تلجأ السلطات في أحد الأقاليم الباكستانية إلى تكتيك جديد مثير للجدل ضمن المبادرة المستمرة منذ عقود للقضاء على شلل الأطفال؛ وهي عقوبة السجن لمدة شهر واحد، وهو التكتيك الذي أقلق منظمة الصحة العالمية؛ لأنه قد يؤدي إلى تقويض الثقة في لقاحات شلل الأطفال، بحسب وكالة The Associated Press الأمريكية، الأحد 1 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
الوكالة أشارت إلى أن الحكومة في إقليم السند طرحت، في سبتمبر/أيلول الماضي، مشروع قانون يقضي بحبس الآباء لمدة تصل إلى شهر واحد إذا فشلوا في تطعيم أطفالهم ضد شلل الأطفال أو ثمانية أمراض شائعة أخرى.
قلق أممي
من جانبهم، أعرب خبراء في منظمة الصحة العالمية وأماكن أخرى عن قلقهم من أنَّ الاستراتيجية غير العادية قد تؤدي إلى تقويض الثقة في لقاحات شلل الأطفال، خاصة في بلد يعتقد الكثير من سكانه أنَّ هناك مؤامرات كاذبة تُحاك حولهم، وحيث تعرَّض العشرات من القائمين على التطعيم لإطلاق النار والقتل.
ووفقاً للوكالة الأمريكية، فإن ما يزيد من المشكلات التي يواجهها الخبراء الذين يحاولون إقناع الناس بسلامة اللقاحات هو أنَّ اللقحات الفموية هي نفسها التي تسبب الآن معظم حالات شلل الأطفال في جميع أنحاء العالم.
بدوره، حذر مدير مكافحة شلل الأطفال في منظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق البحر المتوسط، الدكتور حامد جعفري، من أنَّ القانون الجديد قد يأتي بنتائج عكسية. وقال الدكتور حامد جعفري: "الإكراه يأتي بنتائج عكسية".
وأضاف أنَّ العاملين في مجال الصحة نجحوا عادةً في رفع معدلات التحصين في المناطق المترددة في الحصول على اللقاح من خلال معرفة أسباب رفض الناس ومعالجة تلك المخاوف؛ مثل جلب زعيم سياسي أو ديني موثوق به للتحدث مع الناس.
وتابع جعفري: "شعوري هو أنَّ باكستان تريد أن يكون هذا التشريع ضمن أدواتها المتاحة في حالة احتياجها إليه. وسأفاجأ إذا كان هناك استعداد لفرض هذه الإجراءات القسرية فعلياً".
السجن أو الغرامة
ويمر مشروع القانون بالمراحل النهائية ليصير قانوناً بعدما وافق عليه مجلس الإقليم في أغسطس/آب. وينص على معاقبة الآباء بالسجن لمدة تصل إلى شهر لعدم تطعيم أطفالهم ضد أمراض معينة، ويمكن أيضاً تغريمهم ما يصل إلى 50 ألف روبية (168 دولاراً).
وقال المسؤولون إنَّ هدفهم الأساسي هو تعزيز معدلات التحصين ضد شلل الأطفال، على الرغم من أنَّ الأمراض بما في ذلك الحصبة والالتهاب الرئوي والسعال الديكي موجودة أيضاً في التشريع.
من جهتها، تأمل روكسانا بيبي، العاملة الصحية في ولاية كراتشي، أن يؤدي القانون الجديد إلى خفض معدلات رفض اللقاحات وحماية العاملين في مجال الصحة. وتُعتبَر كراتشي من أكثر الولايات المُعرَضة لخطر عودة انتشار مرض شلل الأطفال.
وأشارت بيبي إلى أنَّ الشرطة اعتقلت في الماضي الآباء المسيئين أو المُهدِدين لسلامة أطفالهم. وأُطلِق سراحهم بشرط تحصين أطفالهم ومساعدة فريق مكافحة شلل الأطفال في جهود التوعية.
المرض القاتل
وباكستان وأفغانستان المجاورة هما الدولتان الوحيدتان اللتان لم يتوقف فيهما انتشار شلل الأطفال على الإطلاق. ويصيب هذا المرض القاتل والمُسبب للعجز الأطفال حتى سن الخامسة في الغالب، وينتشر عادةً في المياه الملوثة.
وقد وزعت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها المليارات من جرعات اللقاح منذ انطلاق جهود القضاء على المرض في عام 1988. وتتكلف هذه الجهود ما يقرب من مليار دولار سنوياً، وتُموَّل إلى حد كبير من البلدان المانحة والمنظمات الخاصة، بما في ذلك مؤسسة بيل وميليندا غيتس.
وقد أدت التطعيمات المُقدَّمة للأطفال على شكل قطرات في الفم إلى خفض حالات شلل الأطفال بنسبة تزيد على 99%. لكن في حالات نادرة جداً، يمكن للفيروس الحي الموجود في اللقاح أن يسبب شلل الأطفال أو يتحور إلى سلالة تؤدي إلى تفشي جديد.
وحتى الآن هذا العام، كانت هناك سبع إصابات بشلل الأطفال الناجم عن الفيروس الشرس، جميعها في باكستان وأفغانستان. وفي الوقت نفسه، حدثت أكثر من 270 حالة ناجمة عن فيروس مرتبط باللقاح في 21 دولة عبر ثلاث قارات.
وفي يناير/كانون الثاني، رفض ما يقرب من 62 ألف أب، وأغلبهم في إقليم السند الباكستاني، تطعيم أطفالهم ضد شلل الأطفال؛ مما دفع السلطات هناك إلى اقتراح القانون الجديد الذي يشمل العقوبات.