حذَّر مسؤولون أمريكيون من مبيعات الأسلحة الصينية في الشرق الأوسط، قائلين إنها قد تقوض قدرة الجيش الأمريكي على الاندماج مع شركائه في المنطقة، بحسب ما نقله موقع Business Insider البريطاني، الجمعة 18 أغسطس/آب 2023.
بحسب الموقع، لا تقدم الصين أسلحة من شأنها أن تحل محل الأسلحة الأمريكية بشكل مباشر، لكن الاهتمام المتزايد بما تبيعه بكين يعكس رغبة طويلة المدى لدول الشرق الأوسط في تنويع مورّديها وقلقها المتزايد بشأن التزام الولايات المتحدة بالمنطقة، كما يقول الخبراء.
وزادت مبيعات الأسلحة الصينية في الشرق الأوسط بنسبة 80% خلال العقد الماضي، نتيجة لتوسيع علاقات بكين مع الدول بالمنطقة، واستعدادها لتسليم الأسلحة بشكل أسرع وبشروط أقل من واشنطن.
تعارض مع مصالح أمريكا
من جانبه، أخبر الجنرال مايكل كوريلا، رئيس القيادة المركزية الأمريكية، لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في مارس/آذار، بأنه كانت هناك "زيادة كبيرة" في المبيعات العسكرية الصينية لدولٍ شرق أوسطية.
وأضاف كوريلا أن المسؤولين الصينيين "يفتحون كتالوجهم بالكامل. إنهم يمنحونهم شحناً سريعاً، ولا يعطونهم اتفاقية المستخدم النهائي، ويقدمون لهم التمويل".
وحذر كولين كال، وكيل وزارة الدفاع الأمريكية السابق للسياسات، مؤخراً، من أن التبني واسع النطاق للمعدات العسكرية الصينية يمكن أن يتداخل مع إنشاء شبكة من أنظمة الدفاع الجوي التي تناقشها إدارة بايدن مع شركاء الولايات المتحدة في المنطقة.
وقال كال لمجموعة من الحاضرين في تشاتام هاوس، وهو مركز أبحاث بريطاني، في يوليو/تموز، قبل وقتٍ قصير من تنحيه من منصبه في البنتاغون: "الشيء الوحيد الذي لن يؤدي إلى دفاع جوي وصاروخي متكامل هو مجموعة من المعدات العسكرية الصينية في هذه البلدان التي لن يُسمح لها بالاتصال بأي شبكة نبنيها نحن، بسبب مشكلات الاستخبارات المتضادة".
لطالما كانت دول الشرق الأوسط، وعلى رأسها دول الخليج العربي، من كبار المشترين للأسلحة الأمريكية الصنع. ومع ذلك، فإن الاتجاه يتغير.
ففي عام 2010، اشترت المملكة السعودية والإمارات طائرات مسيَّرة مسلحة صينية في وقت لم تكن فيه الولايات المتحدة تصدِّر مثل هذه الأسلحة.
وقال أحمد عبده، الزميل المساعد في تشاتام هاوس، إن مبيعات الأسلحة الصينية إلى المنطقة "كبيرة ومن المتوقع أن تستمر في الزيادة". اشترت الرياض وأبوظبي مؤخراً كميات كبيرة من الطائرات المسيَّرة تركية الصنع، لكن هذا يعكس رغبة في "تنويع سياسة الشراء" بدلاً من الابتعاد عن الصين، على حد قول عبده.
وقال عبده إن الصين تركِّز منذ فترة طويلة، على "سد فجوة أنظمة الأسلحة القتالية الخفيفة منخفضة التكلفة"، الأمر الذي شجعه تردد الولايات المتحدة في بيع مثل هذه الأسلحة لشركائها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأضاف عبده: "من هنا كانت صادرات الصين إلى المنطقة كبيرة".
وفيما يتعلق بالدفاعات الجوية، تشغِّل دول الخليج أسلحة متطورة أمريكية الصنع مثل باتريوت ونظام الدفاع الجوي عالي الارتفاع، والذي ظهر لأول مرة في القتال عندما استخدمته الإمارات لإسقاط الصواريخ الباليستية التي أُطلِقَت من اليمن في يناير/كانون الثاني 2022.
لم تشتر أي دولة في الشرق الأوسط أنظمة دفاع جوي صينية متطورة مثل إتش كيو-22، النسخة الصينية من إس-300 الروسية (فكرت تركيا في شراء إتش كيو-22 في عام 2013، مما أدى إلى تحذيرات الناتو بشأن مشكلات التشغيل البيني. وبدلاً من ذلك، اشترت أنقرة نظام إس-400 الروسي، مما أثار تحذيرات مماثلة، وأدى إلى إقصاء الولايات المتحدة لتركيا من برنامج إف-35).
وفي حين أن الولايات المتحدة قلقة بشأن مبيعات الأسلحة الصينية إلى دول الشرق الأوسط، فإن الصين لا تقدم بدائل مباشرة لما تبيعه الولايات المتحدة.
قالت إميلي هوثورن، محللة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة راني لاستخبارات المخاطر: "تعتبر مبيعات الأسلحة الصينية إلى الشرق الأوسط مهمة، لأنها فعالة من حيث التكلفة وغزيرة الإنتاج، لكن بكين لا تبيع المعدات الأكثر استراتيجية والعالية الجودة والمتقدمة تقنياً".
ومع ذلك، فقد أثرت مشاركة دول الشرق الأوسط مع الصين بالفعل على ما ترغب الولايات المتحدة في بيعه.
وافقت الولايات المتحدة على بيع 50 طائرة من طراز إف-35 و18 طائرة مسيَّرة من طراز إم كيو-48 إلى الإمارات مقابل 19 مليار دولار في يناير/كانون الثاني 2021، لكن واشنطن تباطأت في تنفيذ الصفقة؛ خوفاً من مشاركة الصين في البنية التحتية للجيل الخامس في الإمارات وميناء خليفة التابع لها. وعلَّقت أبوظبي الصفقة بنهاية المطاف في ديسمبر/كانون الأول 2021.
ومنذ ذلك الحين، اشترت الإمارات 12 طائرة تدريب صينية من طراز إل-15، وهي تشارك في تدريبٍ للقوات الجوية بالصين هذا الشهر، وهو أول تدريب من نوعه بين الدولتين.
قالت هوثورن إنه في حين أن تعميق العلاقات البحثية والأمنية بين بكين ودول الخليج العربي ليس مفاجئاً للولايات المتحدة، فإن هذه العلاقات لا تزال "مقلقة للأمن القومي الأمريكي"، ولكن من المحتمل ألا يُنظر إلى ذلك على أنه تهديد إذا كانت هذه الدول "تحافظ على علاقاتها الأمنية والاستخباراتية والسياسية القوية حالياً مع واشنطن أيضاً".
وقال عبده إنه إذا كانت الولايات المتحدة قلقة بشأن "زيادة التبادلات العسكرية" بين الصين ودول الخليج العربي، فعليها "معالجة التصورات المتزايدة لتراجع التزام الولايات المتحدة بالأمن الإقليمي". وأضاف أنه إذا لم تحصل تلك الدول على ما تريده من الولايات المتحدة "فلن يكون أمامها خيار سوى البحث عن بدائل ستقوِّض بلا شك، المصالح الأمنية والعسكرية للولايات المتحدة".