أعلن القضاء السويسري، الثلاثاء، 29 أغسطس/آب 2023، أنه وجَّه إلى وزير الدفاع الجزائري الأسبق، خالد نزار، لائحة اتهام تشمل خصوصاً تهماً بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية، بشبهة موافقته على عمليات تعذيب خلال الحرب الأهلية في التسعينيات، وذلك وفق ما نشرت وكالة فرانس برس الثلاثاء.
وقالت النيابة العامة الفيدرالية في بيان، إن نزار "باعتباره شخصاً مؤثراً في الجزائر بصفته وزيراً للدفاع وعضواً بالمجلس الأعلى للدولة، وضع أشخاصاً محلّ ثقة لديه في مناصب رئيسية، وأنشأ عن علم وتعمّد هياكل تهدف إلى القضاء على المعارضة الإسلامية". وأضافت: "تبع ذلك جرائم حرب واضطهاد معمم ومنهجي لمدنيين اتهموا بالتعاطف مع المعارضين".
اعتقال وزير دفاع الجزائر الأسبق في سويسرا
كان نزار (85 عاماً) أوقف خلال زيارة إلى جنيف في أكتوبر/تشرين الأول 2011 لاستجوابه من جانب النيابة العامة بناء على شكوى قدّمتها ضدّه منظمة "ترايل إنترناشيونال" غير الحكومية التي تحارب الإفلات من العقاب على جرائم الحرب. وأطلق سراحه بعد ذلك وغادر سويسرا.
وفي عام 2017، طوت النيابة العامة السويسرية الملف على أساس أن الحرب الأهلية الجزائرية لا تشكّل "نزاعاً مسلحاً داخليا" وأنّ سويسرا لا تملك تالياً صلاحية إجراء محاكمات لمتّهمين بارتكاب جرائم حرب محتملة في هذا السياق.
لكنّ المحكمة الجنائية الفيدرالية اعتبرت في الطور الاستئنافي عام 2018 أنّ الاشتباكات في الجزائر كانت كثيفة إلى درجة أنّها مشابهة لمفهوم النزاع المسلح على النحو المحدّد في اتفاقيات جنيف والسوابق القضائية الدولية، في قرار ألزم النيابة العامة بإعادة النظر في القضية.
وأورد البيان أنه بعد الاستماع إلى 24 شخصاً، قدمت النيابة العامة لائحة الاتّهام في 28 أغسطس/آب.
وأحيلت قضية نزار إلى المحكمة الجنائية الفيدرالية على خلفية "انتهاكات للقانون الإنساني الدولي بالمعنى المقصود في اتفاقيات جنيف بين عامي 1992 و1994 في سياق الحرب الأهلية في الجزائر، وعلى خلفية ارتكاب جرائم ضد الإنسانية".
اتهامات لوزير الدفاع الأسبق بتعذيب مواطنين
يشتبه في أن نزار "قام على الأقلّ بالموافقة وتنسيق وتشجيع، عن علم وتعمّد، بالتعذيب وغيره من الأعمال القاسية واللاإنسانية والمهينة، وانتهاكات للسلامة الجسدية والعقلية، واعتقالات وإدانات تعسفية، فضلاً عن عمليات إعدام خارج نطاق القضاء".
وقد وثقت النيابة العامة 11 حالة وقعت بين عامي 1992 و1994. وأودت الحرب الأهلية بحياة 200 ألف شخص، من بينهم الكثير من المدنيين.
من جهتها، قالت منظمة "ترايل إنترناشيونال"، في بيان الثلاثاء، إنّه "بعد ما يقرب من 12 عاماً من الإجراءات المضطربة، فإن الإعلان عن المحاكمة يجدّد الأمل لضحايا الحرب الأهلية الجزائرية (1991-2002) في الحصول على العدالة أخيراً. وسيكون نزار أرفع مسؤول عسكري يحاكم في العالم على أساس الولاية القضائية الدولية". ودعت إلى بدء المحاكمة في أقرب وقت ممكن، مؤكدة أن الوزير خالد نزار "يحتضر".
وأضاف المستشار القانوني في منظمة "ترايل إنترناشيونال"، بينوا مايستر، أنّه "لن يكون من المعقول بالنسبة للضحايا أن يتم حرمانهم الآن من حقّهم في الحصول على العدالة".
ونقل البيان عن عبد الوهاب بوقزوحة، أحد المدّعين الخمسة، قوله: "أنا لا أناضل من أجل نفسي فقط، بل من أجل جميع ضحايا العشرية السوداء وكذلك من أجل الأجيال الشابة والمقبلة".
وبحسب المنظمة، فقد سحب أحد المدّعين شكواه مؤخّراً بسبب ضغوط، وأغلقت شكوى أخرى في عام 2023 لتعذر التواصل مع صاحبها المقيم في الجزائر، فيما توفي مؤخراً مدعٍ ثالث.