أمريكيون من أصول عربية في دائرة النائبة الفلسطينية رشيدة طليب يخشون الاعتداءات لدعمهم غزة.. والشرطة تكثف تواجدها

قالت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية في تقرير نشرته يوم الإثنين 16 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ، إن منطقة يقطنها تجمع أمريكي من أصول عربية خارج مدينة ديترويت الأمريكية بولاية ميشيغان، تواجه انتقادات شديدة على وسائل التواصل الاجتماعي من جانب داعمين لإسرائيل، وذلك في أعقاب الحرب على غزة، التي تجعل الناس في حالة توتر، لكن كثيراً من سكان هذه المنطقة الصغيرة والمعروفة بـ"الجيب"، يقولون إنهم يثقون في قوة مجتمعهم. 

قال صادق مصلح، عامل السيارات ذو الأصول اليمنية البالغ من العمر 47 عاماً: "لا نسبب أية مشكلات هنا. كل شخص يؤدي عمله وحتى خلال الاحتجاجات، إنهم غاضبون، ولكنهم يقولون ما يقولونه ويعودون إلى بيوتهم". كان مصلح يتحدث، بينما يقص شعره في صباح يوم السبت 14 أكتوبر/تشرين الأول، داخل صالون تصفيف شعر يقع بين سوق لحوم عربي ومحل بيتزا حلال، بينما كانت الأمطار تهطل.

تصاعد التهديدات في أمريكا بسبب الحرب على غزة

في يوم الأحد 15 أكتوبر/تشرين الأول، قال مكتب التحقيقات الفيدرالية إنه شهد تصاعداً في التهديدات ضد اليهود والمسلمين في الولايات المتحدة منذ بداية الحرب، وإنه كان قلقاً من احتمالية وقوع هجمات مع اشتداد الحرب. في يوم الأحد، قُتل طفل يبلغ من العمر 6 أعوام، وجُرحت أمه في هجوم طعن بالقرب من شيكاغو، وقالت السلطات إنها جريمة كراهية.

في الخميس 12 أكتوبر/تشرين الأول، قالت شرطة ديربورن إنها اعتقلت رجلاً بالقرب من مدينة فارمنغتون هيلز القريبة، بعد أن أطلق ما وصفوه بـ "تهديد موثوق" على مواقع التواصل الاجتماعي ضد الفلسطينيين الأمريكيين في ديربورن. 

وُجّهت إلى الرجل الذي يُدعى كارل مينتز اتهامات بالتهديد بالإرهاب، وهي جناية، بالإضافة إلى جنحة الاستخدام الضار لجهاز اتصال. استُدعي الرجل يوم السبت 14 أكتوبر/تشرين الأول، وحُددت كفالة له بقيمة 500 ألف دولار. وحتى يوم الأحد 15 أكتوبر/تشرين الأول، كان لا يزال محتجزاً، وذلك حسبما قال متحدث باسم الشرطة. ولم يتضح على الفور ما إذا كان الرجل لديه محامٍ أم لا. 

قالت شروق حايك: "الشرطة رائعة هنا في ديربورن، إنها تحمي الناس. لقد تعقبوه في واقع الأمر واعتقلوه". تبلغ شروق من العمر 36 عاماً، وهي أمريكية ذات أصول فلسطينية تعمل معلمة مدرسية، وكانت تشارك في مسيرة "كل شيء من أجل فلسطين" يوم السبت 14 أكتوبر/تشرين الأول في متنزه المدينة مع أطفالها الثلاثة. حضر المسيرة مئات الأشخاص، وكانوا يلوحون بالأعلام الفلسطينية ويرددون: "المقاومة مبررة، عندما يكون الشعب محتلاً".

أوضحت شروق: "إننا متراصون هنا في ديربورن بدرجة كبيرة، إننا مدينة متنوعة، والناس عادةً يقف بعضهم مع بعض". 

وعند التواصل معها، الإثنين 16 أكتوبر/تشرين الأول، قالت إنها لم تستطع أن تخلد للنوم ليلة الأحد 15 أكتوبر/تشرين الأول، بعد أن علمت بمقتل صبي في ولاية إلينوي. وأضافت: "أتخيل أنه ابني، ولذلك أصاب الأمر مكاناً قريباً من قلبي كوني أماً. إنه محزن للغاية لأن غالبية مدارسنا هنا يجب أن تحظى بتأمين إضافي. مدرسة ابنتي الخاصة اضطرت لإلغاء صالة الألعاب الرياضية والأنشطة الخارجية".

الشرطة الأمريكية تعزز الدوريات حول المدارس والمساجد

قالت الشرطة إنها عززت الدوريات في المدارس ودور العبادة في المدينة، وتواصل مراقبة التهديدات على منصات التواصل الاجتماعي والتحقيق حولها. 

قال عمدة ديربورن، عبدالله حمود: "منذ أكثر من قرن، كانت مترو ديترويت موطناً للنسيج القوي بين الأديان، الذي تشكل عن طريق عقود من المودة بين الجيران من العقائد اليهودية والإسلامية والمسيحية والعقائد الأخرى. لن نسمح لأفعال مخذلة من شخص واحد أن تكسر روابط العلاقات القائمة منذ وقت طويل بين الجميع".

كانت ديربورن جاذبة للأمريكيين ذوي الأصول العربية منذ عشرينيات القرن الماضي، عندما وصلوا إلى المدينة للعمل في مجمع فورد ريفر روج الصناعي. والآن، يُعد غالبية أبناء المدينة من الأمريكيين ذوي الأصول العربية، من اللبنانيين واليمنيين والعراقيين، بالإضافة إلى أن حمود يُعد أول عمدة للمدينة من أصول عربية. ويتمثل ذلك في الكونغرس أيضاً عبر النائبة الديمقراطية عن مدينة ديترويت، رشيدة طليب، وهي النائبة الوحيدة في الكونغرس الأمريكي ذات الأصول الفلسطينية، التي تُعد أيضاً ليبرالية مثيرة للجدل، تصطدم دائماً بالسياسات المؤيدة لإسرائيل التي ينتهجها الحزب الديمقراطي الذي تنتمي إليه.

مخاوف من انتهاكات تطال العرب 

قال نسيم عويس، الأمريكي ذو الأصول الأردنية الذي يبلغ من العمر 34 عاماً ويعمل مصمم جرافيك من مدينة ديربورن هايتس، إنه شعر بأن هناك تغيراً في الطريقة التي ينظر بها الناس إلى الأمريكيين ذوي الأصول العربية منذ بداية الحرب. وأوضح: "الناس ينظرون إليك كما لو كنت مجرماً، ونحن مسالمون". كان عويس يتحدث بينما يقف في المسيرة ملتحفاً بعلم فلسطين. وأضاف: "نحن هنا من أجل الاحتجاج فقط، ومن أجل أن نقول إن الفلسطينيين لديهم الحق في العيش بحرية، دون أي حرب ودون أي قتل".

وقال عماد الزيات، نائب شريف، مقاطعة وين، ومؤسس منظمة محلية غير ربحية تنظم حملة تبرعات للإغاثة الإنسانية في غزة، إن الموقف جعل كثيراً من الناس في حالة قلق.

وأوضح: "الجميع حذرون ويقظون ومذعورون. لا تعرف فيمن تثق، وما الذي تفكر فيه وتصدقه"، لاسيما في ظل وجود كثير من المعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي، وليست كلها صحيحة.

وعند التواصل معه يوم الإثنين، في أعقاب مقتل صبي فلسطيني في إلينوي، قال الزيات إنه يستشعر أن زملاءه يتعاملون مع الموقف بجدية أكبر مما كانوا عليه في الأسبوع الماضي عندما بدا التهديد أبعد. وأوضح: "التوترات تختمر. أتمنى فقط ألا تتدهور الأوضاع".

وأضاف: "قادة مجتمعنا والأئمة يقومون بعمل رائع لتهدئة الأمور والتركيز على فلسطين وإيصال المساعدات والإغاثة -من غذاء ومياه- إليهم". ومع ذلك، لا يزال من الصعب احتواء الغضب، حتى من على المنبر.

قال السيد صالح القزويني، إمام مركز المجتمع التربوي الإسلامي في أمريكا ببلدة كانتون في ولاية ميشيغان: "قلت في خطبة الجمعة إنه لا مبرر لإزهاق أرواح الأبرياء، سواء كانت أرواح الفلسطينيين أو الإسرائيليين. ولكن عندما ننظر إلى الملابسات الآن، فيبدو أن هناك عقاباً جماعياً موجهاً نحو الشعب الفلسطيني، ليس لشيء إلا لأنهم فلسطينيون".

وأوضح أنه يأمل أن ينتهج القادة الأمريكيون نهجاً أكثر اتزاناً، بدلاً من دعم إسرائيل. وأضاف: "نصلي ونأمل أن يحاول ربما بعض الساسة إيقاف الحرب بدلاً مما يحدث الآن من إشعال النار وسكب الزيت عليها".