كشف نشطاء حقوقيون في أمريكا، أن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" استجوبوا واعتقلوا المواطنين الفلسطينيين، وزاروا عدة مساجد في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية رداً على الاعتداءات المستمرة للاحتلال الإسرائيلي على الأقصى والقدس والفلسطينيين، بالضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
حيث قال عابد أيوب، المدير التنفيذي في اللجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز، لموقع The Intercept الأمريكي، الجمعة 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إن منظمته تلقت عدة تقارير عن زيارة مكتب التحقيقات الفيدرالي لعددٍ من الأفراد والمساجد.
بدوره قال تحالف Stop LAPD Spying Coalition، المجموعة المعنية بمساءلة الشرطة، إنه تلقى كذلك عدة تقارير عن ترهيب العملاء الفيدراليين للفلسطينيين وأنصارهم.
عودة ترهيب الجاليات المسلمة
الموقع الأمريكي أشار إلى أن هذه الوقائع تُذكِّرنا بما تعرضت له الجاليات العربية والمسلمة من رقابة واستهداف، في أعقاب هجمات الـ11 من سبتمبر/أيلول. وقال أيوب إن هذه الوقائع تُسهم في عودة الترهيب بين صفوف الجاليات المسلمة، التي يقول أفرادها لأنفسهم: "يا إلهي، الأمر يتكرر ثانيةً، كيف سنحمي أنفسنا؟".
تأتي هذه التقارير بعد تحذير الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال الأسبوع الجاري، من وجود "تهديدات محلية" محتملة في أرجاء الولايات المتحدة.
لكن مسؤولي وزارة الأمن الداخلي نفوا امتلاكهم أي معلومات استخباراتية موثوقة ومحددة تشير إلى وجود تهديد محتمل للولايات المتحدة، وذلك خلال مكالمة صحفية بتاريخ الخميس 12 أكتوبر/تشرين الأول، لكنهم ذكروا أنهم يراقبون "عدداً من الجهات الفاعلة التي قد تتحرك مدفوعةً بمشاعر مناهضة السامية أو رهاب الإسلام أو معاداة العرب".
كما قال المسؤولون كذلك إنهم يراقبون الوضع تحسباً للتهديدات المحتملة المرتبطة بالبيان المصور الذي ألقاه خالد مشعل، الرئيس السابق للمكتب السياسي في حركة حماس، والذي دعا خلاله إلى تعبئة عالمية واسعة دعماً لغزة، في يوم الجمعة 13 أكتوبر/تشرين الأول.
حيث أثار بيان مشعل موجة تكهنات وهستيريا جماعية حيال تدشين "يوم للجهاد" في الولايات المتحدة، ما أدى إلى إغلاق المدارس في بعض المناطق.
عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي بالمساجد
قال أيوب إن التقارير التي تلقتها اللجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز تضمنت زيارة ضباط مكتب التحقيقات الفيدرالي لمسجد في تكساس، حيث اجتمعوا بقيادة المسجد، وسألوهم عن "مثيري المشكلات" في مجتمعهم. وحاول عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي استجواب فرد محتجز لدى وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك منذ شهرين، بسبب مشكلة في البطاقة الخضراء.
كما أوضح أيوب أن ذلك الشخص "لم تكن لديه أي مشكلات سابقة" قبل مشكلته الأخيرة مع وكالة الهجرة. وأردف أيوب أن اللجنة تلقت كذلك تقريراً من منظمة حقوق مدنية شريكة حول زيارة مكتب التحقيقات الفيدرالي لمسجد في ولايةٍ أخرى.
رفض مكتب التحقيقات الفيدرالي الرد على أسئلة الموقع الأمريكي حول الزيارات المُبلغ عنها، لكن المتحدث باسم الوكالة الفيدرالية كتب في رسالة بالبريد الإلكتروني: "لا يستطيع مكتب التحقيقات الفيدرالي فتح تحقيق على أساس عرق الفرد، أو إثنيته، أو أصله القومي، أو دينه، أو ممارسته لحقه في التعديل الأول من الدستور".
استهداف الـ"إف بي آي" للفلسطينيين
فيما قالت محامية حقوق الإنسان، آزاده شاهشاهاني، لموقع The Intercept، إن زيادة مراقبة واستهداف أفراد الجاليات المسلمة والفلسطينية لن تكون مفاجأة، بل ذلك جزء من نمط الممارسات التي تتبعها وكالات تطبيق القانون الفيدرالية عادةً.
كما أوضحت: "يتواصل معنا أفراد الجاليات ليقولوا إن مكتب التحقيقات الفيدرالي قد زار منزلهم دون أي إخطار مسبق أو أي اشتباه مسبق أو أي سبب كان، باستثناء حقيقة أنهم من المسلمين أو الفلسطينيين أو الإيرانيين". وعادة ما تأتي تلك الزيارات استجابةً لحدثٍ وقع في مكانٍ آخر من العالم بحسب آزاده، أو لمجرد أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يباشر "مهمة صيد للمعلومات".
يقول رائد جرار، مدير المناصرة في منظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي"، إنه من المهم النظر إلى الاستهداف الفيدرالي للفلسطينيين في ضوء السياسة الأمريكية الأوسع للصراع بين فلسطين وإسرائيل.
كما أردف جرار: "لا تكتفي الحكومة الأمريكية بإرسال المزيد من الأسلحة لقتل الفلسطينيين في غزة، بل تطارد الفلسطينيين الموجودين هنا على أرض البلاد أيضاً. ومع مقتل وإصابة آلاف الفلسطينيين خلال الأسبوع الجاري على يد نظام الفصل العنصري المجرم في إسرائيل، الذي يعامل الفلسطينيين كبشرٍ من الدرجة الثانية؛ تأتي حكومة الولايات المتحدة الآن لتعاملنا كمواطنين من الدرجة الثانية داخل بلدنا".
تمييز ضد المسلمين في أمريكا
في الوقت ذاته، أبلغ المسلمون والفلسطينيون عن وقائع تمييز ضدهم في جميع أنحاء البلاد خلال الأسبوع الجاري. وفي نيويورك مثلاً، اعتدى مجموعة رجال يلوحون بأعلام إسرائيل على فلسطيني عمره 18 عاماً داخل منطقة بروكلين.
بينما نظر عدد من الأفراد في إحدى المسيرات إلى عدسات الكاميرات مباشرةً وهم يصرحون بتهديدات مثل: "اقتلوا كل الفلسطينيين، اقتلوهم جميعاً!"، و"دكوهم دكاً لتصبح أرضهم كساحة انتظار سيارات… مرةً واحدة وللأبد".
فيما باشر مكتب التحقيقات الفيدرالي تنشيط موارده للتحقيق مع الفلسطينيين في غضون بضعة أيام من اندلاع الأحداث، لكنه يتمتع بسجلٍ أقل عجالة عند التحقيق في الجرائم المرتكبة بواسطة الإسرائيليين ضد مواطنين أمريكيين من أصل فلسطيني، بحسب جرار.
استشهد جرار بقضايا أليكس عودة، الناشط الذي تعرض للاغتيال في كاليفورنيا عام 1985، وكذلك الصحفية شيرين أبو عاقلة التي قتلتها القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية العام الماضي.
كما أوضح جرار: "لا يحرك مكتب التحقيقات الفيدرالي ساكناً عندما تقتل إسرائيل أمريكيين فلسطينيين مثل شيرين أبو عاقلة وأليكس عودة. ولكن المكتب يتحرك للطرق على أبوابنا لمجرد الاحتجاج ضد ظلم إسرائيل".