قال الكاتب الأمريكي توماس فريدمان إن الجيش الأمريكي ما زال قلقاً بشأن استراتيجية إسرائيل في حربها بغزة، لا سيما أن التكتيك الإسرائيلي في عدوانه على القطاع يؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، إضافة إلى ثغرة هائلة في قلب الاستراتيجية الإسرائيلية حول من سيحكم غزة إذا ما تم طرد حركة حماس.
وفي مقاله – الذي اختار له عنوان: "شيئان يقلقان الجيش الأمريكي بشأن إسرائيل وحماس"، ونشر في صحيفة نيويورك تايمز الخميس 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قال فريدمان إنه بينما يمارس النواب الجمهوريون ألعاباً خطيرة مع المساعدات العسكرية والاقتصادية لكل من إسرائيل وأوكرانيا، فإن هناك أمرين يقول مسؤولو الجيش الأمريكي إنهم قلقون بشأنهما بشأن الحرب في غزة.
تحديات الحرب الحضرية
ووفقاً لفريدمان، فإن أول قلق ينتاب الجيش الأمريكي أن التقدم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة يواجه بالفعل تحدياً شائعاً في الحرب الحضرية، مشيراً إلى أن الأمريكيين يعتقدون أن الإسرائيليين يريدون الاستيلاء على مدينة غزة، حيث تقع البنية التحتية العسكرية والقوة البشرية الأساسية لحماس، ثم استخدام ذلك كمنصة إطلاق لهجمات أكثر تكتيكية على قيادة حماس ومنصات إطلاق الصواريخ في بقية غزة – دون احتلالها كلها.
وتابع: "لكن التقدم العسكري الإسرائيلي يواجه بالفعل تحدياً شائعاً في الحرب الحضرية، فأنت تتوقف في الأزقة ثم تدعو القوة الجوية لتفجير العدو وأي شخص آخر قريب، مما يؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، وتقول الولايات المتحدة إنها لا يمكن أن تتجاهل أو تدافع عن تلك الاستراتيجية لفترة أطول".
"من سيحكم غزة؟"
وزاد فريدمان في مقاله، السبب الثاني الذي يقلق الجيش الأمريكي، قائلاً: "لا تزال الولايات المتحدة ترى ثغرة هائلة في قلب الاستراتيجية الإسرائيلية فمن الذي سيحكم غزة إذا ما تم طرد حماس؟".
وأوضح الكاتب الأمريكي: "إن الاحتمال الوحيد المحتمل هو السلطة الفلسطينية ولكن الطريقة الوحيدة التي سيتمكن بها هؤلاء القادة الفلسطينيون من الاضطلاع بهذا الدور هي إذا سمحت إسرائيل لقدراتهم بالنمو – شريطة أن يقوموا بعملهم معاً – وإذا تم النظر إلى إسرائيل على أنها تتقدم بحل الدولتين. لكن حكومة بنيامين نتنياهو الحالية ملتزمة بضم الضفة الغربية".
وتابع فريدمان: "يبدو الأمر كما لو أن الجيش الإسرائيلي يعيد احتلال غزة ليسلِّمها في نهاية المطاف إلى نوع ما من السلطة الفلسطينية الشرعية – في حين يعمل السياسيون والمستوطنون اليمينيون المتطرفون في إسرائيل وقتاً إضافياً لنزع الشرعية عن تلك السلطة وطرد الفلسطينيين من الضفة الغربية، وهذا تناقض استراتيجي وتحتاج إسرائيل في واقع الأمر إلى عملية سلام في زمن الحرب مع السلطة الفلسطينية".
الحقيقة القاسية
كما أكد فريدمان أن الحقيقة القاسية لا يمكن لإسرائيل الخروج من غزة والحفاظ على الدعم الغربي دون وجود شريك فلسطيني موثوق للحكم هناك، كما لا يمكن لأوكرانيا الحفاظ على الدعم الغربي أيضاً إلا إذا حققت مكاسب كبيرة ضد جيش الروسي هذا الشتاء، أو قررت أن ذلك مستحيل، ووافقت على صفقة من نوع ما مع الرئيس فلاديمير بوتين مقابل ضمان أمني من حلف الناتو ومسار نحو الاتحاد الأوروبي.
واستطرد فريدمان: "لا يرغب أي من القادة الغربيين في قول ذلك بصراحة لكييف، لكنهم جميعاً يعرفون ذلك ويؤمنون به، لا يمكن ولن يكون هناك دعم غربي لحرب استنزاف أوكرانية لا نهاية لها. لهذا السبب يجب على أمريكا اليوم مساعدة إسرائيل وأوكرانيا على كبح محور روسيا-إيران في مسارحهما".
وقال أيضاً: "لكن من أجل تحديد صورة اليوم التالي من حروبهما، ستضطر كل من إسرائيل وأوكرانيا لمواجهة بعض الخيارات الصعبة للغاية، لأنه بينما قد نكتب شيكات كبيرة لكلتيهما الآن، فلن تكون شيكات على بياض، وسيأتي كل منها مع تاريخ انتهاء صلاحية ويتطلب بعض القرارات السياسية المؤلمة للغاية قريباً – كما يجب أن تكون الأمور".