ترفض إسرائيل الدعوات للتهدئة في غزة مع التفاف أقرب حلفائها في الغرب حول فكرة "الوقف الإنساني المؤقت" أو وقف القصف بصورة مؤقتة. وتزايد القلق الدولي من الظروف المروعة التي يكابدها 2.3 مليون شخص تحت وقع أعنف ضربات جوية شنتها إسرائيل على القطاع على الإطلاق، مما دفع القوى الكبرى إلى دعوة إسرائيل للسماح بمثل هذا الوقف لإدخال المساعدات والإفراج عن رهائن إسرائيليين تحتجزهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وكشف هذا عن أول شقاق علني بين إسرائيل وداعميها، ومنهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وأعضاء آخرون في مجموعة السبع مثل اليابان، حول الحملة الإسرائيلية بعد اصطفاف ودعم وثيقين في الأسابيع الثلاثة تقريباً منذ هجوم المقاومة الفلسطينية على جنوب إسرائيل.
إسرائيل ترفض الهدنة مع غزة
قال ليئور حياة، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، الجمعة 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إن "إسرائيل تعارض وقفاً إنسانياً مؤقتاً أو هدنة في هذا التوقيت". وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن الدعوات لوقف القتال "ضعف في الإيمان" فيما يبدو.
وجاءت الأصوات الجماعية للدعوة إلى وقف مؤقت لإطلاق النار بعد أيام من جهود دبلوماسية مكثفة في مقرات الأمم المتحدة بنيويورك وفي الاتحاد الأوروبي ببروكسل. ومثلت الدعوة للوقف المؤقت حلاً وسطاً بين الذين أرادوا الضغط على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار، مثل إسبانيا، والذين يقولون إن حق إسرائيل في الدفاع عن النفس لا يتقدم عليه شيء.
وتقول إسرائيل إن حماس قتلت نحو 1400 شخص بينهم أطفال، واحتجزت أكثر من 200 رهينة في هجومها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وقالت وزارة الصحة في غزة، إن 7326 فلسطينياً استشهدوا في الغارات الجوية الانتقامية، من بينهم نحو ثلاثة آلاف طفل. وهناك شح في إمدادات الغذاء والماء والوقود والعقاقير في القطاع الذي يبلغ طوله 40 كيلومتراً.
وقال وزير الخارجية الياباني يوكو كاميكاوا، للصحفيين، الجمعة، إن هناك جهوداً تجرى بشكل ثنائي وفي الأمم المتحدة لحث إسرائيل على السماح بشكل من أشكال الوقف المؤقت.
توافق عالمي حول الهدنة في غزة
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في بيان، الجمعة: "أرحب بتوافق الآراء العالمي المتزايد على وقف إنساني مؤقت للصراع. وأكرر دعوتي إلى هدنة لأسباب إنسانية، والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، وتوصيل الإمدادات المنقذة للحياة بالحجم المطلوب".
ويصعب في الوقت الحالي فيما يبدو، التوصل إلى وقف للأعمال العدائية بعد أن كثفت إسرائيل عملياتها البرية والجوية، الجمعة.
وقال مسؤول بالاتحاد الأوروبي إن المناقشات التي تقودها الولايات المتحدة بين مصر وإسرائيل والأمم المتحدة لتحسين إمكانية وصول المساعدات عبر معبر رفح الحدودي هي محور التركيز الرئيسي حالياً. وأكد مسؤول بالبيت الأبيض المحادثات، وقال إنهم يسعون أيضاً للحصول على موافقة إسرائيل للسماح بالوقود الحيوي للمستشفيات.
وقال مسؤول الاتحاد الأوروبي إن الاتفاق على هذه النقاط قد يؤدي إلى مزيد من التركيز على تقليص العنف في جنوب غزة للسماح بدخول المساعدات.
دخول قليل من الشاحنات إلى غزة
قال غوتيريش، الجمعة، إن 12 شاحنة كانت تدخل غزة يومياً في المتوسط في الأيام القليلة الماضية، انخفاضاً من 500 شاحنة يومياً قبل الصراع.
وتقول إسرائيل إن أي توقف للقتال يصب في مصلحة حماس، لأن إسرائيل تعتقد أن الحركة تحول مساعدات مثل المياه والوقود والغذاء والعقاقير لمقاتليها.
وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، أمام الجمعية العامة، الخميس، إنَّ "وقف إطلاق النار يعني منح حماس الوقت لإعادة تسليح نفسها حتى تتمكن من ذبحنا مرة أخرى"، واصفاً ذلك بأنه "محاولة لتقييد أيدي إسرائيل".
ويدعو قرار غير ملزم للجمعية العامة للأمم المتحدة، صاغته الدول العربية، إلى "هدنة إنسانية على الفور ودائمة وقادرة على الصمود تؤدي إلى وقف أعمال القتال".
وفي وقت سابق من الجمعة، قال مسؤول في حماس إن الحركة التي أطلقت سراح أربعة أسرى حتى الآن تعتزم إطلاق سراح رهائن إسرائيليين مدنيين، لكنها علقت على هذا شرط وقف إطلاق النار.
البحث عن وسيط
لكن وحتى بين حلفاء إسرائيل، لا يوجد إجماع على ما يعنيه "وقف إنساني مؤقت".
وقالت إيمانويلا- كيارا جيلار، وهي زميلة بارزة في معهد أوكسفورد للأخلاقيات والقانون والصراعات المسلحة، إن الاتفاق على الصياغة لا يعني أن تنفيذ الوقف المؤقت أمر وشيك.
وأضافت: "هناك حاجة لأن يتدخل أحد بصفته وسيطاً محايداً؛ للاتفاق على الصيغ الدقيقة"، مشيرة إلى أن هذا الوسيط قد يكون وكالة تابعة للأمم المتحدة أو جهة فاعلة مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو حتى دولة ما.
وأضافت أن تعبير "هدنة" أو "وقف إطلاق النار" يميل إلى الإشارة إلى تعليق عام للقتال، لكن الوقف المؤقت أو الممرات الإنسانية أكثر محدودية، وينبغي أن تُصمم بحيث لا يكون لها أثر استراتيجي في الصراع ككل وتهدف إلى تحقيق غرض بعينه.
ووصف جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض الوقف المؤقت، بأنه "اتفاق مؤقت ومحلي لوقف القتال لوقت يطول بما يكفي لأداء مهمة منفصلة".
وقال إن الإجابة على مدة الوقف المؤقت ونطاقه الجغرافي ستكون "حسب الظروف". وذكر أن عدة فترات من الوقف المؤقت على مدى أكثر من يوم ربما تكون ضرورية. وتابع: "إن كان ذلك ما يتطلبه الأمر، فسنحاول قطعاً إدخال هذا الوقف حيز التنفيذ".
وقال ستيفان دوغاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن الاختلافات اختلافات دلالية، لكن "ما نريده هو توقف القتال؛ كي يتسنى دخول المساعدات الإنسانية".