و3145 امرأة، فضلاً عن 29 ألفاً و200 مصاب، 70% منهم أطفال ونساء، وفق مصادر رسمية فلسطينية مساء الثلاثاء.
بينما قتلت "حماس" 1200 إسرائيلي وأصابت 5431، بحسب مصادر رسمية إسرائيلية. كما أسرت نحو 239 إسرائيلياً، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب الحركة في مبادلتهم بأكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.