تشهد محكمة ألمانية الإثنين 11 سبتمبر/أيلول 2023 جلسة استماع تاريخية تواجه فيها دول جزرية صغيرة، من الدول المتضررة بقدرٍ كبير من الأزمة المناخية، الدولَ الصناعية ذات الانبعاثات العالية من الغازات الدفيئة، في نزاعٍ وصفه المراقبون بأنه أول قضية عدالة مناخية من هذا النوع تُرفع للمطالبة بحماية المحيطات، وفق صحيفة The Guardian البريطانية.
تستمر جلسة الاستماع يومين في محكمة بمدينة هامبورغ الألمانية، وتطلب فيها الدول الجزرية -منها جزر البهاما، وتوفالو، وفانواتو، وأنتيغوا، وبربودا، وغيرها- من المحكمة الدولية لقانون البحار (إيتلوس) الحكمَ بما إذا كان ينبغي إدراج انبعاثات غازات الدفيئة التي تمتصها البيئة البحرية ضمن الملوثات لتلك البيئة أم لا.
جديرٌ بالذكر أن المحيطات أحد أكبر مصارف الكربون على كوكب الأرض، فهي تمتص 25% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتلتقط 90% من الحرارة الناجمة عن تلك الانبعاثات، وتنتج 50% من الأوكسجين الذي يحتاج إليه العالم.
وتقع على عاتق معظم الدول واجبات تقتضيها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (ذات الإلزام القانوني) باتخاذ التدابير اللازمة لمنع التلوث البحري والحدِّ منه والسيطرة عليه.
تخفيضات الانبعاثات الكربونية
وإذا نجحت القضية، التي رفعتها لجنة الدول الجزرية الصغيرة المعنية بتغير المناخ والقانون الدولي (COSIS)، فإن الواجبات الواقعة على الدول المعنية سوف تشمل الحدَّ من الانبعاثات الكربونية، وحماية البيئات البحرية التي تضررت بالفعل بسبب التلوث بثاني أكسيد الكربون.
وتأمل الدول الجزرية أن يُساعد الحكم في دفع الدول إلى تخفيضات الانبعاثات على النحو الذي يقتضيه الوفاء بتعهداتها الواردة في اتفاقية باريس للمناخ، والتي تشمل الحدَّ من الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل النهضة الصناعية، لا سيما وقد حذر العلماء في مايو/أيار الماضي من أن التوقعات تشير إلى أن العالم سيتجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2027.
وقال كوسيا ناتانو، رئيس وزراء توفالو، في بيان: "مستويات سطح البحر ترتفع بسرعة، وهو ما يهدد بإغراق أراضينا تحت المحيط"، و"الظواهر الجوية المتطرفة، التي يتزايد عددها وتتفاقم شدتها عاماً بعد عام، تقتل شعبنا وتدمر بنيتنا التحتية".
أضاف: "كما أن النظم البيئية البحرية والساحلية تهلك بفعل الزيادة الجارية في حرارة المياه وحمضيتها"، ويتعرض شعبنا لـ"ظلمٍ بيِّن" بسبب التغير المناخي، و"نحن على ثقة بأن المحاكم الدولية لن تسمح باستمرار هذا الظلم دون رادع".
تغيُّر مناخي فادح العواقب
تشير التقديرات إلى أن 50% من أراضي عاصمة توفالو، فونافوتي، ستكون مغمورة تحت مياه الفيضانات بحلول عام 2050.
لكن على الرغم من أن اتفاق باريس معاهدةٌ ملزمة قانوناً وتقتضي من الدول خفض الانبعاثات وتشدد على الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى أقل من درجتين مئويتين، فإنها تسمح لكل دولة بأن تضع خطط العمل الخاصة بها.
وقال بايام أخافان، أبرز المستشارين في لجنة الخبراء القانونيين التابعة للدول الجزرية: "لا توجد إلزامات ملموسة بالإبقاء على ارتفاع درجة الحرارة عند حدود 1.5 درجة مئوية، ومن ثم تتزايد احتمالات التعرض لتغيُّر مناخي فادح العواقب".
وقال أخافان إن القضية تعتمد في حجيتها على مبدأ الضرر العابر للحدود، "فانبعاثات ثاني أكسيد الكربون كأنها مدخنة تُطلق غازات سامة عبر الحدود"، و"بعض هذه الدول [الجزرية الصغيرة] ستصبح غير صالحة للسكن في غضون جيل واحد، وكثير من أراضيها ستغرق تحت سطح البحر"، ولذلك فإن هذه القضية "محاولة منا لاستخدام جميع الأدوات المتاحة لإجبار الملوثين الرئيسيين على تغيير مسارهم قبل فوات الأوان".