قالت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، الثلاثاء 5 سبتمبر/أيلول 2023، إن الشركات الأمنية الموالية للكرملين في روسيا تعمل على تولي زمام مقاتلي فاغنر في أوكرانيا وأفريقيا، في أعقاب موت مؤسسها يفغيني بريغوجين.
وفق الصحيفة، فإن الكرملين بهذه الخطوة يسعى إلى استغلال خبرة هؤلاء الجنود في حرب أوكرانيا والحفاظ على النفوذ الذي اكتسبته فاغنر في أجزاء من أفريقيا.
وأرسل عدد من الشركات العسكرية الخاصة التي تربطها علاقات بالكرملين جنوداً للقتال في أوكرانيا مؤخراً، غالباً كوسيلة لكسب ود بوتين. وهذه الشركات منها من أسسها ضباط مخابرات، ويمولها أصحاب النفوذ المقربون من بوتين وتسيطر عليها شركات حكومية.
تجنيد مقاتلي فاغنر
"ريدَت" (Redut) واحدة من هذه الشركات، وتعمل الآن على تجنيد مقاتلي فاغنر الذين حاربوا في أوكرانيا، وفقاً لشخص مقرب من وزارة الدفاع الروسية، بحسب "وول ستريت جورنال".
وتأسست شركة "ريدَت"، وهي شركة خدمات أمنية للشركات الروسية العاملة في الشرق الأوسط، على يد جنود مظلات روس سابقين وضباط في المخابرات العسكرية عام 2008.
وتقول الحكومة الأمريكية، التي فرضت عقوبات على الشركة في فبراير/شباط الماضي، إن "ريدت" لا تزال على علاقة بالمخابرات العسكرية الروسية.
ويمول "ريدَت" جينادي تيمشينكو، وهو أحد الأثرياء الذين تربطهم علاقات وثيقة ببوتين، وفقاً لشهادة قدمها أحد المنشقين عن فاغنر أمام البرلمان البريطاني في يوليو/تموز الماضي، حيث قال المنشق أمام البرلمان البريطاني إن مقاتلي "ريدَت" المنتشرين في سوريا يتلقون ذخائر من الجيش الروسي هناك.
تعمل "ريدَت" كآلة تجنيد لوزارة الدفاع لاجتذاب مقاتلي فاغنر السابقين الذين أحجموا عن توقيع عقود مع الجيش النظامي بسبب عدائه السابق مع فاغنر، وفقاً لشخص مقرب من وزارة الدفاع الروسية.
وبعد تمرد بريغوجين، رحل بعض كبار القادة العسكريين عن فاغنر وانضموا إلى "ريدَت". وقالت قنوات تلغرام قريبة من فاغنر إن ضابطاً سابقاً في فاغنر يشرف على جهود التجنيد في "ريدَت".
تنافس على أخذ محل فاغنر
وتتنافس "ريدَت" و"كونفوي" (Convoy)، وهي شركة مرتزقة أخرى تربطها علاقات مع وزارة الدفاع والكرملين، على أخذ محل فاغنر في عملياتها في الخارج، وفقاً لمسؤولين أمنيين أفارقة وغربيين ومنافذ إعلامية روسية.
وتعمل "ريدَت" بجد على تجنيد مقاتلي فاغنر المتحمسين للذهاب إلى أفريقيا، إذ جاء في أحد إعلاناتها المنشورة على موقع VKontakte، المعادل الروسي لفيسبوك، في 15 أغسطس/آب: "فاغنر أصبحت من الماضي. ولو كنت مهتماً حقاً بالعمل في أفريقيا، فوزارة الدفاع وشركة ريدت هما خيارك الأمثل!".
وقال نائب قائد شركة "كونفوي"، فاسيلي ياشتشيك، في مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال" إن بعض مقاتلي بريغوجين انضموا إلى "كونفوي"، رغم أنها لم تبذل جهوداً حثيثة لتجنيدهم.
ويقود شركة "كونفوي"، كونستانتين بيكالوف، الذي كان يدير في السابق عمليات فاغنر العسكرية في أفريقيا قبل انفصاله عن بريغوجين.
يذكر أن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على بيكالوف في فبراير/شباط الماضي، وقال إنه هو من خطط لقتل ثلاثة صحفيين روس في جمهورية أفريقيا الوسطى في يوليو/تموز 2018.
أخذ محل فاغنر في إفريقيا
وقبيل وفاة بريغوجين، قال بيكالوف إن شركة "كونفوي" ستعمل في ثماني دول أفريقية، دون أن يذكرها بالاسم. وقال للموقع الاستقصائي الروسي iStories: "سنمنح الجنود الأفارقة أسلحة جديدة ونشرح لهم كيفية استخدامها".
وتلقت "كونفوي" التي عملت كوحدة احتياطية لوزارة الدفاع الروسية في الماضي، مئات الملايين من الروبلات العام الماضي من رجل الأعمال وشريك بوتين المقرب أركادي روتنبرغ ومن بنك VTB التابع للحكومة، وفقاً لمركز Dossier الاستقصائي الروسي الذي أسسه معارض الكرملين، ميخائيل خودوركوفسكي.
وفي اليوم السابق لوفاة بريغوجين، وصل نائب وزير الدفاع الروسي يونس-بك يفكوروف إلى ليبيا- التي كانت أول ساحة لنشاط فاغنر في أفريقيا- والتقى بالجنرال خليفة حفتر، وفقاً لمسؤول ليبي ومقاول أمني مطلع على الاجتماع، بحسب "وول ستريت جورنال".
وأخبره يفكوروف أن شركة عسكرية خاصة أخرى ستتولى مسؤولية وحدات فاغنر هناك، وفقاً لليبيين مطلعين على الاجتماع. وقالوا إن شركة عسكرية خاصة ستدفع للجنود، لكنهم سيخضعون لرقابة مشددة من ضباط المخابرات العسكرية الروسية أرسلتهم إلى ليبيا لهذا الغرض.
وقال هؤلاء الأشخاص إن بيكالوف كان حاضراً خلال الرحلة، وإن شركته هي المنافس الأول على أخذ مكان فاغنر في دولة شمال أفريقيا.
في الوقت نفسه، في جمهورية أفريقيا الوسطى، من المقرر أن ترسل روسيا شركة عسكرية خاصة أخرى لتحل محل فاغنر، حسبما قال فيديل غواندجيكا، مستشار الأمن الرئاسي في الدولة الأفريقية، في مقابلة مع الصحيفة ذاتها.
ويقول مسؤولون أمنيون أوروبيون إن أفراداً من الجيش الروسي ظهروا أيضاً في بانغي عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى، للإشراف على نقل وحدات فاغنر إلى شركة عسكرية خاصة، على أن هوية هذه الشركة لم تتضح بعد.