قالت صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية، الأربعاء 20 أغسطس/آب 2023، إن أكثر من 200 طالب من طلاب المدارس الثانوية في إسرائيل، ممن يُفترض أن يكونوا على طريق الانضمام في المستقبل القريب إلى جيش الدفاع الإسرائيلي، أعلنوا أنهم لن يستجيبوا للاستدعاء لتأدية الخدمة العسكرية.
اللافت للانتباه، أن مبرر رفض الخدمة ليس فقط بسبب الإصلاحات القضائية التي ما زالت تثير جدلاً واسعاً في إسرائيل، بل أيضاً بسبب "الاحتلال"، لأول مرة.
سوف تطلق هذه المجموعة، المنضوية تحت لواء "الكتلة المناهضة للاحتلال"، العنان لديناميكية غير متوقعة في المعركة حول الإصلاح القضائي وجيش الدفاع الإسرائيلي، لأنها تقفز إلى داخل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ويُتوقع أن ترسل المجموعة في الأسبوع القادم، خطاباً رسمياً إلى جيش الدفاع الإسرائيلي، وقد نشرت فعلياً حول خطوتها على حسابها بموقع تويتر.
خطوة اعتراض متقدمة
حتى اللحظة، رفضت الجماعات التي على شاكلة "أخوة بالسلاح"، وقادت الاحتجاجات ضد الإصلاح القضائي، علناً اتخاذ مواقف حول قضايا الشؤون الخارجية وصبَّت كل تركيزها على قضية الإصلاح القضائي.
إذ إن استراتيجيتها تتمثل في أن تجسد "مظلًة كبيرةً" قادرة على جمع المصوتين اليمينيين واليساريين التقليديين (بغض النظر عن الشؤون الخارجية)، الذين يدعمون برغم اختلافهم الأيديولوجي استقلال القضاء، والذين يشعرون بالقلق حيال احتمالية حيازة السلطة التنفيذية في البلاد قوة غير محدودة.
على النقيض من هذا، فإن هذه الحملة الجديدة توسع نطاق الهجوم على الحكومة ليمتد إلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وعلى موقع إكس (تويتر سابقاً)، قال بعض المنخرطين في الحملة إن الاتجاهات الديكتاتورية المزعومة للحكومة مع إصلاحها القضائي، وُلدت قبل وقت طويل واستمرت على مدى سنوات ضد الفلسطينيين.
في جوهر هذا الطرح، يبدو أن المجموعة تجادل بأن الحكومة إذا كانت لا تحترم حقوق الإنسان الخاصة بالفلسطينيين، فإنها لن تعير أهمية كبيرة لاحترام الحريات المدنية للمواطنين اليهود أيضاً، إذا وقفوا في طريق وصولها إلى أهداف قطاعية محددة أو سلطات ما.
بالمثل، قد تشكل الحملة الجديدة معضلة على صعيد الأفكار والرسائل بالنسبة لقادة الاحتجاج؛ نظراً إلى أن طلاب المدارس العليا يجب عليهم أن يؤدوا الخدمة العسكرية بموجب القانون، وهو شيء أداه بالفعل جميع أفراد قوات الاحتياط.
وقد تشكل المجموعة الجديدة تحدياً كبيراً جديداً بالنسبة لجيش الدفاع الإسرائيلي، من خلال الحد من الحماسة لأداء الخدمة العسكرية الإجبارية، وهو شيء لم يشكل مشكلة كبيرة حتى الآن، برغم استقالة 10 آلاف من جنود الاحتياط أو تهديدهم بالاستقالة.
لكن الجيش الإسرائيلي يشعر بالقلق حيال التأثير طويل الأمد للمواقف السلبية المتخذة تجاه أداء الخدمة العسكرية، على طلاب المرحلة الثانوية المستقبليين.
ويُعزى هذا إلى أن هؤلاء الطلاب المستقبليين قد يستغرقون وقتاً أطول يتلقون خلاله رسائل مختلطة حول أداء الخدمة العسكرية في جيش الدفاع الإسرائيلي، أكثر من الطلاب الآخرين الذين يتخرجون قريباً، والذين ارتبط كثير منهم بالفعل بفكرة الانضمام إلى الجيش قبل أن ينبثق الجدال حول الإصلاح القضائي.
كذلك، ليس هناك وضوح حول الطريقة التي سوف يتعامل بها الجيش مع 200 خريج ثانوية يرفضون جميعاً أداء الخدمة العسكرية.
في السنوات السابقة، كان كثير من الأشخاص الراغبين في تجنب أداء الخدمة العسكرية اعتراضاً على "الاحتلال" يستخدمون على الأرجح وسائل هادئة، تتضمن الحصول على إعفاء لأسباب نفسية، من أجل تجنب الانضمام إلى الجيش.
وعادةً يكون هناك عدد صغير للغاية من رافضي أداء الخدمة العسكرية الذين ينتمون إلى اليسار، والذين يودون الإعلان عن موقفهم الرافض لتأدية الخدمة العسكرية، ومن ثم لا يسبب حبسهم لمدة قصيرة تأثيراً كبيراً على النظام الأكبر، ولا يشكل تحدياً لوجستياً.
على النقيض من ذلك، فإن مثل هذا العدد الكبير المحتمل من رافضي تأدية الخدمة العسكرية دفعة واحدة، قد يزعزع صورة جيش الدفاع الإسرائيلي بدرجة أكبر، وقد يجسد صعوبة لوجيستية إذا كانت هناك رغبة في سجنهم جميعاً، حتى ولو لمدة قصيرة.
في الوقت الراهن، قال جيش الدفاع الإسرائيلي إن الإعلانات كانت جميعها غير رسمية، وإنه لن يرد أو يصوغ استراتيجية حتى يقدم كل فردٍ استجابة ملموسة لاستدعائه لتأدية الخدمة العسكرية.
ثمة آمال كذلك داخل جيش الدفاع الإسرائيلي، بأن مشكلة الإصلاح القضائي قد تُحل من خلال تسوية من نوع ما، قبل حملة التجنيد الكبيرة القادمة، المنتظرة بعد أشهر قليلة من الآن.