قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الاحتلال الإسرائيلي صعد في الساعات الأخيرة بشكل حاد من "حرب التجويع" التي يمارسها بحق المدنيين في غزة، وأضاف أنه يهدف من وراء ذلك إلى مفاقمة الوضع المعيشي الذي وصل لمستويات كارثية، وجعله كـ"أداة للإخضاع"، محذراً من "انفجار وشيك" بوفيات الأطفال في القطاع.
المرصد أبرز في بيان له الأحد 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أن حرب التجويع التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي اتخذت منحنيات في غاية الخطورة، وضمن ذلك قطع كافة الإمدادات الغذائية وقصف وتدمير المخابز والمصانع والمتاجر الغذائية ومحطات وخزانات المياه.
كما لفت إلى تعمد الاحتلال الإسرائيلي في الساعات الأخيرة تركيز هجماته باستهداف المولدات الكهربائية ووحدات الطاقة الشمسية التي تعتمد عليها منشآت تجارية ومطاعم ومؤسسات مدنية في الحفاظ على الحد الأدنى الممكن من عملها.
انفجار وشيك في وفيات الأطفال
فيما نبه إلى أن هجمات الاحتلال الإسرائيلي طالت تدمير المنطقة الزراعية شرقي غزة ومخازن الدقيق وقوارب الصيادين، فضلاً عن مراكز التموين للمنظمات الإغاثية، لا سيما وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أكبر مصدر للمساعدات الإنسانية في القطاع.
بينما حذَّر "الأورومتوسطي" من حدوث انفجار وشيك في وفيات الأطفال في غزة إذا لم يتحرك العالم سريعاً، إذ سجلت غزة خلال اليومين الماضيين ارتفاعاً مهولاً في عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد والذين يحتاجون لتلقي رعاية طبية.
كما يعتقد أن سوء التغذية كان يصيب 70% من أطفال قطاع غزة بفقر الدم وضعف المناعة قبل حرب الاحتلال الإسرائيلي الحاصلة، فإن "الأورمتوسطي" يقدر أن العدد المذكور ارتفع إلى أكثر من 90% بفعل السياسة الإسرائيلية غير المسبوقة.
المرصد أبرز أيضاً أن الأطفال، لا سيما المواليد الجدد، والنساء في غزة يتحملون بشكل غير متناسبٍ تداعيات حرب إسرائيل، إذ إن 52500 رضيع في غزة حالياً يواجهون خطر القتل والجوع والجفاف ومخاطر الاكتظاظ، في وقت توجد نحو 55.000 حامل في غزة منهم 5500 ألف ولادة متوقعة هذا الشهر.
قال أيضاً إن هجمات إسرائيل وتعطيل المرافق الصحية المتضررة أو غير العاملة، ومستويات النزوح الهائلة، وانهيار إمدادات الغذاء والمياه والكهرباء، تهدد الأمهات والأطفال حديثي الولادة بشدة.
أضاف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن مخاطر سوء التغذية كانت مرتفعة بشدة بين النساء الحوامل، مما كان له تأثير كبير على بقاء الأطفال ونموهم، ومع تفاقم إمكانية الحصول على الغذاء والماء، تكافح الأمهات من أجل إطعام أسرهن ورعايتها، مما يزيد من مخاطر سوء التغذية والمرض والوفاة.
الاحتلال الإسرائيلي يمارس عقاباً جماعياً
إلى ذلك، أبرز "الأورومتوسطي" أن نحو 2% فقط من المساعدات والإمدادات الغذائية سمحت إسرائيل حتى الآن بإدخالها إلى قطاع غزة عبر معبر رفح مع مصر، في وقت تتجاهل دعوات المنظمات الدولية بضرورة إدخال الغذاء والماء والوقود وغيرها من الضروريات من دون قيود.
إذ إنه رغم السماح بدخول الكمية المحدودة من المساعدات الغذائية، فإنه لم يتم تسليم أي واردات غذائية تجارية، ما يجعل سكان قطاع غزة البالغ عددهم زهاء 2.3 مليون نسمة في حاجة ماسة إلى الغذاء في ظل فرض نهج العقاب الجماعي عليهم.
فيما يتم توزيع الإمدادات الغذائية المحدودة التي تدخل من مصر، في المقام الأول على النازحين والأسر المضيفة في جنوبي قطاع غزة، مع توفير الدقيق فقط للمخابز، فيما يتم منع أي وصول للمواد الغذائية إلى مدينة غزة وشمالها.
بينما تشير تقديرات برنامج الأغذية العالمي إلى أن المخزونات الحالية من السلع الغذائية الأساسية ستكون كافية لأربعة أيام على الأكثر قبل أن تنفد بشكل نهائي، في وقت أصيبت الحركة التجارية بالشلل بسبب الدمار واسع النطاق، وانعدام الأمن، ونقص الوقود.
وأبرز "الأورومتوسطي" أن الحصول على الخبز في قطاع غزة بات يشكل تحدياً وجودياً خلال عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل، إذ لا تزال المطحنة الوحيدة العاملة في غزة غير قادرة على طحن القمح بسبب نقص الكهرباء والوقود.
فيما تم قصف وتدمير 11 مخبزاً منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، أما تلك التي ما تزال تعمل، فإنها تواجه تحديات شديدة بسبب نقص الضروريات مثل الدقيق والوقود.
كما لم يقدم سوى مخبز واحد من المخابز التي تعاقد معها برنامج الأغذية العالمي الخبز بشكل متقطع للملاجئ، اعتماداً على توافر الدقيق والوقود، فيما يصطف السكان لساعات طويلة في المخابز ويتعرضون للغارات الجوية الإسرائيلية للحصول على بضعة أرغفة من الخبز.