مع استمرار إغلاق الكثير من الطرق في القرى التي ضربها زلزال المغرب، مساء الجمعة 8 سبتمبر/أيلول 2023، بسبب الانهيارات الأرضية، لجأ بعض القرويين المغاربة إلى طرق بدائية لنقل المساعدات، حيث استخدموا الحمير لنقل المؤن والإمدادات إلى السكان في المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها بالسيارات، في حين تفقد آخرون أنقاض منازلهم وسط حالة من الحزن على فقدان ذويهم.
ففي قرية أكنديز النائية في الأطلس الكبير، يقوم إيدو حماد محمد (42 عاماً) بفرز حزم من إمدادات الإغاثة لقريته، الواقعة على بعد 12 كيلومتراً، والتي لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق الحمير. وقال إنه لم يصل أي مسؤول حكومي إلى القرية بعد، مضيفاً: "مات كثيرون في قريتي، فقدت بعض العائلات 15 من أقاربها والبعض الآخر 12 أو 7".
وتابع: "نحتاج الخيام على وجه الخصوص، فما لدينا ليس كافياً، الناس بمن فيهم الأطفال ينامون في العراء، وليس لديهم سوى أغطية".
وأودى الزلزال، الذي بلغت قوته 6.8 درجة وضرب جبال الأطلس الكبير في وقت متأخر من يوم الجمعة، بحياة ما لا يقل عن 2946 شخصاً وأوقع 5674 مصاباً، وفقاً لأحدث الأرقام الرسمية، ما يجعله أسوأ زلزال من حيث عدد القتلى في المغرب منذ عام 1960، والأقوى منذ عام 1900 على الأقل.
وقام مواطنون عاديون بنقل وتسليم الكثير من الإمدادات التي تصل إلى القرى الجبلية. وجعلت التضاريس الوعرة والطرق المتضررة الاستجابة الحكومية غير مكتملة، حيث كانت بعض القرى الأكثر نكبة هي آخر من يتلقى المساعدة. وأقيمت مستشفيات ميدانية وملاجئ في مواقع يسهل الوصول إليها.
الصخور انهارت من الجبل
من جهته، قال عبد الله حسين (40 عاماً)، من قرية زاويت في الأطلس الكبير "لا يوجد طريق هنا، لا أحد يستطيع إزالة الصخور التي انهارت من الجبل".
وأضاف "هذا هو اليوم السادس بعد الزلزال، وما زلنا ننام في العراء، وليس لدينا أغطية".
وبينما كان يضع إمدادات على الحمير أيضاً، قال إنها لا تستطيع القيام بالرحلة إلى قريته إلا مرتين يومياً.
ومع إعراب بعض الناجين عن إحباطهم إزاء بطء وتيرة الاستجابة، ظهر الملك محمد السادس، الثلاثاء 12 سبتمبر/أيلول، لأول مرة على شاشة التلفزيون منذ وقوع الزلزال، إذ زار مصابين في أحد مستشفيات مراكش.
قرية سويت بالأرض
أما في قرية أوتاغري الصغيرة، التي سويت بالأرض بالكامل تقريباً وقُتل فيها أربعة أشخاص، فقد أمضى ناجون خمس ليال منذ وقوع الزلزال في العراء في فناء مدرسة، وهو أحد المساحات القليلة التي لم تغطها الأنقاض.
إذ قال سعيد حسين (27 عاماً)، الذي عاد إلى القرية من منزله الحالي في مراكش للمساعدة بعد الزلزال "الأمر صعب حقاً. الجو بارد". وأضاف أن الناجين يخشون الهزات الارتدادية ويكافحون من أجل التأقلم مع الوفيات والدمار.
كما أردف "نكتم مشاعرنا، أنت تعلم أن الناس هنا يتسمون بالصلابة بعض الشيء، ولا يمكنهم إظهار أنهم ضعفاء، أو أن بمقدورهم البكاء، ولكن في داخلك تريد فقط الذهاب إلى مكان ما والبكاء".
وتلقت القرية شحنة من الخيام قدمتها الحكومة، لكنها لم تكن مقاومة للماء، وهو ما يشكل مصدر قلق بالغ في منطقة جبلية تكثر فيها الأمطار والثلوج.
"الخيام لن تحل المشكلة"
بدورها، قالت نعيمة وازو (60 عاماً)، التي فقدت ثمانية من أقاربها بسبب الزلزال "سيأتي الشتاء قريباً، وسيكون الوضع صعباً للغاية على الناس. كانت الحياة هنا صعبة حتى عندما كان الناس يعيشون في منازلهم، تتساقط الثلوج هنا والخيام لن تحل المشكلة".
وفي بلدة تلات نيعقوب الصغيرة، التي تعرضت لضرر بالغ لكن تحولت إلى نقطة إغاثة، كان المرضى يتلقون العلاج داخل سيارات إسعاف مصطفة بجوار مخيم للناجين.
وفي البلدة نفسها تفقدت الطالبة إيمان سعيد (19 عاماً) أنقاض منزلها بعد العودة من مدينة فاس التي تدرس بها. وقالت إنها فقدت عشرة أفراد من عائلتها في الزلزال منهم شقيقها.
وأضافت "كل ذكرياتي هنا، عائلتي وأصدقائي وجيراني، مات الجميع وفقدوا منازلهم في هذه المنطقة".
وقالت "كان أخي شاباً عطوفاً للغاية، وكان جميع الجيران يعرفونه، وبكوا عليه عندما مات، لأنه كان خدوماً ويقدم يد العون للجميع. كان مستواه جيداً في المدرسة، ونجح للتو في امتحان السنة الثانية من المرحلة الثانوية هذا العام".