قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، د.موسى أبو مرزوق، في حوار خصّ به "عربي بوست"، إنّ كتائب القسام تضع في حسبانها أنّها ستخوض معركة طويلة، وبالتالي هي تعرف ماذا تفعل.
وأضاف المتحدث أن حركة حماس منفتحة على كل الخيارات، سواء وقف إطلاق النار أو استمرار المعركة أو أي خيار آخر مطروح، مشيراً إلى أنّ الحركة مستعدة للنقاش والتعاطي حسب الظروف والأحوال على أرض الواقع.
وشدد أبو مرزوق أنّه لا يجوز فتح ملف الأسرى الإسرائيليين حالياً، لأنّ المسألة معقدة جداً، وتحتاج أولاً إلى وقف إطلاق النار والحديث عن الأسرى تحت النار لا يمكن أصلاً، لأنّنا لا نعرف كم منهم سيبقون أحياء، وكم منهم سيقصفون، مشدداً على أنّ سياسة إسرائيل تقوم على قصف الأسير وآسريه، كاشفاً أنّ إسرائيل قتلت ما يقارب 30 من الأسرى الإسرائيليين.
كما كشف أبو مرزوق أنّ الأمريكيين طلبوا من عدة دول التحرك، على رأسهم تركيا وقطر ومصر والأردن، لكن إسرائيل ترفض حتى اللحظة أي مبادرات من قبل أي طرف من الأطراف، والتعاطي مع أي طرف الآن.
وتحدث نائب الحركة السياسية لحركة حماس، في حواره مع "عربي بوست"، عن الدور الأردني والمصري، وحتى الموقف الخليجي تجاه الحرب الدائرة على غزة، خاصةً السعودية، التي كانت تتجه لاتخاذ خطوة التطبيع قبل عملية "طوفان الأقصى".
كما أكدّ أبو مرزوق على ضرورة دخول جميع الفلسطينيين في المعركة، فهي باتت مسألة واجبة، ولا تقتصر على جنوب لبنان، بل يجب أن تمتد إلى الأردن والضفة الغربية ومناطق الـ48، مشدداً على أنّه يجب أن ينخرطوا في المعركة الحالية، فهي معركة الكرامة والتحرير وكسر الاحتلال وفك الأسرى من السجون، فهذه معركة كبيرة على مستوى فلسطين، والتخاذل فيها لا يجوز.
نص الحوار كاملاً:
1-كيف تقيمون سير الأحداث في قطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى، وهل ترون أنّ المعركة في بداياتها؟
بالتأكيد المعركة مستمرة، لا بدّ من الدفاع عن النفس ومجابهة العدوان، وبالتالي المعركة مستمرة، أما تقييم الأحداث فلا شكّ أنّه من الواضح أنها شكلت صدمة لم تمر من قبل داخل صفوف الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في غلاف غزة.
لذلك الكثير من الإسرائيليين بدأوا يفكرون في الرحيل، ويفكرون بخيارات أخرى. ما يجري الآن جرائم بحق البشرية، وجرائم تصل إلى مستوى التطهير العرقي، وهذه الجرائم كلها من أجل تثبيت المجتمع الإسرائيلي ورفع الروح المعنوية لذاتهم، لأنّ ما جرى كان إذلالاً للكيان الصهيوني، وإذلالاً للجيش، ووضع حد لغطرسة إسرائيل في المنطقة.
فحينما تمكّن بضع مئات من القسام أن يدمروا في ساعة واحدة فرقة غزة الإسرائيلية بكاملها، ويحتلوا 50 موقعاً ما بين مستوطنة وموقع إسرائيلي، بلا شكّ هذا يعدّ إذلالاً ما بعده إذلال، وبالتالي هم أرادوا أن ينتقموا من المدنيين بتدمير الممتلكات وتدمير البنية التحتية ومساكن الناس والأبنية والعمارات وكل هذا التصعيد، هذا في الحقيقية يعتبر جرائم حرب ترتكب في الوقت الحاضر.
هل حماس مستعدة لمعركة طويلة الأمد، وهل برأيكم المعركة ستطول؟
باعتقادي أنّ كتائب القسام في حساباتها أنّها ستخوض معركة طويلة، وبالتالي هي تعرف ماذا تفعل، ونحن منفتحون على كل الخيارات، سواء أكان وقف إطلاق النار أو استمرار المعركة أو أي خيار آخر مطروح، نحن مستعدون للنقاش والتعاطي معه، حسب الظروف والأحوال على أرض الواقع.
ما هي مساعي حركة حماس في قضية الأسرى الإسرائيليين لديها، ولماذا رفضت فتح الملف حالياً؟
لا يجوز فتح هذا الملف حالياً، لأنّ المسألة معقدة جداً، تحتاج أولاً إلى وقف إطلاق النار، والحديث عن الأسرى تحت النار لا يمكن أصلاً، لأنّنا لا نعرف كم سيبقون أحياء، وكم سيقصفون منهم، أنت تعرف حالياً أنّ سياسة إسرائيل تقوم بقصف الأسير وآسريه.
وبالتالي إسرائيل قتلت ما يقارب 30 من هؤلاء الأسرى، أنت لا تعرف كم لديك في الوقت الحاضر من الأسرى، وكم لدى الفصائل، ولذلك نريد إحصاءهم وتصنيفهم، ونريد التعامل معهم بشكل حضاري، وتبعاً للقوانين الدولية، وهذا يرتبط بمسألة وقف إطلاق النار، ومن ثمّ محاولة الحوار في الموضوع.
هل هناك اتصالات قطرية-تركية جرت معكم بخصوص الحديث عن الأسرى والتهدئة؟
الأمريكان طلبوا من عدة دول التحرك، طلبوا من تركيا ومن قطر ومصر والأردن ومن عدة دول أخرى، التحرك، لكن حتى الآن إسرائيل ترفض أي مبادرات من قبل أي طرف من الأطراف، ومنها أيضاً من روسيا والصين أو الولايات المتحدة وأي طرف عربي، هي ترفض التعاطي مع أي طرف الآن.
ما طبيعة الدور الذي تقوم به حركة حماس مع الجانب المصري، وهل هو مقتصر فقط على القضايا الإنسانية وفتح المعبر وضمان عدم قصفه من الجانب الإسرائيلي، وما آخر الجهود في ذلك؟
لدينا تواصل مع المصريين، سواء حول معبر رفح وإدخال المساعدات، أو إخراج الحالات الإنسانية، أو إخراج الأجانب، نحن نتواصل معهم، ولكن حتى الآن لا يوجد شيء على أرض الواقع في أي جانب من الجوانب.
هل التعنت فقط من الجائب الإسرائيلي أم من قبل الجانب المصري؟
مصر لا تستطيع إدخال مساعدات إلا بضمانة سلامتها وعدم قصفها من الاحتلال، وبالتالي هي تريد ضمانات حينما تدخل المساعدات أن يكون هناك عدم استهداف لهذه المساعدات، والقضية الثانية أنّ مصر مستعدة لإخراج الأجانب والحالات المستعجلة في قطاع غزة، لكن الجانب الإسرائيلي يريد تهجير الناس إلى مصر، وهذا الوضع جعل هذه المسائل معقدة أكثر، فلا الغزاويون يقبلون التهجير، ولا مصر أيضاً تقبل التهجير، لكن الحالات الإنسانية والأجانب يجب أن يُفتح لهم المعبر.
بالنسبة للدور الأردني سمعنا أنّ هناك مساعي أردنية واتصالات بين الأردن والحركة، خصوصاً أنّها تتزامن مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى الأردن، واجتماعه بالعاهل الأردني والرئيس الفلسطيني؟
في هذا الصدد الأردن ليس له دور في الأحداث الأخيرة بقطاع غزة.
لم يجرِ تواصل من قبل الحركة مع الأردن؟
لا، هناك تواصل، لكن على مستويات مخفضة.
هل يمكن أن توضح لنا طبيعة التواصل الأردني مع حماس في الأحداث الأخيرة؟
حتى الآن التواصل مع الأردن تواصل عادي، ولم يكن هناك موضوع محدد متعلق بالصراع والحرب الأخيرة في قطاع غزة، لم يحصل أي تواصل في هذا الأمر.
ماذا عن دور السلطة الفلسطينية فيما يجري، وهل جرى تواصل بينكم وبين القيادة الفلسطينية ممثلة بالرئيس الفلسطيني؟
لم يجرِ أي تواصل في هذا الخصوص.
كيف تقيمون المواقف الأوروبية والغربية، خصوصاً أنّها تأتي منحازة تماماً للجانب الإسرائيلي، هل تنظرون بقلق شديد للانحياز التام للجانب الإسرائيلي، خاصةً أنّها تسعى إلى تصنيف الحركة على أنّها حركة إرهابية، وهناك مساعٍ أخرى لدعشنة حماس وممارسة اتهامات كاذبة بحقها بعد أحداث "طوفان الأقصى"؟
هم قرروا حماية إسرائيل ودعمها والوقوف إلى جوارها، ودعمها بالحرب الأخيرة، الأمر ليس متقصراً فقط على الدعم، بل إنّ هناك دعاية إسرائيلية كاذبة يتم الترويج لها في الغرب، وفق إرادتهم السياسية والاستراتيجية، لدعم اسرائيل والحفاظ عليها، وعدم النظر إلى حقوق الشعب الفلسطيني بأي حال من الأحوال.
وهذا الذي يجري في أوروبا في الوقت الحالي هو ظلم للشعب الفلسطيني، وعدم اعتبار لحقوقه، فقضية فلسطين بدأت بوعد أوروبي، وانتهت بتسلم أوروبي لليهود، ثمّ سلموا هذه المسألة إلى أمريكا، التي تدعمهم بكل الغالي والرخيص، من أجل بقاء هذه الدولة العصية في التعامل بشكل شديد التأثير في كل المحيط.
كيف تقيمون المواقف الخليجية وعلى رأسها الموقف السعودي تجاه القضية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية؟
الموقف الخليجي قبل الحرب كان موقفاً مندفعاً للأسف نحو التطبيع وإقامة علاقات مع الجانب الإسرائيلي، وللأسف الشديد هم غير مدركين لخطورة هذا الكيان وشراسته في التعامل مع العرب والفلسطينيين بشكل خاص.
بلا شكّ لطبيعة المعركة الأخيرة أصبح هناك كثير من التراجع في الاندفاع نحو العلاقات مع الكيان الصهيوني، وإن شاء الله نحن بصبرنا وصمودنا نغير المعادلات، ونعتقد نحن أننا في طريقنا إلى تغيير المعادلات بصورة كبيرة.
دور المخيمات الفلسطينية في لبنان، سمعنا أنّ هناك نوايا لدخول حماس والجهاد الإسلامي في المعركة، كيف تنظرون إلى مثل هذه التحليلات؟
أنا أعتقد أنّ هذه المسألة واجبة، ويجب دخول كل الفلسطينيين في المعركة، ليس فقط في جنوب لبنان، بل في الأردن والضفة الغربية ومناطق الـ48، يجب أن ينخرطوا في المعركة الحالية، هذه معركة الكرامة، ومعركة التحرير، ومعركة كسر الاحتلال، ومعركة فك الأسرى من السجون، هذه معركة كبيرة على مستوى فلسطين، والتخاذل فيها لا يجوز، وفي اعتقادي أنها ستكون لها أبعادها الواضحة، وأنّه لا يمكن للشعب الفلسطيني أن يبقى تحت الاحتلال مدى الحياة.
هل ترون أنّ إسرائيل ستقدم على مغامرة الدخول البري إلى غزة؟ وهل هناك تواصل من الجانب الإسرائيلي يطلب فيه تهدئة من حماس عبر مصر ودول أخرى؟
بالتأكيد حماس لا تستطيع مواجهة الطائرات والقنابل التي تطلقها المدفعية من خارج الحدود، ولا مدفعية البوارج في البحر، لكن حماس مستعدة أن تواجههم على البر، وتستطيع أن تنتصر كما انتصرت في كسر فرقة غزة مؤخراً، وستكسر كل جموعهم هذه إذا حاولوا دخول غزة، وأغلب الظن لن يدخلوا الحرب البرية.
بالنسبة لمغامرة أن تدخل إسرائيل براً إلى قطاع غزة، هل هناك مساعٍ مصرية وجهود إقليمية لثني إسرائيل؟
لا أعلم أنّ هناك مساعي حول هذا الموضوع، لكنْ هناك مساعٍ على المستوى الدولي لوقف القصف وتقديم المساعدات الإنسانية وفتح ممر للمساعدات الإنسانية من مصر إلى غزة، فهذه المسائل التي سيجري التداول فيها في الوقت الحاضر، من أجل المساهمة في رفع الحصار عن قطاع غزة.
أخيراً، هل ترون أنّ ما تقوم به إسرائيل حالياً من قصف شديد على قطاع غزة يأتي ضمن سعيها لإنهاء حالة المقاومة في غزة، ويمكن أن ترمي إلى مساعي اليمين المتطرف في تهجير سكان قطاع غزة؟
قطعاً هم يحاولون تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء، وإلى عدد من الدول العربية، ويحاولون أن يحصروا الفلسطينيين في المدن والقرى التي هم فيها، ويستولون على منطقة (ج)، وبعض مناطق (ب)، من أجل بناء مستوطنات جديدة وتدعيم المستوطنات القديمة.
نحن قلقون من كل هذا، ولكن بلا شكّ صمود المقاومة وكتائب القسام كان صموداً أسطورياً حتى اللحظة، وقتالهم قتال أسطوري، وما سجّلوه يكفي لتغطية كل عناصر الجودة في التاريخ، نحن الآن ننتظر المزيد من هؤلاء ومن غيرهم، حتى تتحرر بلادنا، ويعود شعبنا إليها.