تواصلت، الأحد، 13 أغسطس/آب 2023، اشتباكات بين الجيش السَوداني وقوات الدعم السريع، في مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، أدت إلى سقوط قتلى وجرحى، ونزوح كبير من عدة أحياء في المدينة. وتسبب الصراع في اندلاع معارك يومية في شوارع العاصمة الخرطوم وتجدد الهجمات العرقية في ولاية غرب دارفور ونزوح أكثر من أربعة ملايين شخص داخل السودان وعبر حدوده إلى تشاد ومصر وجنوب السودان ودول أخرى.
أفاد شهود عيان للأناضول، بأن أحياء "كرري وتكساس ودريج والنهضة والتضامن" في مدينة نيالا شهدت قتالاً عنيفاً بين الجيش والدعم السريع.
وأضاف الشهود أن القصف المدفعي وسقوط القذائف أدى إلى "سقوط قتلى وجرحى، ونزوح من هذه الأحياء إلى أماكن آمنة"، دون توفر إحصائية دقيقة حول أعداد القتلى والجرحى.
من جانبها، اتهمت قوات الدعم السريع في بيان، الأحد، نشرته عبر موقع "إكس" قوات الجيش "بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين" في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور.
سقوط قتلى وجرحى في دارفور
أما يوم السبت، قالت هيئة محامي دارفور (غير حكومية) في بيان، إن سقوط القذائف على عدد من أحياء مدينة نيالا أدى إلى مقتل 8 أشخاص.
وأفادت مصادر طبية للأناضول، بمقتل 3 نساء وإصابة 6 آخرين إثر سقوط قذائف صباح السبت بمدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، إثر تجدد الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع.
وقالت هيئة محامي دارفور إن رجالاً من قبيلة عربية ومجهزين بمركبات تابعة لقوات الدعم السريع هاجموا المنطقة وأحرقوا جزءاً من سوق شعبي وداهموا مركز الشرطة في هجوم على قبيلة عربية أخرى. وأضافت أن الهجوم أسفر عن مقتل 24 شخصاً. وأعلنت عدة قبائل عربية الولاء لقوات الدعم السريع.
وقالت هيئة محامي دارفور: "تنبه الهيئة المكونات الاجتماعية بدارفور من خطورة نقل الصراعات المسلحة إلى دارفور.. وعدم الانجرار في الصراعات التي دوافعها السلطة بالمركز (بالأساس)".
إعادة دارفور للصراع الدامي
يهدد القتال العنيف في دارفور بإعادة الإقليم إلى الصراع الدامي في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين عندما ساعدت ميليشيات الجنجويد الجيش في سحق تمرد مجموعات أغلبها غير عربية. وولدت قوات الدعم السريع من رحم ميليشيات الجنجويد.
ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة فقد أسفر الصراع في دارفور عن مقتل نحو 300 ألف شخص. وتطلب المحكمة الجنائية الدولية تسليم مسؤولين سودانيين لمحاكمتهم بتهم ارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.
وحذر فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان في يوليو/تموز من أنه لم تظهر أي بوادر على إمكانية الوصول لحل سريع للصراع وهو ما "يهدد بالتحول إلى حرب أهلية عرقية".
وفشلت جهود الوساطة الدبلوماسية حتى الآن، واستغل الطرفان فترات وقف إطلاق النار لإعادة تنظيم الصفوف.
وتشهد ولايات دارفور منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، اشتباكات مسلحة خاصة في مدن نيالا، والجنينة، وزالنجي وكاس وأم دافوق وكتم.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلّف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وأكثر من 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.
اجتماع في إثيوبيا لبحث الأزمة السودانية
في سياق متصل، فقد سبق أن أعلنت قوى الحرية والتغيير، الائتلاف الحاكم سابقاً في السودان، السبت، عقد اجتماع للقوى المدنية الموقعة على "الاتفاق الإطاري" في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الإثنين المقبل، "لبحث سبل وقف الحرب في السودان".
وقال متحدث "الحرية والتغيير/المجلس المركزي" جعفر حسن عثمان، إن "قيادات القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري ستعقد اجتماعاً في أديس أبابا، الإثنين المقبل، لمناقشة الوضع الإنساني وسبل وقف الحرب في السودان".
وذكر عثمان للأناضول، أن الاجتماع "سيناقش أجندة سياسية لتطوير رؤية لإنهاء الحرب وعودة المسار المدني الديمقراطي للبلاد".
والقوى الموقعة على "الإطاري" هي إعلان الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، وقوى سياسية أخرى (الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، المؤتمر الشعبي) ومنظمات مجتمع مدني، وحركات مسلحة تنضوي تحت لواء "الجبهة الثورية".
يذكر أنه في 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، تم توقيع "الاتفاق الإطاري" بين المكون العسكري في السلطة وقوى مدنية أبرزها "الحرية والتغيير/المجلس المركزي"، لبدء عملية سياسية تنتهي باتفاق يحل الأزمة في البلاد.
وكانت العملية السياسية تهدف إلى حل أزمة ممتدة منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، حين فرض رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان إجراءات استثنائية منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعلان حالة الطوارئ.
لكن العملية السياسية تعطلت بعد اندلاع اشتباكات مسلحة منذ أبريل/نيسان الماضي بين الجيش السوداني، بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وتبادل فيها الطرفان اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال هدنات متتالية.