قال موقع Middle East Eye البريطاني، في تقرير نشره الجمعة 8 سبتمبر/أيلول 2023، إن السودان شهد افتتاح أكثر من 50 مركز اعتقال غير قانوني جديداً منذ بداية الحرب الأهلية في البلاد خلال شهر أبريل/نيسان 2023، مع ارتكاب الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية فظائع واسعة النطاق داخل تلك المراكز.
إذ كشفت مجموعة "محامو الطوارئ Emergency Lawyers"، التي تضم عدداً من النشطاء القانونيين المؤيدين للديمقراطية، أن الطرفين المتحاربين اعتقلا مئات المدنيين داخل 52 منشأة على الأقل. وذكرت المجموعة أنهما حوّلا العاصمة السودانية الخرطوم إلى "سجن كبير لمن تبقى فيها من المدنيين".
اعتقال وتعذيب داخل مراكز غير قانونية في السودان
تحدث المحامون والمدافعون عن حقوق الإنسان إلى 60 معتقلاً وشاهد عيان من جميع أنحاء ولاية الخرطوم. وقد وصف المعتقلون وشهود العيان ما صادفوه من وقائع اختطاف، واعتقال تعسفي غير قانوني، وأعمال شاقة قسرية، وتجويع، وتعذيب، واغتصاب.
وأسفرت تلك الانتهاكات عن وفاة مدنيين سودانيين في عدد غير معروف من الحالات. وتدير قوات الدعم السريع غالبية مراكز الاعتقال المذكورة، لكن ظهرت مزاعم تقول إن ثلاثة أشخاص تعرضوا للتعذيب حتى الموت داخل سجون المخابرات العسكرية التابعة للجيش في جنوب كردفان.
وأوضح محامو الطوارئ في تقريرهم الجديد: "وفقاً لشهادات المعتقلين، هناك نحو 52 مركز اعتقال دائماً موثقاً داخل المدن الثلاث بولاية الخرطوم، 44 منها تابعة لقوات الدعم السريع وثمانية مراكز تديرها القوات المسلحة السودانية". وأردف التقرير: "تقع مراكز الاعتقال الدائمة داخل ثكنات ومعسكرات الجانبين عادةً، كما يستخدمون مباني بعض المؤسسات الحكومية للأغراض نفسها".
جرائم حرب في السودان
صرحت المصادر لمجموعة المحامين ولموقع Middle East Eye البريطاني بوجود عدد غير معروف من مراكز الاعتقال المؤقتة التي تقام داخل منازل المواطنين، والمدارس، والمستشفيات، والمساجد، وأقسام الشرطة، وغيرها من الأعيان المدنية.
كما وصف محامو الطوارئ تلك الفظائع بأنها تمثل جرائم حرب، وأعربوا عن أسفهم إزاء "التصعيد المروع" لعمليات الاعتقال التعسفية والتعذيب نتيجةً للحرب.
تأتي شهادة مجموعة المحامين مدعومةً بتقارير الموقع البريطاني عن انتهاكات واسعة النطاق حدثت خلال الأشهر الخمسة الماضية داخل السودان.
إذ تحدثت المجموعة إلى مدني اعتقلته قوات الدعم السريع وقال إنه كان من بين 200 شخص تم احتجازهم في قبوٍ على مساحة 200 متر مربع، وذلك داخل حي الرياض في العاصمة الخرطوم.
بينما قال آخر إنه رأى نحو 800 معتقلٍ داخل مركز اعتقال شبه عسكري جرت إقامته في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، التي تقع في العاصمة أيضاً بدورها. واستمعت المجموعة إلى شهادات تتحدث عن الصعق بالكهرباء والتجويع القسري، بينما ذكر بعض المعتقلين أنهم أُجبروا على دفن الجنود القتلى.
اعتداءات جنسية في السودان
تعرض الشباب من النساء والرجال لاعتداءات جنسية على يد مقاتلي الجانبين داخل مراكز الاعتقال الجديدة، وجرى توثيق بعض حالات الاغتصاب الجماعي أيضاً.
وقالت المجموعة: "صرّح أحد المعتقلين بأنه رأى فتاتين تتعرضان للاغتصاب في مركز اعتقال خاص بقوات الدعم السريع ويقع داخل مكتب أمني سابق. بينما قال معتقل آخر في مركز اعتقال لقوات الدعم السريع بحي شمبات، إنه أُجبر على خلع جميع ملابسه، وظل يتعرض للتهديد بالاغتصاب طوال فترة اعتقاله".
في حين قال معتقل داخل مركز اعتقال يديره الجيش في منطقة الثورة بأم درمان، إنه ظل محتجزاً لمدة 28 يوماً، وإنه شاهد شخصاً يتعرض للقتل أمامه لأنه قاوم التعذيب.
كذلك قال شهود عيان للموقع البريطاني إن قوات الدعم السريع اعتقلت مئات المدنيين، واتهمتهم بالتواطؤ مع الجيش، دون دليل واضح.
وتعرض أعضاء لجان المقاومة للاعتقال بواسطة مقاتلي الدعم السريع في أنحاء الخرطوم، بحسب عدد من أعضاء اللجان الذين تحدثوا إلى الموقع البريطاني.
إذ أفاد منعم أحمد (23 عاماً)، بتعرضه للاحتجاز لأيام وتعذيبه بواسطة قوات الدعم السريع، وذلك داخل مكتب تابع للمخابرات العامة بالقرب من المطار في شرق الخرطوم. وأوضح منعم: "تعرضت للتعذيب على يد قوات الدعم السريع لعدة أيام، وشاهدت عشرات الشباب المعتقل في الداخل، لكنهم منعونا من الحديث مع بعضنا البعض. وقد اتهموني بالانتماء للقوات المسلحة السودانية وحاولوا إجباري على الاعتراف بذلك".
كما تحدث الموقع البريطاني إلى شقيقين رفضا الكشف عن هويتهما لأنهما يعيشان بالقرب من منزلهما السابق في السودان. وقد أفادا للموقع البريطاني بأنهما تعرضا للاعتقال خلال شهر يوليو/تموز في شرق الخرطوم، وظلا رهن الاحتجاز لنحو 10 أيام.
وقال الشقيقان: "هاجم جنود قوات الدعم السريع منزلنا ودلفوا إلى داخله. ثم هددونا واستمروا في الإقامة معنا داخل المنزل لمدة أسبوعين".
قوات الدعم السريع تنشئ مراكز اعتقال
أنشأت قوات الدعم السريع غالبية مراكز الاعتقال المعروفة، لكن المخابرات العسكرية التابعة للقوات المسلحة شنّت هي الأخرى حملة اعتقالات واسعة. واستهدفت حملة اعتقالات الجيش الجماعات الموالية للديمقراطية، وضمنها أعضاء لجان المقاومة.
وأكد ثلاثة من المصادر في لجان المقاومة -رفضوا ذكر أسمائهم لأسباب أمنية- أن العديد من رفاقهم تعرضوا للاعتقال في الدمازين بولاية النيل الأزرق، وفي مدينتي سنار ومروي.
كما أكّد ثلاثتهم أنهم شاهدوا عشرات المعتقلين في مراكز الاعتقال التي كانوا محتجزين داخلها لفترات مختلفة من الوقت.
وفي بيانٍ للجان المقاومة، اتهمت اللجان حلفاء الجيش في "الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال" بشن حملة اعتقالات ضد النشطاء بطول ولاية النيل الأزرق.