تبدأ الإثنين 2 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في نيويورك المحاكمة المدنية للرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، واثنين من أبنائه المتهمين بتضخيم أصولهم العقارية بشكل هائل لسنوات، ما يهدد إمبراطورية ترامب الاقتصادية، ويمهد لماراثون قضائي بالنسبة إلى الرئيس السابق المرشح لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات 2024 الرئاسية.
ترامب البالغ 77 عاماً ومحاموه لمّحوا إلى أنه قد يحضر على الأقل جلسات الاستماع الأولى أمام المحكمة العليا لولاية نيويورك، وقد استدعي ترامب بصفته شاهداً، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وأعلن ترامب أنه سيمثل اليوم الإثنين أمام المحكمة، وقال عبر منصته "تروث سوشيال"، أمس الأحد: "سأذهب إلى المحكمة صباح الغد للدفاع عن اسمي وسمعتي"، واصفاً المدعية العامة في نيويورك بأنها "فاسدة" والقاضي بأنه "مختل".
القاضي آرثر إنغورون قال إن ترامب واثنين من أبنائه، هما دونالد جونيور وإريك، ارتكبوا "عمليات احتيال" مالية "متكررة" في العقد الأول من القرن الحالي بتضخيمهم قيمة الأصول المالية والعقارية لشركتهم "منظمة ترامب"، بما بين 812 مليوناً و2,2 مليار دولار بين 2014 و2021.
أكد القاضي أن الوثائق التي قدمتها المدعية العامة تظهر "بوضوح" "تقييمات احتيالية" من جانب ترامب لأصول مجموعته التي تضمّ شركات متنوعة، تشمل عقارات سكنية وفنادق فخمة ونوادي غولف وغيرها الكثير.
نتيجة ذلك، أمر القاضي بسحب تراخيص أعمال تجارية في ولاية نيويورك من دونالد ترامب ونجليه إريك ودونالد جونيور، إضافة إلى مصادرة الشركات المستهدفة في القضية.
من جانبه، قال أستاذ القانون التجاري في جامعة ميشيان ويل توماس، إن تطبيق هذه العقوبات "سيمثّل ضربة هائلة لقدرة دونالد ترامب على مزاولة الأعمال في ولاية نيويورك".
تشمل المحاكمة كيانات تعد على أصابع اليد من بين ما يقرب من 500 كيان في محفظة ترامب للأعمال والاستثمارات، لكنها تضم بعض أعلى العقارات لديه تقييماً، وتسعى المدعية العامة ليتيسيا جيمس في القضية لتغريم ترامب 250 مليون دولار على الأقل وفرض حظر دائم على ترامب ونجليه دونالد الابن وإريك يمنعهم من إدارة الأعمال في نيويورك وحظر مدته خمس سنوات على الأنشطة التجارية والعقارية لترامب ومؤسسته الأشهر التي تحمل اسمه.
كان ترامب قد جمع ثروته خلال الثمانينات من القرن الماضي في القطاع العقاري ومجال ألعاب الميسر والكازينوهات، وفي حال سحب هذه التراخيص منه، سيكون مهدداً بفقدان السيطرة على العديد من الشركات الرائدة في إمبراطوريته، مثل برج ترامب (ترامب تاور) الواقع عند الجادة الخامسة الشهيرة في نيويورك.
يدخل هذا المبنى في صلب التهم التي وجهتها المدعية العامة جيمس إلى ترامب، إذ يُشتبه بأنه قام بتضخيم مساحة شقته المؤلفة من ثلاث طبقات في "ترامب تاور" ثلاث مرات، ورفع قيمة المبنى الرقم 40 في شارع وول ستريت من 200 إلى 300 مليون دولار.
كما تطلب المدعية إدانة ترامب بارتكاب مخالفات أخرى للقوانين المالية وتغريمه 250 مليون دولار.
لا يمكن الحكم على ترامب بالسجن في هذه القضية، لكن هذه المحاكمة ستقدم لمحة مسبقة عن الأحداث القانونية التي يرجح أن تعرقل حملته للفوز بترشيح الحزب الجمهوري.
لطالما رفض ترامب هذه الاتهامات، واعتبر أن المدعية العامة جيمس، وهي ديمقراطية من أصول أفريقية، "عنصرية"، في حين وصف القاضي إنغورون بـ"المختل".
وحسب اللائحة الاتهامية، عمد الملياردير وابناه إلى "تضخيم" قيمة هذه الأصول من أجل الحصول، من بين أمور أخرى، على قروض بشروط أفضل من البنوك بين عامي 2011 و2021.
لكن ترامب رد عبر "تروث سوشيال" قائلاً إن المصارف لم تشتكِ يوماً من القروض التي وفرتها له، وشدد على أنه أعاد تسديد هذه القروض "بالكامل، مع فوائدها، ومن دون تعثر في السداد، ومن دون أي ضحايا".
يتوقع أن تكون المحاكمة تقنية إلى حد كبير وأن يستدعى إليها عشرات الشهود، بينهم ثلاثة من أبناء ترامب هم دونالد جونيور وإريك وإيفانكا التي كانت القضية تشملها بداية لكن لن تتم ملاحقتها في نهاية المطاف.
كما يتوقع أن تشمل قائمة الشهود المدير المالي السابق لـ"منظمة ترامب"، آلان ويسلبرغ، الذي أمضى وقتاً في السجن، بعدما أقر بالتهرب الضريبي في قضية أخرى كانت تطال المجموعة، إضافة لمحامي ترامب السابق مايكل كوهين الذي بات أحد ألد خصومه، وموظفين في المصارف التي أقرضته وغيرهم.
ولا تحول هذه المتاعب القضائية دون تقدم ترامب بأشواط على منافسيه في استطلاعات الرأي لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات 2024 الرئاسية.
إضافة لهذه القضية، فإن ترامب متهم جنائياً في أربع قضايا مختلفة لم تؤثر بعد على شعبيته لدى القاعدة الجمهورية، ويتعين عليه خصوصاً المثول أمام محكمة اتحادية في واشنطن، وهو متهم بأنه حاول خلال وجوده بالبيت الأبيض قلب نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2020 التي فاز بها جو بايدن.
سيكون بعد ذلك على موعد مع القضاء في ولاية نيويورك بتهمة الاحتيال الضريبي، ثم في فلوريدا بسبب تعامله بإهمال مع وثائق سرية بعد خروجه من الرئاسة.