انضمت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إلى قائمة طويلة من منتقدي اتفاق جديد للهجرة، أبرمه الاتحاد الأوروبي مع تونس، قائلة إن حقوق الإنسان والأخطاء الإجرائية تشيران إلى أن الاتفاق لا يصلح كخطة للمستقبل، بحسب ما كشفت عنه وكالة رويترز الجمعة 22 سبتمبر/أيلول 2023.
جاء ذلك في رسالة رسالة موجهة إلى المفوضية الأوروبية، لتلقي الضوء على الصراع الداخلي في الاتحاد الأوروبي، بين فريقين أحدهما ينتهج سياسات أكثر صرامة لوقف الهجرة غير الشرعية، والآخر يؤكد على ضرورة احترام الاعتبارات الإنسانية والفجوات في سوق العمل.
كانت إيطاليا وهولندا ومؤسسات في الاتحاد الأوروبي قد وقعت اتفاقاً مع تونس، في يوليو/تموز 2023، ووعدت بتقديم مساعدات لها مقابل تضييق الرئيس التونسي قيس سعيد الخناق على مهربي البشر، وفرض قيود مشددة على نقاط المغادرة عبر البحر.
أشادت إيطاليا بهذه "الشراكة الحقيقية"، وتخوض رئيسة الوزراء الإيطالية المناهضة للهجرة جورجا ميلوني معركة شاقة للوفاء بوعودها الانتخابية، بتقليص عدد الوافدين عن طريق البحر من اللاجئين والمهاجرين من أفريقيا.
لكن في رسالة مؤرخة في الثاني من أغسطس/آب 2023، قالت بيربوك إنها "لا تفهم" السبب وراء ما قالت إنها مشاورات غير كافية مع الدول الأخرى في التكتل المكون من 27 دولة، وقالت إنه "يجب أن نسترشد بالديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون في تعاوننا- وهو أمر لم يحظَ بالاعتبار المناسب في الاتفاق مع تونس".
أضافت بيربوك أن "مذكرة التفاهم مع تونس لا يمكن أن تصبح نموذجاً لمزيد من الاتفاقات".
وكالة رويترز قالت من جانبها، إنها اطّلعت على رسالة أخرى مؤرخة في السابع من سبتمبر/أيلول 2023، أرسلها مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، لكنها لم تنشر.
أشار بوريل في هذه الرسالة إلى سابقة قانونية، تشير إلى أن المفوضية قد تخسر في المحكمة في حال مقاضاتها، وقال إن مذكرات مماثلة قد تكون قيد الإعداد مع دول أخرى في البحر المتوسط، ولا سيما مصر، وعلى الرغم من الانتقادات لم يطالب بوريل ولا الوزيرة الألمانية بإلغاء الاتفاق.
وُجهت الرسالتان إلى المفوض الأوروبي لشؤون الجوار والتوسع، أوليفر فارهيلي، عضو المفوضية الأوروبية الذي عينته المجر، ويُنظر إليه على أنه حليف لرئيس الوزراء فيكتور أوربان، أحد أكثر الأصوات في الاتحاد الأوروبي المعارضة للهجرة من الشرق الأوسط وأفريقيا.
ورداً على طلب للتعليق على الرسالتين، قالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية إن السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي تشاورت مع الدول الأعضاء بما فيه الكفاية.
كذلك أعلنت المفوضية الأوروبية، الجمعة 22 سبتمبر/أيلول 2023، عن تخصيص 60 مليون يورو (64 مليون دولار) لدعم الميزانية التونسية، و67 مليون يورو (71 مليون دولار) أخرى كمساعدة في مجال الهجرة.
متحدثة المفوضية ذكرت أن المساعدات مرتبطة باتفاق مع تونس و"ستساعدنا في معالجة الوضع الطارئ الذي نراه في لامبيدوسا"، وهي جزيرة إيطالية صغيرة تعد أول ميناء يصل إليه الكثير من الساعين للوصول إلى الاتحاد الأوروبي.
انتهاكات بحق المهاجرين
وفي رسالة بتاريخ 17 أغسطس/آب 2023، إلى الاتحاد الأوروبي، اطلعت عليها رويترز أيضاً، أدرج خبراء حقوقيون مفوضون من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف العديد من المزاعم، حول انتهاكات جسيمة يتعرض لها المهاجرون على يد السلطات التونسية.
الخبراء قالوا في الرسالة "تأتي هذه الشراكة الجديدة على خلفية تزايُد الأدلة بشأن الانتهاكات والتجاوزات الجسيمة في مجال حقوق الإنسان في تونس، ضد المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وهم من أشد الأشخاص ضعفاً في البلاد".
وتزعج الخلافات حول التعامل مع اللاجئين والمهاجرين الاتحاد الأوروبي منذ وصول أكثر من مليون شخص عبر البحر المتوسط في قوارب المهربين غير الآمنة عام 2015.
أحدث ذلك صدمة للتكتل وأثقل قدراته الأمنية وقدرته على استيعاب تلك الأعداد، وأدى إلى تأجيج خلافات مريرة بين الدول الأعضاء، ما أضرّ بوحدته.
كذلك لا تلوح في الأفق نهاية لتلك الخلافات، كما تشير الرسائل التي جاءت في وقت تدعو فيه ميلوني الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ المزيد من الخطوات للتصدي للهجرة من أفريقيا، بما يشمل مهمة بحرية لمنع رحلات اللاجئين.
كان الاتحاد الأوروبي قد ألغى عملية مماثلة قبل بضع سنوات، بعد انتقادات من أطراف منها ميلوني نفسها، لكونها غير فعالة وغير قانونية في ظل الالتزام بإنقاذ الأرواح.
يتوقع أن يتردد صدى الخطاب المناهض للهجرة بشكل متزايد في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي قبل انتخابات البرلمان الأوروبي، المقررة في يونيو/حزيران 2024، على الرغم من أن التكتل يستضيف في الوقت نفسه عدة ملايين من اللاجئين الأوكرانيين بعد الحرب التي شنتها روسيا على بلادهم.