كشف موقع Middle East Eye البريطاني، الإثنين 31 يوليو/تموز 2023 عن أن مسجداً سُلط عليه الضوء بسبب تفجير مانشستر الذي وقع في 2017، كان هدفاً لما وصفه بحملة تشويه دبرتها حكومة الإمارات، مشيراً إلى أن هذه الحملة نفذت عن طريق شركة استخبارات سويسرية خاصة استأجرتها أبوظبي.
الموقع أشار إلى أن الشركة حاولت في حملتها صياغة علاقات زائفة بين الهجوم والمسجد وجماعة الإخوان المسلمين.
كان المركز الإسلامي في مانشستر، الذي يُعرف أيضاً بمسجد ديدسبري، ضمن مئات المنظمات والأشخاص في أكثر من 13 دولة أوروبية، غالبيتهم مسلمون، الذين يُقال إنهم استُهدفوا بين عامي 2017 و2020 عن طريق شركة الاستخبارات السويسرية Alp Services.
سُلط الضوء على التفاصيل بعد تسريب آلاف الوثائق في بداية الأمر إلى الصحيفة الفرنسية Mediapart، ثم انتشرت هذه التسريبات على نطاق أوسع بين الصحفيين حول أوروبا والشرق الأوسط.
وفي ردها، قالت الشركة السويسرية إن هذه الوثائق جُمعت بطريقة غير قانونية وزُيِّفت جزئياً.
"يشوِّهوننا في كل وقت"
وفي حديثه مع موقع ميدل إيست آي، قال فوزي حفار، رئيس مسجد ديدسبري، إنه كان متفاجئاً عندما علم أن المسجد كان هدفاً لحملة تشويه.
حفار أوضح أن المسجد وأسماء بعضٍ من أمنائه ظهرت بالفعل في لقطات شاشة تخص الوثائق المسربة التي نشرتها وسائل الإعلام العربية، والتي يُزعم أنها تعرض شبكات حددت شركة Alp Services ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين.
قال حفار: "أضحكني الأمر. لست قريباً قطعاً من الإخوان المسلمين. ولم أكن قط"، موضحاً: "تجاهلته. فقد صرت لا أتأثر بالنقد بسهولة هذه الأيام. الأشخاص يشوهوننا في كل وقت".
وأضاف حفار أنه كان برغم ذلك "منزعجاً" من الحملة الإماراتية التي استهدفت المنظمات الإسلامية.
وتابع قائلاً: "كل مكان يوجد فيه مشكلة، تكون الإمارات هناك، سواء كان في ليبيا أو تونس أو اليمن. أي مكان يوجد فيه مشكلة، يضعون أصابعهم فيه وتتسبب في مزيد من المشكلات".
"حملة مدبرة"
في حديثه مع الموقع، قال الإمام السابق في مسجد ديدسبري، مصطفى غراف: "شعرت دائماً أن الحملة ضدي في مسجد ديدسبري كانت مدبرة عن طريق شخص لديه أجندة".
ارتبط غراف، الذي يحمل الجنسية الليبية، بالحملة بسبب دعمه للديمقراطية في ليبيا، ودعم الإمارات للجنرال خليفة حفتر، الزعيم العسكري بشرق ليبيا الذي يقاتل الحكومة الليبية المعترف بها دولياً في طرابلس منذ 2014 من أجل السيطرة على البلاد.
"وجهان لعملة واحدة"
خضع مسجد ديدسبري للتدقيق في أعقاب تفجير مانشستر أرينا الذي وقع في 2017، عندما قيل إن منفذ التفجير، سلمان عبيدي، وآخرين من عائلته كانوا يترددون على المسجد في كثير من الأحيان.
استنتج تحقيق رسمي في وقت سابق من العام الحالي أن المسجد لم يسهم بأي دور في تطرف عبيدي، البريطاني الليبي الذي قيل إنه قاتل في ليبيا على الأرجح عندما كان مراهقاً وتأثر بأيديولوجية تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وبعلاقات عائلته مع تنظيم الجماعة الليبية المقاتلة، لكن التقرير النهائي للتحقيق وجه انتقادات إلى المسجد.
واستنتج أن حفار، عبر الأدلة المقدمة، قلل من قوة العلاقات بين المسجد وعائلة عبيدي.
وقال التقرير إن المسجد أظهر "قيادة ضعيفة" في إخفاقه في معالجة "بيئة سياسية سامة للغاية" عززها الصراع والاضطراب في ليبيا.
وقال حفار في حديثه مع موقع ميدل إيست آي بعد نشر التقرير، إنه اعتقد أن المسجد عومل معاملة ظالمة.
وفقاً للوثائق التي اطلع عليها الموقع البريطاني، بدأت الحملة ضد مسجد ديدسبري في 2018.
تضمنت الحملة نشر عدد من المقالات على الإنترنت بالإنجليزية والفرنسية باستخدام هويات مزيفة، تربط الهجوم، بالمسجد، وبجماعة الإخوان المسلمين، وبتنظيم داعش.
وقد ورد في إحدى المقالات: "الإخوان المسلمون وداعش هما في الأساس وجهان لعملة واحدة".
"مثلما يُصوَّر تنظيم داعش على أنه نادٍ للمختلين عقلياً، الذي ينضم إليه صغار المقاتلين المغسولة أدمغتهم والقادمون من جميع أنحاء العالم لتنفيذ فظائع لا يمكن تخيلها في أنحاء "خلافته" المنهارة، فإن جماعة الإخوان المسلمين تضطلع بدور وكالة التجنيد السرية للتنظيم والأرض الخصبة له".
بل إن أحد الموضوعات التي كُتبت بالفرنسية عن المسجد، والتي ظهرت في موقع التدوين الخاص بصحيفة Mediapart نفسها، كان ضمن 15 موضوعاً حذفتها الصحيفة لاحقاً بعد أن تأكدت من أنها من أعمال حساب مزيف.
كذلك حُررت صفحة بموقع ويكيبيديا حول تفجير مانشستر في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وأضافت فقرة عنوانها "العلاقات مع الإخوان المسلمين".
بحسب موقع ميدل إيست، عُدلت الصفحة في موقع ويكيبيديا عن طريق مستخدم لم يُجرِ أية تعديلات أخرى في ويكيبيديا، فضلاً عن أن صفحة المستخدم نفسه لم تعد موجودة.
في مايو/أيار هذا العام، قُلصت هذه الفقرة في الصفحة الإنجليزية بالموقع التي تتحدث عن الهجوم، لكن الصفحة لا تزال تحتوي على اسم المسجد في فقرة من فقراتها، بالإضافة إلى صورة للمسجد.
وأُضيفت نفس الفقرة إلى الصفحة الفرنسية بالموقع عن طريق مستخدم آخر، لكنها لا تزال موجودة حتى الآن.