قال موقع Middle East Eye البريطاني، في تقرير نشره الجمعة 4 أغسطس/آب 2023، إن مهرجان الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون (بافتا) شهد عرض فيلم وثائقي يؤرخ لقتل مئات المحتجين المصريين في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة، وذلك في أعقاب انقلاب عام 2013 الذي أوصل عبد الفتاح السيسي إلى السلطة. وجاء عرض الفيلم في يوم الخميس، الثالث من أغسطس/آب، وسط استحسانٍ كبير من الحضور.
رافق عرض فيلم "ذكريات مذبحة Memories of a Massacre"، للمخرجة نيكي بولستر، حلقة نقاشية شارك فيها نشطاء، وصحفيون، وشهود عيان. وضمت قائمة شهود العيان مراسل موقع Middle East Eye البريطاني، خالد شلبي. وقال شلبي: "كان واضحاً أن الخطة تنص على قتل الجميع منذ البداية".
تأثر من الحضور بتفاصيل فيلم عن رابعة في بريطانيا
يُمكن القول إن تصوير الفيلم القوي لجريمة القتل الجماعية، التي خلفت 900 قتيل على الأقل، أثار ردود فعل عاطفية بين الحضور.
لكن اليوم شهد بعض التوترات بسبب أنصار السيسي الذين لم يتجاوز عددهم خمسة أفراد، لكنهم أغرقوا الحضور بالمنشورات، ما تسبب في إخراجهم من القاعة.
يبدأ الوثائقي بصورةٍ ملتقطة لشاب يمشي وسط الحطام والدخان بينما يتدلى المقلاع من يده. ويقول المصور إنه التقط تلك الصورة قبل ثوانٍ من مصرع ذلك الشاب.
وتُعَدُّ هذه المذبحة واحدةً من أكثر الفظائع الموثقة بصرياً في التاريخ المعاصر. حيث فتحت قوات الأمن النار على المحتجين في وضح النهار. ويوثق الفيلم كثيراً من تلك المشاهد، إلى جانب شهادات الناجين ومجموعة من الشخصيات البارزة.
جريمة قتل جماعي في رابعة
يُذكر أن منظمة هيومن رايتس ووتش أصدرت تقريراً بعد سنوات من المذبحة، توصلت فيه إلى أن السلطات خططت لجريمة قتل جماعي. ولا شك في أن لقطات الفيلم تشهد على تلك الحقيقة. إذ استعرض الفيلم صوراً للقناصة الذين اصطفوا في مواقعهم المختارة بعناية، وذلك على أسطح البنايات المحيطة بموقع الاعتصام، فضلاً عن المروحيات التي كانت تطلق النار من الأعلى.
في حين لا يوثق الفيلم المذبحة فحسب. إذ يسلط الضوء كذلك على موت الديمقراطية المصرية، وانهيار الأحلام التي وُلِدَت في ميدان التحرير خلال الأسابيع التي سبقت وأعقبت سقوط الديكتاتور حسني مبارك.
وبحسب رواية نيكي للأحداث، فإن مذبحة رابعة تمثل نهايةً مفاجئة لتلك الأحلام. ويُلمح سرد الفيلم إلى الدور الذي لعبته "الدولة العميقة" في هندسة نقص الطاقة وانقطاعات الكهرباء التي سبقت الانقلاب.
كما يستعرض الفيلم لقطات إخبارية من الحملات العلنية المناهضة للاعتصام، والتي شهدت الإشارة إلى المحتجين بـ"الصراصير التي يجب سحقها".
مذبحة إبادة جماعية!
قالت داليا فهمي، الأستاذة المساعدة في العلوم السياسية بجامعة لونغ آيلاند، خلال الحلقة النقاشية: "لقد سبق استخدام هذه اللغة في رواندا، وأثناء مذبحة سربرنيتسا والهولوكوست، وفي كمبوديا… لقد كانت هذه المذبحة إبادةً جماعية".
تُسلط نيكي الضوء على الدور الذي لعبه تقاعس الجهات الدولية في تثبيت سلطة السيسي. إذ سمح له ذلك التقاعس بالإفلات من العقاب على مذبحة رابعة، ليتحول الأمر إلى سمةٍ لفترةٍ حكمه التي شهدت اعتقال 65.000 شخصٍ حسب التقديرات حتى الآن.
وقال عمرو مجدي، باحث هيومن رايتس ووتش، خلال الحلقة النقاشية: "أعتقد أن الخطة لم تكن تستهدف فض الاعتصام فحسب، بل عقاب المحتجين وجعلهم عبرةً للآخرين".
وأوضح مجدي أن "ما حدث بعدها، خلال الأسابيع والأشهر والسنوات التالية، بمثابة أسوأ تجربة سلطوية في الواقع".
لكن أكثر زاوية صادمة في الوثائقي كانت تتعلق بذكريات المسؤول السابق بإدارة أوباما، بين رودس. إذ اعترف رودس بأن السيسي كان يعلم أن الولايات المتحدة لن تتدخل بعد الانقلاب.
أفاد رودس خلال الوثائقي بأن "الأمر كان من أكثر التجارب المحبطة، والكئيبة، والمُغضبة. ويرجع السبب إلى أننا اتخذنا قرارنا -كحكومة- بعدم مقاومة واقع الانقلاب. وها نحن اليوم نرى أخطر تداعيات ذلك القرار".