حظرت السلطات في ألمانيا، الأربعاء 27 سبتمبر/أيلول 2023، جماعة يمينية متطرفة صغيرة نسبياً، وداهمت منازل أعضائها في حملة منسقة، في إجراءاتٍ هي الأحدث في سلسلة من التحركات ضد المنظمات المتطرفة في البلاد، بحسب صحيفة New York Times الأمريكية.
جاءت هذه الحملة لتكون الثانية من نوعها خلال الأيام القليلة الماضية. ووصفت السلطات الجماعة المستهدفة، التي تحمل اسم Artgemeinschaft، بأنها عنصرية ومعادية للسامية، وتروّج لأيديولوجية سيادة العرق الأبيض، بما في ذلك الدفاع عن العائلات البيضاء فقط.
مداهمات في وقت واحد
صحيفة نيويورك تايمز قالت إن السلطات داهمت بحوالي 700 ضابط شرطة 26 منزلاً في جميع أنحاء ألمانيا لتفكيك شبكة Artgemeinschaft. ونُسِّقَت المداهمات لتبدأ في وقت واحد في الصباح الباكر حتى لا يتمكن أعضاء الجماعة من تحذير بعضهم البعض.
وقيل إن الضباط صادروا أدلة على أنشطة الأعضاء إلى جانب أموال -بما في ذلك ذهب- ومواد دعائية. وحجبت السلطات الموقع الإلكتروني للجماعة وحساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي في نفس الوقت.
المجموعة المحظورة
يعني اسم الجماعة Artgemeinschaft، "جماعة من عرق واحد". وتطلق الجماعة على نفسها اسم "المجتمع الإيماني الجرماني" الذي يروج لما تسميه السيادة "الشمالية" أو البيضاء.
كانت الجماعة تركز على طقوسٍ تتعلق بالطبيعة، مثل احتفالات الانقلاب الصيفي (في اليوم الذي يبدأ فيه فصل الصيف في 21 يونيو/حزيران). لكن خبراء قالوا إن الجماعة كانت لها أهمية كبيرة بالنسبة لليمين المتطرف؛ حيث كانت بمثابة حلقة وصل بين مجموعات متباينة، وشاركت في دفع أيديولوجيتها إلى الأجيال الشابة.
كانت المعتقدات التي تبنتها الجماعة تركز على القومية العرقية الألمانية لتكون مبدأً مؤسساً لها، وفقاً لفيليكس فيدمان، الأكاديمي في جامعة برلين الحرة الذي يبحث في شؤون اليمين المتطرف.
وأضاف فيدمان أن المنظمات "التي تربط بين العِرق والدين" تميل إلى العمل "كجماعة سياسية ودينية في نفس الوقت".
وقالت السلطات إن منظمة Artgemeinschaft، التي يُعتَقَد أن عدد أعضائها يبلغ نحو 150 عضواً، هي "نازية جديدة وعنصرية ومعادية للأجانب ومناهضة للديمقراطية". وقالت نانسي فيزر، وزيرة الداخلية الألمانية، إنها تشكل تهديداً كبيراً.
وأضاف: "حاولت هذه الجماعة اليمينية المتطرفة إثارة أعداء جدد للدستور من خلال التلقين العقائدي المثير للاشمئزاز للأطفال والشباب".
يُعَد من غير القانوني في ألمانيا عرض الأيديولوجية النازية أو الترويج لها أو لغيرها من وجهات النظر المعادية للسامية.
وقبل نحو أسبوع، نفذت السلطات مداهمات مماثلة ضد جماعة يمينية متطرفة عنصرية أخرى تسمى Hammerskins، وهي منظمة عنيفة من النازيين الجدد نشأت في الولايات المتحدة في الثمانينيات.
وتأتي حملات القمع الأخيرة بعد نحو عشرة أشهر من إحباط السلطات ما وصفته بمؤامرة يمينية متطرفة للإطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطياً في ألمانيا لتحل محلها مجموعة يقودها زعيم مغمور.
ما مدى شيوع مثل هذه المداهمات؟
ووفقاً للصحيفة الأمريكية، تقوم السلطات في ألمانيا بانتظام بقمع الجماعات اليمينية المتطرفة، خاصة تلك التي تقول إنها تشكل تهديداً مباشراً للسلام العام واخترقت الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى.
وحتى قبل تولّي فيزر منصبها في عام 2021، كانت وزارة الداخلية، التي تشرف على الشرطة والأمن الداخلي، تنفذ في كثير من الأحيان حملات اعتقال ضد جماعات النازيين الجدد. وفي عام 2020 وحده، حُظِرَت ودوهِمَت أربع جماعات من النازيين الجدد، بما في ذلك جماعة Combat 18.
وتنفذ السلطات حملات القمع بعد عمل مكثف لبناء قضايا قانونية. على سبيل المثال، استغرق الإعداد لعملية مداهمة جماعة Artgemeinschaft أمس الأربعاء عاماً كاملاً، وفقاً لوزارة الداخلية.
ما الخلفية السياسية لهذه المداهمات؟
من جهته، قال لورينز بلومنثالر، الذي يعمل في مؤسسة أماديو أنطونيو، وهي منظمة رقابية، إن الجماعات التي تراقب أنشطة النازيين الجدد ومعاداة السامية حذرت منذ فترة طويلة من المنظمات العرقية القومية.
وتُعرَف فيزر بعملها ضد مثل هذه الجماعات. قبل أن تصبح وزيرة للداخلية في ألمانيا الاتحادية، ساعدت في التحقيق في موجة قتل ارتكبتها جماعة إرهابية يمينية متطرفة خلال فترة عملها كنائبة في ولاية هيسن بوسط البلاد.
ومع ذلك، فقد أثارت انتقادات مؤخراً لبقائها في منصبها بوزارة الداخلية بينما تدير أيضاً حملة طويلة الأمد لتصبح حاكمة ولاية هيسن في الانتخابات المقرر إجراؤها في 8 أكتوبر/تشرين الأول. وإذا فازت، فسيتعين عليها التنحي عن منصبها الوزاري، ويجادل نقادٌ بأنها لا ينبغي أن تشتت اهتماماتها بالانتخابات في أثناء توليها هذه الوزارة المهمة.