أعلن مكتب النائب العام الليبي، الإثنين 25 سبتمبر/أيلول 2023، تحريك دعوى جنائية ضد 16 مسؤولاً عن إدارة السدود في البلاد، وذلك على خلفية كارثة درنة التي أودت بحياة آلاف الأشخاص، إثر فيضانات زاد من حدتها انهيار سدين بالمدينة.
حيث قال مكتب النائب العام، في بيان عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: "باشرت لجنة التحقيق بحادثة فيضان درنة سنة 2023، تحليل حادثة انهيار سدي وادي درنة، وأبو منصور، واستقصاء الأسباب المؤدية إليها"، حيث تسببت الكارثة في وفاة 3868 شخصاً وفق الأرقام الرسمية، بينما لا يزال أكثر من 9 آلاف شخص في عداد المفقودين.
أضاف بيان النائب العام الليبي: "اللجنة تولت في درنة وبنغازي وطرابلس إجراء ما يلزم التحقيق، بما يشمل استيفاء المعلومات، وإجراء المعاينات وتسجيل الخسائر في الأرواح، وتوثيق الأضرار المادية المترتبة عن الكارثة، وتدقيق الإجراءات الإدارية والمالية، المتعلقة بالعقد المبرم بين الهيئة العامة للمياه، مع شركة أرسيل التركية للإنشاءات، لتأهيل سدي، وادي درنة وأبو منصور".
كما قال مكتب النائب العام إنه "في إطار البحث الابتدائي في كارثة درنة، أجرت سلطة التحقيق، الأحد، استجواباً تناول الفيضان، ومدى التزام الموظفين العموميين، المكلَّفين بإدارة ملف إعمار المدينة، بقواعد إدارة المال العام وضوابطها لإعادة الإعمار".
بينما أشار البيان إلى "عدم حضور عدة مسؤولين للاستجواب، ومن بينهم رئيس هيئة الموارد المائية السابق، وخَلفه، ومدير إدارة السدود وسلفه، ورئيس قسم تنفيذ مشروعات السدود والصيانة، ورئيس قسم السدود بالمنطقة الشرقية، ورئيس مكتب الموارد المائية في درنة، وعميد بلدية درنة، بما يدفع عنهم مسؤولية إهمالهم اتخاذ وسائل الحيطة من الكوارث، وتسببهم في خسائر اقتصادية".
فيما ختم البيان قائلاً إنه "بانتهاء المحققين من الاستجواب، فقد تقرر حبس هؤلاء الأشخاص المذكورين بصفاتهم احتياطياً، ومواصلة التحقيق في مواجهة بقية المسؤولين عن حادثة كارثة درنة".
سوء إدارة وفساد تسببا في كارثة درنة
من جهة أخرى، خلص تحقيق لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، نشرته الأحد 24 سبتمبر/أيلول، إلى أن "سوء الإدارة والفساد" كانا من أهم العوامل التي فاقمت كارثة درنة في ليبيا.
استندت الصحيفة على "وثائق رسمية"، بما في ذلك تقارير من "ديوان المحاسبة" التابع لحكومة عبد الحميد الدبيبة، في الغرب الليبي، المعترف بها دولياً، ومقابلات مع مسؤولين ليبيين، ومقاولين أجانب، تم تعيينهم لإصلاح المشاكل الهيكلية في السدين اللذين دُمرا.
بحسب الصحيفة الأمريكية، فإن الخسارة الفادحة في الأرواح جراء تلك الفيضانات، هي أحدث مثال على كيفية تأجيج الفساد والإهمال لموجة الغضب على الحكومات في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
كما أنها تثير تساؤلات حول كيفية قدرة البنية التحتية في المنطقة على تحمل الأحداث المناخية المتطرفة، مثل الإعصار "دانيال".
إذ قال مدير معهد الصادق للأبحاث، الذي يتخذ من طرابلس مقراً له، أنس القماطي، إن "الإهمال كان المقدمة لوقوع كارثة درنة برمتها". وأضاف: "الليبيون سئموا.. إنهم يريدون أن يروا عملية شفافة تُخضع الأفراد للمساءلة فعلياً".
كان السدان الليبيان على طول وادي درنة جزءاً من خطط الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، لتوسيع نطاق الاقتصاد الليبي بعد سنوات من وصوله إلى السلطة.
فيما بني السدان عام 1978 عن طريق شركة تابعة ليوغوسلافيا، الدولة الأوروبية السابقة في غرب البلقان والتي تفككت لمجموعة دول حالياً، فيما "فرت" 3 شركات من البلاد لأسباب مختلفة قبل سقوط نظام القذافي.