كان حميد بن هنا قد طلب للتو من ابنه الصغير مروان إحضار سكين لتقطيع البطيخ لتناوله مع وجبة العشاء مع الأسرة عندما وقع زلزال المغرب مساء الجمعة 8 سبتمبر/أيلول 2023، وكانوا يستمتعون بتناول طاجن من لحم الضأن والخضراوات مع بداية عطلة نهاية الأسبوع، وكان مروان يخبر والده عن الأدوات التي سيحتاجها للعام الدراسي المقبل.
قال بن هنا: "وقع الزلزال في تلك اللحظة". وأضاف أن الغرفة بدأت تهتز وانطفأت الأنوار وبدأت الأنقاض تتساقط من سقف منزلهم التقليدي الواقع في قرية نائية بجبال الأطلس الكبير.
زلزال المغرب الأقوى منذ مئة عام
كان الزلزال هو الأقوى الذي يضرب المغرب منذ عام 1900 على الأقل، وأدى إلى مقتل أكثر من 2000 شخص، معظمهم في قرى جبلية صغيرة مثل تافغاغت حيث تعيش عائلة بن هنا.
وخرج بن هنا وابنه الآخر معاذ من الباب المفتوح إلى الزقاق عندما بدأ المنزل في الانهيار، وتمكنا من إخراج زوجته أمينة وابنته الصغيرة مريم. لكن عندما انقشع الغبار، اكتشفوا أن مروان لم يتمكن من النجاة.
وكان الطفل البالغ من العمر ثماني سنوات قد ركض إلى داخل المنزل وعثروا على جثته تحت كومة من الأنقاض بلغ ارتفاعها متراً.
لم يتم انتشال جثمانه إلا في اليوم التالي، بعد أن وصل إخوة بن هنا بسيارتهم من الدار البيضاء، التي تبعد مسافة تُقطع في خمس ساعات، للمساعدة في رفع الأنقاض. ووري جثمان مروان الثرى صباح السبت. ووصفه والده بأنه كان ولداً متحمساً يحب الذهاب إلى المدرسة.
تحطم منازل بسبب زلزال المغرب
الأسرة الآن ليست حزينة فحسب، بل صارت معدمة. جميع ممتلكاتهم تحت أنقاض منزلهم المنهار ويواجهون المبيت لليلة ثالثة في العراء في ظل برد الجبل القارس.
مصدر رزق بن هنا، الدراجة ذات الثلاث عجلات التي كان يستخدمها لنقل البضائع في أنحاء الحي مقابل رسوم رمزية، دُفنت تحت الأنقاض ولم تعد تعمل. والزقاق المؤدي إلى منزلهم مغطى بالصخور المتساقطة.
ولم يعد بحوزة الأسرة بعد الزلزال سوى حمار وعنزة، غير أن طعامهما كان في مخزن تعرض كذلك للدفن تحت الأنقاض، كما أن ذبح العنزة لن يجدي نفعاً لعدم قدرة الأسرة على تبريد لحمها.
لم ينج أي منزل تقريباً في قرية تافغاغت من كارثة الزلزال. وقال ناجون إن من بين ما يقرب من 400 قروي لقي 80 حتفهم. وتنتشر أكوام كبيرة من الركام في القرية. وقال بن هنا إن إحدى الأسر التي يعرفها فقدت سبعة من أفرادها.
تجمعت الأسر تحت أشجار الزيتون في حقل صغير لإقامة ملاذات يمكنهم قضاء الليل فيها آمنين من الهزات الارتدادية، بدلاً من العودة إلى منازل تبدو قائمة رغم الأضرار الكبيرة التي لحقت بها.
جلست فاطمة بوجديك مع زوجها في ظل شاحنتهما الحمراء الكبيرة، التي تعرضت لأضرار بالغة بسبب سقوط الأنقاض، بينما كان حمار يرعى في مكان قريب. وكانوا قد اقترضوا المال لشراء الشاحنة ولا يعرفون كيف يمكنهم سداده الآن. وقالت: "وقع الزلزال في جنح الظلام.. وتحولت القرية إلى أنقاض".