أعلن قادة الانقلاب في الغابون، مساء الأربعاء 30 أغسطس/آب 2023، عن اختيار قائد الحرس الجمهوري الجنرال بريس أوليغي نغيما قائداً للمرحلة الانتقالية، وذلك بعد الإطاحة بالرئيس علي بونغو، في خطوة لاقت تنديداً دولياً.
كان الجنرال نغيما الذي اختاره قادة الانقلاب رئيساً للمرحلة الانتقالية، قد صرح في وقت سابقٍ الأربعاء، لصحيفة "لوموند" الفرنسية، إن الرئيس علي بونغو أونديمبا "أحيل إلى التقاعد".
وأضاف نغيما أن بونغو وُضع قيد الإقامة الجبرية "ولديه كل حقوقه، فهو مواطن غابوني عادي مثل أي شخص آخر".
كما أضاف: "لم يكن لديه الحق في تولي فترة ولاية ثالثة، وانتُهك الدستور (…) لذلك قرر الجيش تولي مسؤولياته".
وفقاً لما نقله موقع الجزيرة بالإنجليزية عن تقارير وسائل الإعلام المحلية، فإن نغيما، القائد الأعلى للحرس الجمهوري، أقوى وحدة أمنية في البلاد، وابن عم بونغو، هو زعيم محاولة الانقلاب.
بحسب التقارير، فإن نغيما واحد من أكثر الشخصيات نفوذاً وغموضاً في البلاد، وهو نجل ضابط عسكري، تدرب في الأكاديمية العسكرية الملكية بمكناس في المغرب.
عمل نغيما مساعداً لبونغو حينما كان قائد الحرس الجمهوري للرئيس السابق عمر بونغو، حتى وفاة الزعيم الغابوني السابق في عام 2009.
وعندما تولى علي بونغو، نجل عمر بونغو، السلطة في أكتوبر/تشرين الأول 2009، تم إرسال نغيما إلى المغرب والسنغال للقيام بمهام دبلوماسية، وبعد عقد من الزمن، تولى منصب رئيس الحرس.
كان ينظر إلى نغيما بصفته الحارس الأول للرئيس المخلوع، حيث عمل على تحصين أنظمة الأمن الداخلي من خلال الإصلاحات التي كان يُنظر إليها على أنها إطالة أمد بقاء بونغو في السلطة.
بحسب تقارير إعلامية محلية، قام نغيما أيضاً بتأليف أغنية تضمنت عبارة: "سأدافع عن رئيسي بشرف وولاء".
إلى جانب الواجبات العسكرية والدبلوماسية، كان يُنظر إلى نغيما على أنه رجل أعمال، ويُعتقد أيضاً أنه مليونير في الأوساط الغابونية.
وفقاً لتحقيق أجراه مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد في أمريكا (OCCRP) عام 2020 حول أصول عائلة بونغو بالولايات المتحدة، استثمر نغيما في العقارات، ودفع نقداً.
"لقد اشترى ثلاثة عقارات بأحياء الطبقة المتوسطة والطبقة العاملة في ضواحي هياتسفيل وسيلفر سبرينج بولاية ميريلاند، خارج العاصمة مباشرة، في عامي 2015 و2018. وتم شراء المنازل بإجمالي أكثر من مليون دولار نقداً"، وفقاً لـOCCRP.
وبينما يخضع بونغو حالياً للإقامة الجبرية، يبدو أن جنود الغابون بدأوا الاحتفال بنغيما، حيث أظهرت مقاطع فيديو وصور لم يتم التحقق منها على وسائل التواصل الاجتماعي مجموعة من الجنود يرقصون مع نغيما ويطلقون عليه لقب "الرجل القوي القادم" في الجابون.
أزمة الانتخابات في الغابون
وتصاعد التوتر في الغابون جراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي أجريت السبت 26 أغسطس/آب، في غياب مراقبين دوليين.
وسعى بونغو من خلال هذه الانتخابات إلى تمديد حكم عائلته المستمر منذ 56 عاماً، بينما عملت المعارضة على إحداث تغيير بهذه الدولة الغنية بالنفط والكاكاو، ويعاني سكانها الفقر رغم ذلك.
وقطعت خدمة الإنترنت وفرض حظر التجول ليلاً في جميع أنحاء البلاد، في إطار إجراءات اتخذتها الحكومة قبل إغلاق مراكز الاقتراع؛ للحيلولة دون "نشر أنباء كاذبة" وحصول "أعمال عنف" محتملة.
فيما أعلنت لجنة الانتخابات فجر الأربعاء، فوز الرئيس علي بونغو بولاية ثالثة في الانتخابات، بحصوله على 64.27% من الأصوات، فيما طعنت المعارضة في النتائج.
وقال رئيس لجنة الانتخابات ميشيل ستيفان بوندا، إن المرشح ألبرت أوندو أوسا، منافس بونغو الرئيس جاء في المركز الثاني بحصوله على 30.77%. ورفض فريق بونغو مزاعم أوندو أوسا بحدوث مخالفات انتخابية.
كان المرشح أوسا قد تحدث عن "عمليات تزوير أدارها معسكر بونغو" قبل ساعتين من إغلاق مراكز الاقتراع، مؤكداً فوزه بالانتخابات. وناشد معسكرُه بونغو أول من أمس "تنظيم تسليم السلطة دون إراقة دماء".
إذا نجح هذا الانقلاب في الغابون فإنه سيكون الثامن في غرب ووسط إفريقيا منذ 2020. وأدت انقلابات في مالي وغينيا وبوركينا فاسو وتشاد والنيجر، التي شهدت أحدث انقلاب في يوليو/تموز، إلى تقويض التقدم الديمقراطي بالمنطقة في السنوات القليلة الماضية.
بينما تحكم عائلة بونغو الدولة المنتجة للنفط التي تعاني الفقر أيضاً منذ 56 عاماً. ويقول معارضوه ومنتقدوه إنه لم يقم بأي شيء يُذكر لتوجيه ثروات البلاد النفطية وغيرها لتحسين معيشة السكان البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة، ويعيش ثلثهم تقريباً في فقر.