يحيي سوريون في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام بشار الأسد، الإثنين 21 أغسطس/آب 2023، الذكرى العاشرة للهجوم بغاز السارين الذي استهدف المدنيين في الغوطة الشرقية قرب دمشق، والذي واجه نظام بشار الأسد اتهامات بتنفيده وأودى بحياة أكثر من 1400 شخص.
في شمال وشمال غرب سوريا، نظّم أهالي الضحايا وناشطون ومسعفون تجمعات منذ مساء أمس الأحد، لإحياء ذكرى الهجوم وشارك عدد من الناجين في مدينة عفرين شمال سوريا، ذكرياتهم الأليمة بينما جسّدت مسرحية للأطفال عن المأساة.
محمّد دحلة، وهو أحد الناجين مما يطلق عليه سوريون اسم "مجزرة الكيماوي"، قال في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية: "نقيم هذه الفعالية ليس لنتذكّر نحن المجزرة، فهي تعيش في ذهننا بشكل يومي"، مضيفاً: "سنبقى مصرّين على محاسبة بشار الأسد المجرم المسؤول عن المجزرة".
عبّر دحلة عن أسفه لتنفيذ نظام بشار الأسد "غيرها من المجازر في ما بعد نتيجة تخاذل العالم".
وقع هجوم الكيماوي في الغوطة الشرقية ومعضمية الشام (الغوطة الغربية) في 21 أغسطس/آب 2013، وكانت المنطقتين من أبرز معاقل الفصائل المعارضة آنذاك قرب العاصمة.
تم تداول عشرات مقاطع الفيديو لجثث أطفال ورجال صدمت العالم، وأكد ناشطون أن عائلات بأكملها ماتت جراء الهجوم بالكيماوي.
في نهاية أغسطس/آب 2013، أعلنت الولايات المتحدة أنها على "قناعة قوية" بأن النظام مسؤول عن الهجوم الذي أوقع 1429 قتيلاً بينهم 426 طفلاً، وفي 16 سبتمبر/أيلول 2022 نشرت الأمم المتحدة تقريراً لخبرائها الذين حققوا في الهجوم، يتضمن "أدلة واضحة" على استخدام غاز السارين.
كان الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما قد اعتبر في تصريحات في بداية الحرب السورية أن استخدام الأسلحة الكيميائية "خط أحمر"، وكان على وشك شنّ ضربات عقابية ضد دمشق، لكنه تراجع.
أبرمت واشنطن في سبتمبر/أيلول 2013 اتفاقاً مع روسيا حول تفكيك الترسانة الكيميائية السورية، ورغم تأكيد النظام لتسليمه مخزونه من الأسلحة الكيميائية، تكرّرت بعد ذلك الاتهامات الموجهة إليه بشنّ هجمات كيميائية.
من بين الناجين من "مجزرة الكيماوي" أيضاً محمّد سليمان، ابن بلدة زملكا في الغوطة، واستعاد المسعف الذي فقد خمسة من أفراد عائلته، تفاصيل يوم الهجوم.
سليمان قال في تصريح للوكالة الفرنسية، إنه في "حوالي الساعة الثانية والنصف تقريباً، جاءتنا إشارة عبر الأجهزة اللاسلكية عن وقوع قصف كيميائي في مدينة زملكا، توجهت الى المكان.. وجدت عدداً كبيراً من المصابين والشهداء، كأنه يوم القيامة، مشهد لا يوصف".
أضاف سليمان: "شمّمت رائحة الموت، قمت بنقل الجثث إلى مركز طبي قريب من منزلي"، مشيراً إلى أنه كان يلفّ وجهه بوشاح لحماية نفسه من تنشّق الغاز.
يروي أنه بعدما توجّه إلى منزل عائلته لم يجد أحداً. في هذه الأثناء، طُلب من جميع السكان إخلاء المنطقة ودخل المسعفون الذين يرتدون ألبسة وقائية فقط.
لكنه واصل مع شقيقه البحث عن عائلته في مركز طبي قريب من المنزل، وقال: "وجدت أبي وسكاناً من الحي وقد وضعت على جثثهم أرقام من دون أسماء، أذكر أن رقم أبي كان 95. وضعت الأسماء على الجثث التي تعرّفت عليها من سكان الحي".
تبيّن لاحقاً أن شقيقه وزوجة شقيقه الآخر مع اثنين من أولادها، قضوا في الهجوم، وأضاف سليمان: "حفرنا مقبرة جماعية تتسع لمئات الأشخاص، وقمنا بدفن الجثث قرب بعضها، يفصل بين الواحد والأخرى حوالي خمسة سنتيمترات".
سليمان أعرب عن أمنيته من دول العالم أن تنصف ضحايا "مجزرة الكيماوي" وأن تحاسب المسؤولين عن الهجوم.
وتشهد سوريا منذ عام 2011 نزاعاً دامياً تسبّب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين داخل البلاد وخارجها.