قبل أيام من المناظرة الأولى للمرشّحين الجمهوريين إلى البيت الأبيض، تتّجه كلّ الأنظار إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لمعرفة ما إذا كان سيشارك في هذه المعركة، بعدما هدّد بالتغيّب عنها، بدعوى أنّ استطلاعات الرأي تؤكد تصدره السباق بفارق كبير عن بقية منافسيه، حسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
مع تبقّي خمسة أشهر لانطلاق انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية للاستحقاق الرئاسي المقرّر في نهاية العام المقبل، تبدو شعبية ترامب أقوى من أي وقت مضى، لكنّ القضايا الجنائية العديدة التي تلاحقه ألقت بظلالها على محاولته العودة إلى البيت الأبيض.
ترامب يهدد بالمقاطعة!
الرئيس السابق، البالغ من العمر 77 عاماً، والذي نادراً ما لا يتصدّر عناوين الأخبار، قال صراحة إنه يفكر بالتغيب عن المناظرة المقرّرة في مدينة ميلووكي (الغرب الأوسط)، مبرراً توجهه هذا بعدم رغبته في تقاسم الأضواء مع مرشحين لا يتمتعون بشعبية حقيقية.
إذ قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن ترامب أبلغ مساعديه بأنّه يخطط للتغلّب على منافسيه عبر التغيب عن المناظرة التي تنظمها "فوكس نيوز"، والحلول بدلاً من ذلك ضيفاً وحيداً في مقابلة عبر الإنترنت يجريها معه تاكر كارلسون، المذيع السابق في الشبكة التلفزيونية المحافظة.
لكن متحدثاً باسم حملة ترامب قال لوكالة فرانس برس "لم نؤكد أي شيء من جانبنا".
سواء شارك ترامب في المناظرة أم قاطعها، فهو سيكون حتماً حاضراً فيها، ذلك أن منافسيه يعتزمون مهاجمة متصدر السباق من خلال التصويب على المحاكمات القضائية السبع الملاحق فيها حالياً، وهي أربع جنائية وثلاث مدنية، والتّهم الموجّهة إليه في هذه المحاكمات والتي تعود وقائعها إلى ما قبل تولّيه الرئاسة وأثناء وجوده في السلطة وبعد انتهاء عهده الذي حفل بالفضائح.
وقال لصحيفة "ميلووكي جورنال سينتينيل" المذيع في "فوكس نيوز"، بريت باير، الذي سيدير المناظرة "من الواضح أن مشاكله القانونية تؤثر على هذا السباق"، وأضاف أن "جميع هؤلاء المرشحين سُئلوا من دون توقف عمّا يحدث في قاعات المحاكم حول البلاد. لذلك سيكون جزءاً من هذا النقاش سواء حضر أم لا".
"برمجة مضادة" لسرقة الأضواء
وتأهّل إلى المناظرة سبعة مرشحين آخرين، هم حاكما ولايتي فلوريدا رون ديسانتيس وداكوتا الشمالية داغ بورغوم، ونائب الرئيس السابق مايك بنس، والسفيرة السابقة لدى الأمم المتّحدة نيكي هايلي، والسيناتور عن ولاية كارولاينا الجنوبية تيم سكوت، ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي والحاكم السابق لولاية نيوجيرسي كريس كريستي.
وتضع استطلاعات الرأي حالياً ديسانتيس في المركز الثاني، وبحسب استطلاعات الرأي فإنّ راماسومي وكريستي يهددان مركز الوصيف الذي يحتله ديسانتيس في ولايتي آيوا ونيوهامبشر، وسيبحثان تالياً خلال المناظرة عن فرص لمهاجمته.
وأمهلت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري ترامب حتى الإثنين لاتخاذ قرار نهائي بشأن ما إذا كان يريد المشاركة في المناظرة أم لا.
وعلى الرغم من أن ترامب يتصدر السباق بفارق شاسع عن أقرب منافسيه، فإن عدداً من حلفائه يخشون أن يؤدي تغيبه عن المناظرة إلى منح منافسيه فرصة لخطف الأضواء وتحقيق مكاسب على حسابه.
وبعيد تبليغه بلائحة الاتهام الثالثة التي وُجّهت إليه، اجتمع ترامب مع مديرين تنفيذيين في "فوكس نيوز" حول مائدة عشاء في نادي الغولف الذي يملكه بولاية نيوجيرسي. وبحسب تقارير إعلامية فقد حذره المسؤولون في الشبكة التلفزيونية من أن ديسانتيس سيسرق الأضواء خلال المناظرة إن هو تغيّب عنها.
وفي هذا السياق لفت مراقبون إلى أن ترامب خسر في 2016 ولاية آيوا أمام السيناتور عن ولاية تكساس تيد كروز بعد أن تغيّب عن مناظرة.
وفي مسعى منه لتفويت الفرصة على منافسيه، دعا ترامب إلى مؤتمر صحفي الإثنين المقبل لعرض تقرير من 100 صفحة، قال إنه يضم أدلة تؤكد ما دأب على قوله من أن انتخابات 2020 التي خسرها أمام الرئيس الديمقراطي جو بايدن شابتها عمليات تزوير.
لكنّ ترامب ما لبث أن ألغى هذا المؤتمر بناءً على نصيحة محاميه.
وبحسب تقارير إعلامية فإن ترامب يفكر باعتماد سياسة "البرمجة المضادة" لسرقة الأضواء الإعلامية من منافسيه، فبالإضافة إلى المقابلة المرجّحة مع كارلسون، قد يختار الملياردير يوم الأربعاء أو الخميس لتسليم نفسه للسلطات القضائية في سجن المقاطعة في مدينة أتلانتا.
والأسبوع الماضي وجّه القضاء في أتلانتا، عاصمة ولاية جورجيا، لائحة اتهام إلى ترامب في قضية تآمر لتزوير انتخابات 2020 وأمره بتسليم نفسه بحلول ظُهر يوم الجمعة.
وإذا كانت الشكوك لا تزال تحيط بقرار ترامب المشاركة في هذه المناظرة الأولى من عدمها، فإنّ مسألة مشاركته في المناظرة الثانية المقرّرة في كاليفورنيا، في 27 سبتمبر/أيلول، باتت محسومة، بعد أن قال صراحة إنّه سيتغيّب عنها، لأنه لا يستسيغ الجهة القائمة بتنظيمها وهي مؤسسة ومعهد رونالد ريغان الرئاسي.