كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" أن الجزائر في طريقها لإعلان انسحابها من مبادرة السلام العربية، التي قدمتها الجامعة العربية سنة 2002 بمقترح سعودي أساسه الأرض مقابل السلام.
ووفق المصدر ذاته فإن الجزائر وصلت إلى قناعة أن إسرائيل لا تؤمن بحل الدولتين، لا سيما بعد محاولتها تهجير أهل غزة إلى مصر لتصفية القضية الفلسطينية.
وحسب ما توصل إليه "عربي بوست" من معلومات؛ فإن الجزائر لم تعد ترى جدوى من المبادرة العربية التي تنص على قيام دولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية.
وأضاف المصدر عينه أن تونس قد تتخذ القرار نفسه بالتنسيق مع جارتها الجزائر، وقد تنضم دول عربية أخرى فيما يشبه انسحاباً جماعياً من المبادرة، رداً على الإبادة الجماعية التي ترتكب ضد الفلسطينيين في غزة أمام مرأى العالم.
انسحاب الجزائر من مبادرة السلام
وقال مصدر مطلع لـ"عربي بوست" إن الجزائر رفضت المشاركة في القمة التي استضافتها مصر، السبت 21 أكتوبر/تشرين الأول بالعاصمة الإدارية الجديدة بحضور 30 دولة ومنظمات دولية إقليمية.
ورفضت الجزائر، حسب المصادر نفسها، الحضور إلى هذه القمة، التي هدفت إلى منع تهجير الفلسطينين وإيقاف الحرب وإعادة بعث مشروع حل الدولتين، وذلك تماشياً مع القرار الذي تحضّر لإعلانه في القريب، وهو الانسحاب من مبادرة السلام العربية.
وسابقاً، كانت الجزائر قد عارضت وتحفظت على إصدار قرار الجامعة العربية الأخير، وأصدرت بياناً قالت فيه إنها تتحفظ على ما جاء فيه باعتباره يساوي بين حركة المقاومة الإسلامية حماس ودولة الكيان الصهيوني.
التطبيع زادها قناعة
زادت موجة التطبيع العربي من قناعة الجزائر أن المبادرة العربية للسلام تجاوزها الزمن، ولم تعد أغلب الدول العربية ملتزمة بها إلا في خطاباتها، حيث، ووفقاً للمبادرة، فإن التطبيع سيكون آلياً بمجرد قيام دولة فلسطين على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية واعتراف إسرائيل بها.
لكن الجزائر ترى، حسب المصادر المطلعة، أن ما يحدث اليوم هو تطبيع دون حصول الفلسطينيين على حقوقهم؛ ما يعني تصفية القضية الفلسطينية تدريجياً.
وعبّرت الجزائر مراراً عن رفضها للتطبيع العربي مع إسرائيل بعيداً عن المبادرة العربية، حيث وصفت ما يحدث بالهرولة تجاه إسرائيل؛ ما تسبب في توتر علاقاتها مع الدول العربية المطبعة، وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة.
ما هي مبادرة السلام العربية؟
مبادرة السلام العربية تقدَّم بها الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز عندما كان ولياً للعهد، في "قمة بيروت" عام 2002، وتهدف إلى إنشاء دولة فلسطينية وعودة اللاجئين والانسحاب من هضبة الجولان، مقابل السلام مع إسرائيل.
وانطلاقاً من اقتناع الدول العربية بأن الحل العسكري للنزاع لم يحقق السلام أو الأمن لأي من الأطراف، فقد طلب مجلس الجامعة من إسرائيل إعادة النظر في سياساتها، وأن تجنح للسلم معلنة أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي، وفق "نص المبادرة".
وطالبت المبادرة إسرائيل بـ"الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة، بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من يونيو/حزيران 1967، والأراضي التي مازالت محتلة في جنوب لبنان".
ودعت مبادرة السلام العربية التي تم توقيعها في السعودية إلى التوصل لـ"حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين" يتفق عليه وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
ودعت كذلك لقبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو/حزيران 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتكون عاصمتها القدس الشرقية.
وإذا استجابت إسرائيل لتلك المطالب، تعتبر الدول العربية النزاع العربي الإسرائيلي منتهياً، وتدخل في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل، مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة، حسب ما جاء في نص المبادرة.
وتقوم الدول العربية بـ"إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل" في إطار هذا السلام الشامل، وكذلك ضمان رفض كل أشكال التوطين الفلسطيني في البلدان العربية المضيفة.
وقالت الجامعة في ختام مبادرة السلام العربية إن ذلك "يُمكّن الدول العربية وإسرائيل من العيش في سلام جنباً إلى جنب، ويوفر للأجيال القادمة مستقبلاً آمناً يسوده الرخاء والاستقرار".