فرضت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأربعاء 18 أكتوبر/تشرين الأول، عقوبات جديدة تستهدف ما قالت إنها مصادر تمويل حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، في أعقاب الهجوم الذي قامت به الحركة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية، في بيان، إن العقوبات المفروضة بموجب أمر تنفيذي يتعلق بالإرهاب، استهدفت أفراداً وكيانات متمركزة في غزة وأماكن أخرى من بينها السودان وتركيا والجزائر وقطر.
وكان لافتاً أن العقوبات استهدفت "محفظة استثمارية سرية لحماس"، وبورصة عملات افتراضية مقرها غزة.
المحفظة الاستثمارية
بحسب ما نقله موقع وزارة الخزانة الأمريكية، فإن هذا الإجراء اعتمد على تصنيف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأمريكي (OFAC) للمسؤولين والشركات المشاركة في إدارة ما أطلقت عليه الوزارة "محفظة الاستثمارات الدولية السرية لحماس".
وتقول الوزارة إن هذه المحفظة من الاستثمارات العالمية تولد مبالغ هائلة من الإيرادات من خلال أصولها، والتي تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات، مع شركات تعمل في السودان والجزائر وتركيا والإمارات العربية المتحدة ودول أخرى، مشيرة إلى أن هذه الشركات الموجودة في المحفظة تعمل تحت ستار الأعمال المشروعة، وحاول ممثلوها إخفاء سيطرة حماس على أصولها، على حد قول بيان الوزارة.
وتضم قائمة قادة حماس التي ربطتهم العقوبات بالمحفظة الاستثمارية السرية كلاً من:
1- موسى محمد سليم دودين
عضو في المكتب السياسي لحركة حماس ومسؤول مكتب الاستثمار في الضفة الغربية، وهو المسؤول عن المفاوضات لإطلاق سراح أعضاء حماس في السجون. وتتهم الولايات المتحدة دودين بأنه حاول نقل أصول شركته Trend GYO إلى أطراف أخرى.
2- عبد الباسط حمزة الحسن محمد خير
هو عضو بحركة حماس، مقيم في السودان، بحسب وزارة الخزانة الأمريكية – وقد أدار العديد من الشركات في المحفظة الاستثمارية لحماس، وشارك سابقاً في تحويل ما يقرب من 20 مليون دولار إلى حماس.
تصفه وزارة الخزانة بأنه "المسؤول المالي لحماس"، والذي قام بتسهيل الأموال لحماس من خلال شبكة من الشركات الكبرى في السودان، تشمل شركة الرواد للتطوير العقاري.
3- عامر كمال شريف الشوا – أحمد سدو جهلب – أيمن أحمد الدويك – وليد محمد مصطفى جاد الله
تصفهم وزارة الخزانة بأنهم "عملاء حماس وهم جزء من شبكة استثمارات حماس في تركيا والجزائر". الشوا هو الرئيس التنفيذي لشركة Trend GYO وعمل كعضو مجلس إدارة في العديد من شركات المحافظ الاستثمارية التابعة لحركة حماس.
يشغل جهلب منصب أمين محفظة حماس الاستثمارية وينسق الأنشطة المختلفة للشركات التي تسيطر عليها حماس. بينما الدويك هو أحد كبار مديري المحافظ الاستثمارية لحماس، ويعمل إلى جانب جاد الله أيضاً في مجالس إدارة العديد من شركات المحافظ الاستثمارية، بحسب وزارة الخزانة الأمريكية.
وبعيداً عن المحفظة الاستثمارية ضمت القائمة أيضاً:
4- محمد أحمد عبد الدايم نصر الله
تصفه الوزارة بأنه ناشط قديم في حماس وشارك في تحويل عشرات الملايين من الدولارات إلى حماس، بما في ذلك الجناح العسكري لحماس، كتائب عز الدين القسام.
5- أيمن نوفل
عضو كتائب عز الدين القسام وقائد العلاقات العسكرية لحركة حماس ويعمل كعضو في المجلس العسكري العام.
استهداف العملات الرقمية
ومن بين الشركات التي وقعت تحت العقوبات الأمريكية، شركة لتبادل العملات الافتراضية في غزة ومشغلها.
وفي يونيو/حزيران 2021، صادرت إسرائيل عدداً من محافظ العملات الافتراضية المرتبطة بحملة لجمع التبرعات لحماس، وكان بعضها مرتبطاً بكتائب عز الدين القسام. بحسب وزارة الخزانة، فإن أحد عناوين المحفظة المضبوطة ينتمي إلى شركة Buy Cash Money and Money Transfer Company (Buy Cash)، وهي شركة مقرها غزة تقدم خدمات تحويل الأموال وصرف العملات الافتراضية، بما في ذلك عملة البيتكوين، وهي الشركة التي استهدفتها العقوبات.
وتقول الوزارة إن حماس تعتمد في كثير من الأحيان على التبرعات الصغيرة بالدولار، بما في ذلك من خلال استخدام العملة الافتراضية.
يذكر أن نشطاء فلسطينيين كانوا بدأوا في نشر تحذيرات من قيام منصات عملات رقمية عالمية مثل بينانس Binance بإيقاف حسابات لأفراد في قطاع غزة. وأشار بعض النشطاء إلى أن المنصة تطلب من أصحابها التواصل مع إسرائيل، في إشارة إلى أن إسرائيل هي من تقف وراء هذا الأمر.
لذلك، ظهرت مطالبات لسكان غزة بسحب أموالهم من هذه المنصات إلى محافظ باردة أو منات وسيطة أخرى أكثر أمناً بدلاً من محافظ منصات التداول مثل بينانس.
معركة العملات الرقمية بين إسرائيل وحماس
وتدور في الكواليس منذ سنوات معركة صاخبة بين الاحتلال الإسرائيلي وحركات المقاومة، وخاصة حماس، في فضاء العملات المشفرة. فقد صادرت إسرائيل العديد من محافظ العملات الرقمية والعملات المشفرة أو جمدتها، على اعتبار أنها تخص الجناح العسكري لحماس.
ونتيجة لذلك، أصدرت كتائب القسام، الجناح العسكري للحركة، في أبريل/نيسان الماضي، قراراً بوقف استقبال التبرعات عبر البيتكوين.
بدأت هذه المعركة في أواخر يناير/كانون الثاني 2019، عندما أعلنت كتائب عز الدين القسام بدء استقبال التبرعات عبر "البيتكوين". فُسِّرت هذه الخطوة وقتها بأنها وسيلة للتعامل مع الأزمة المالية التي تعاني منها حماس.
وتتميز العملات المشفرة بأنها توفر مستويات عالية من السرية كونها لا تحتوي على رقم تسلسلي ولا تخضع لسيطرة الحكومات والبنوك المركزية. ولجأت حماس إلى هذه الخطوة بعد حصار قطاع غزة وإغلاق الأنفاق المؤدية إلى القطاع عام 2013، ما فاقم أزمة الحركة عبر حرمانها من مصدر مالي كبير وفَّره الدخل الضريبي للبضائع التي تدفقت على القطاع في السابق.
وفي منتصف عام 2021، أعلنت إسرائيل عن أول عملية مصادرة للعملات المشفرة متعلقة بـ"تمويل الإرهاب" المزعوم من المحافظ المرتبطة بحملات التبرعات التي تقوم بها حماس، لأكثر من 70 حساباً ليخرج وزير الدفاع آنذاك، بيني غانتس، مبتهجاً بهذا الأمر.
وتمثل العقوبات الأمريكية الأخيرة ضربة كبيرة لعملية تمويل حركة حماس عبر العملات الرقمية. وقد قالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين: "سنواصل اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لحرمان حماس من القدرة على جمع واستخدام الأموال لارتكاب الفظائع وترويع شعب إسرائيل"، على حد تعبيرها.