قالت وزيرة خارجية كوسوفو، دونيكا جيرفالا شوارتز، الإثنين 2 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إنّ نشر قوات صربية على حدود كوسوفو "يذكّر بتصرفات روسيا قبل غزوها أوكرانيا"، وحثت الاتحاد الأوروبي على اتخاذ الإجراءات اللازمة لكبح بلغراد "مثل تجميد ترشحيها للانضمام إلى الاتحاد".
يأتي التحذير بعدما قالت الولايات المتحدة، الجمعة 29 سبتمبر/أيلول الماضي، إنها تراقب حشداً عسكرياً صربياً مثيراً للقلق على حدود كوسوفو، مما يزعزع استقرار المنطقة، وقال حلف شمال الأطلسي إنه أعطى موافقة على نشر قوات حفظ سلام إضافية في كوسوفو.
"تشبه سلوك روسيا تجاه أوكرانيا"
وقالت جيرفالا شوارتز لإذاعة دويتشلاندفونك الألمانية: "لم يحدث مثل هذا التجمع للقوات في السنوات الماضية… تثير الأسلحة الموجودة هناك والدبابات قلقنا، لأننا لا نعرف كيف سيكون رد فعل المجتمع الدولي".
أضافت الوزيرة أن الأمر لا يتعلق فقط بنشر صربيا قواتها على مشارف إقليمها الجنوبي السابق الذي لا تعترف باستقلاله ولكن خطاب صربيا و"أساليبها" تشبه سلوك روسيا تجاه أوكرانيا، وأردفت: "لذلك من المهم اتخاذ الخطوات اللازمة".
وقالت جيرفالا شوارتز محذرة: "(ألكسندر) فوتشيتش (الرئيس الصربي) لن يترك الأمر عند هذا الحد إن لم تكن التصريحات واضحة وإذا لم يلمس عواقب أفعاله"، مشيرة إلى أن ذلك قد يشمل تعليق تمويل الاتحاد الأوروبي لصربيا وترشيحها للانضمام إلى التكتل.
بدوره، اتهم رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي، الإثنين، صربيا بالتخطيط لضم الأراضي الشمالية لبلاده، مضيفاً أن الهجوم الذي شنّه مسلحون صرب مؤخراً على شرطة كوسوفو جزء من الخطة لهذا الغرض.
وقال كورتي في منشور على منصة إكس: "استناداً إلى الوثائق المصادَرة، أكدت شرطة كوسوفو أن الهجوم الإرهابي كان جزءاً من خطة أكبر لضم شمال كوسوفا عبر هجوم على 37 موقعاً مختلفاً بشكل متزامن".
أضاف أنه "سيتبع ذلك إنشاء ممر إلى صربيا، لتمكين توريد الأسلحة والمعدات والقوات".
صربيا ترفض الاتهامات
في المقابل، رفض وزير الدفاع الصربي ميلوس فوسيفيتش، الإثنين، اتهام بلاده بالتخطيط لضم أراضي كوسوفو الشمالية، قائلاً إن الجيش لم يشارك في الاشتباكات ضد شرطة كوسوفو في 24 سبتمبر/أيلول الماضي ولم يدخل كوسوفو مطلقاً.
ورأى فوسيفيتش أن "وجود قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) بشكل أكبر في كوسوفو من شأنه تحسين أمن الصرب المحليين".
فيما شدد رئيس الأركان العامة الصربية، الجنرال ميلان موسيلوفيتش، على أن الجيش الصربي خفّض عدد قواته على خط الحدود مع كوسوفو من 8350 إلى 4500 جندي، الأسبوع الماضي.
وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، الأسبوع الماضي، إنه لا يعتزم توجيه أوامر للقوات بعبور الحدود إلى كوسوفو، لأن تصعيد الصراع قد يؤثر بالسلب على مساعي بلغراد للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
تصاعد التوتر على الحدود
وتصاعد التوتر بين الدولتين منذ أن أدت معركة بين الشرطة ومسلحين من الصرب المتحصنين في دير إلى تحويل قرية هادئة في شمال كوسوفو إلى منطقة حرب فعلية قبل عشرة أيام.
حيث قتل شرطي وأصيب آخر في 24 سبتمبر/أيلول الماضي، جراء إطلاق مسلحين صربٍ النار عليهما بعدما أغلقوا طريقاً في منطقة بنياسكا ذات الغالبية الصربية شمال كوسوفو. وتعليقاً على الحادثة اتهم رئيس وزراء كوسوفو كورتي، صربيا بدعم المسلحين، وطالبها بـ"التوقف عن رعاية الهجمات الإرهابية في الشمال".
ومنذ أبريل/نيسان شهدت المنطقة اضطرابات عندما قاطع الصرب المحليون الانتخابات شمال كوسوفو، تلتها احتجاجات ضد انتخاب رؤساء البلديات من العرق الألباني. ويعد الألبان أكبر مجموعة عرقية في كوسوفو، يليهم الصرب، ويعيش نصفهم تقريباً في شمال البلاد.
وتصاعدت حدة التوترات بالمنطقة في مايو/أيار الماضي، عقب الانتخابات البلدية بالمناطق التي يهيمن عليها الصرب، مما دفع حلف شمال الأطلسي "الناتو" إلى اتخاذ قرار بنشر 700 جندي إضافي في مهمة حفظ السلام في كوسوفو بعد إصابة 93 من جنوده.
وشهد الأسبوع الماضي "انتشاراً عسكرياً صربياً كبيراً على طول الحدود مع كوسوفو"، وفق مجلس الأمن القومي الأمريكي، الذي وصف المتحدث باسمه الانتشار بأنه "تطور مزعزع للاستقرار للغاية". والسبت الماضي، دعت كوسوفو صربيا إلى سحب قواتها.
وتتهم كوسوفو، التي أعلنت استقلالها عن صربيا عام 2008 بعد انتفاضة مسلحة وتدخّل من حلف شمال الأطلسي عام 1999، صربيا بتسليح ودعم المقاتلين الصرب.
بينما تتهم صربيا كوسوفو بإثارة العنف بتقاعسها عن تنفيذ اتفاق، توسط فيها الاتحاد الأوروبي منذ عشر سنوات، ينص على منح الحكم الذاتي للصرب في منطقة بشمال البلاد حيث يشكلون أغلبية.
أوروبا تلوح بالعقوبات
من جانبها، قالت المفوضية الأوروبية، الإثنين، إن الاتحاد مستعد لفرض عقوبات على صربيا إذا تبين تورّطها في الهجوم على شمال كوسوفو أواخر سبتمبر/أيلول الماضي.
وقال بيتر ستانو، كبير متحدثي الاتحاد للشؤون الخارجية، في إيجاز صحفي بخصوص اجتماع المفوضية: "الاتحاد الأوروبي مستعد لتقييم الإجراءات تجاه صربيا إذا وجدت الدول الأعضاء أن لديها ما يكفي من المعلومات والحقائق" بشأن الهجمات.
وشدد ستانو على أن الاتحاد الأوروبي سيتحرك عندما تقرر الدول الأعضاء ذلك، لأن فرض القيود يتطلب الإجماع، وأضاف أن الاتحاد ينتظر "النتائج النهائية لتحقيق شفاف وشامل يوضح جميع الظروف المحيطة بالهجوم الإرهابي"، ويتوقع "تعاون صربيا الكامل وغير المشروط" خلال التحقيق.
ووصف المسؤول الأوروبي ما كُشف عنه مؤخراً حول "مخبأ ضخم للأسلحة شمال كوسوفو" وحشد عسكري في صربيا، بأنه تطوّر "مقلق للغاية".
وأمس الأحد، قال وزير داخلية كوسوفو جيلال سفيكلا، إن لديه أدلة على أن صربيا كانت تحاول ضم المنطقة الشمالية من بلاده، وأن المهاجمين كانوا يستعدون لذلك منذ فترة طويلة في قواعد عسكرية.