علّقت الحكومة الهندية جوازات السفر الخاصة بعدد من سكان إقليم كشمير ومن ضمنهم الصحفيون، وذلك في تحرك يصفه المراقبون بأنه خطوة غير مسبوقة لخنق المعارضة في الإقليم الذي تقطنه أغلبية مسلمة، والذي يمثل جوهراً للخلاف بين الهند وباكستان، وفقاً لما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني، الثلاثاء 1 أغسطس/آب 2023.
كثير من الكشميريين، الذين يعيشون في منطقة كشمير التي تخضع لسيطرة الهند وأيضاً من يعيشون خارج البلاد، قالوا للموقع البريطاني إنهم تلقوا رسائل بريد إلكتروني من الحكومة الهندية خلال الأيام العشرة الماضية، تبلغهم أن جوازات السفر الخاصة بهم عُلِّقت.
من جانبه، أشار مكتب الجوازات الإقليمي في مدينة "سري نكر" بإقليم كشمير، إلى المادة 10(3) من قانون الجوازات لعام 1967، مع ادعاء أن الأطراف المتأثرة كانت تمثل تهديداً للأمن الهندي، ومع ذلك، أكد الأشخاص المتضررون عدم وجود اتهامات معلقة ضدهم.
أشارت المصادر أيضاً إلى أن ما لا يقل عن 10 أشخاص، من بينهم أكاديميون وطلبة وصحفيون من أبناء كشمير، سواء داخل الإقليم الذي تسيطر عليه الهند أو في الخارج، تلقوا إشعارات خلال الأسبوعين الماضيين، مضيفةً أنها تتوقع فقدان ما بين 70 و90 شخصاً جوازات سفرهم، هذا إن لم يكن العدد يتجاوز ذلك بالفعل.
وفي وقت مبكر من الثلاثاء 1 أغسطس/ آب 2023، أبلغ مسؤول الجوازات في مدينة "سري نكر"، ديفيندر سينغ، موقع The Wire الهندي الإخباري، أنهم تلقوا "تعليمات بتعليق جوازات السفر الخاصة بعشرات الأشخاص، لكنه لا يستطيع الكشف عن العدد المحدد".
أضاف أن بعض هؤلاء الأشخاص على القائمة جرى الاتصال بهم وإبلاغهم بـ"الإجراء المُتخَذ"، ووفقاً لرسائل البريد الإلكتروني التي اطلع عليها الموقع البريطاني، أُبلغ الأشخاص الذين جرى التواصل معهم أن عليهم تسليم وثائقهم وإلا فسيواجهون عواقب غير محددة.
كذلك، أوضح الموقع أن كلاً من المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية، ومنظمة الجوازات المركزية، لم يجب على طلبات أُرسلت إليهم للتعليق والتوضيح.
إضافة إلى ذلك، لم ترد السفارة الهندية في واشنطن العاصمة على طلب أرسله موقع Middle East Eye للتعليق.
قسّمت كشمير منذ عام 1947 بين الهند وباكستان اللتين تتنازعان السيادة عليها بالكامل، وكانت السبب في نشوب حربين بين الدولتين، ومنذ أكثر من ثلاثة عقود، تطالب مجموعات انفصالية باستقلال كشمير أو إلحاقها بباكستان وتقاتل الجنود الهنود.
فيما قتل عشرات الآلاف من المدنيين والجنود والمتمردين في هذه المعارك، وتفاقم التوتر في كشمير التي تسيطر عليها الهند منذ أن فرضت نيودلهي سلطتها المباشرة على الإقليم في أغسطس/آب 2019.
يُشير الموقع البريطاني إلى أن التطورات التي تحدث في كشمير الخاضعة لسيطرة الهند، أضرت الكشميريين الذين يعيشون خارج الهند ضرراً بالغاً، إذ وجد كثير من الصحفيين الكشميريين أنفسهم منفيين بسبب تقليص مساحات التغطيات الصحفية النقدية في الوطن، وبسبب تهديدات التعرض لمضايقات على يد السلطات الهندية.
أحد الطلاب الكشميريين ممن يعيشون خارج الهند وضمن من تلقوا رسالة البريد الإلكتروني في الأسبوع الماضي، قال إن موقفه صار من المستحيل حله الآن، وأضاف الطالب، الذي لم يكشف عن اسمه بسبب الخوف: "يعني هذا إنهاء دراستي واعتقالي وتعذيبي إذا عدت هذه المرة".
يظن الطالب أن أعماله الصحفية التي يؤديها بشكل عرضي من حين لآخر هي التي وضعته في مشاكل مع السلطات، وقال إنه لم يكن واضحاً ما سيؤول إليه موقفه بمجرد انتهاء صلاحية وثائق السفر الخاصة به.
من جانبهم، يقول المراقبون إن إلغاء جوازات السفر يأتي في أعقاب آليات أخرى صُممت لتثبيط المعارضة ومعاقبتها، فخلال العام الماضي، واجه آلاف من الكشميريين تأخيرات هائلة في الحصول على جوازات السفر، إضافة إلى أن أقارب النشطاء والمعارضين حُرموا من الحصول على جوازات السفر، لـ"أسباب أمنية".
يوضح الموقع البريطاني، أن هذه الخطوة تُعد جزءاً من مساعٍ أكبر تستهدف إعادة تشكيل البيئة السياسية في كشمير منذ اتخاذ حكومة مودي قراراً بإلغاء المادة 307، مما أدى إلى تجريد جامو وكشمير من وضعها الخاص بوصفها إقليماً يتمتع بحكم ذاتي.
وقال صحفي كشميري يعيش الآن خارج البلاد ولم يزر الهند منذ سنوات بسبب خوفه، إن الصحافة في كشمير خلال السنوات الأربع الماضية صارت لا تُطاق، وأضاف في تصريح للموقع البريطاني: "يُستدعى الصحفيون المحليون، ويُطلب منهم الكشف عن (رؤسائهم) التحريريين، ويُطلب منهم رؤية التعديلات التي أجروها، ومن الذي أجراها، وما هي التغييرات التي تُجرى".