استعمل مصمم الغرافيك الأرجنتيني سانتياغو باروس، أدوات تعمل بالذكاء الاصطناعي، لتخمين الصور التي قد يبدو عليها اليوم مئات الأطفال الذين تم اختطافهم أيام الديكتاتورية العسكرية في الأرجنتين خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ويهدف المصمم إلى التذكير بجرائم الدكتاتورية بالبلاد، والمساعدة في لم شمل عائلات فقدت أطفالها.
صحيفة The Times البريطانية ذكرت، الإثنين 31 يوليو/تموز 2023، إن نحو 500 طفل كانوا قد اختُطفوا من أمهاتهم اللواتي كن خصيمات للنظام وقُتل معظمهن بعد الولادة، وعُرضوا للتبني، وغالباً ما انتهى بهم الأمر في كنف شخصيات عسكرية بارزة أو تابعين لها.
واستخدم سانتياغو باروس، مصمم الغرافيك، أدوات الذكاء الاصطناعي لدمج الصور من قاعدة بيانات أنشأها الآباء والأمهات الذين فقدوا أطفالهم، واستعمل التكنولوجيا للجمع بين وجهي الوالدين، وتعديل العمر، لتخمينِ الصورة التي قد يبدو عليها الطفل اليوم.
تُظهر الصور المنشأة بواسطة الذكاء الاصطناعي الأطفال المُتخيلين وهم يحدقون النظر في عيني المشاهد، وقال باروس إن القصد من ذلك "تذكيرنا بأن هذه الجريمة لم تُحلَّ بعد"، مشيراً إلى "اختفاء ما بين 20 ألفاً إلى 30 ألف شخص، خلال الحرب القذرة، بين الديكتاتورية العسكرية ومعارضي النظام، ولم يُعثر على معظمهم".
يعيش باروس في مدينة بوينس آيرس، وتربطه روابط شخصية ببعض هؤلاء المفقودين، فقد اختُطف عمه راؤول أتينسيو عام 1977، العام الثاني للديكتاتورية، ولا يزال مكانه مجهولاً.
في هذا الصدد، قال باروس: "لا يزال عمي مختفياً، ومعه 30 ألف شخص آخر في الأرجنتين"، ولذلك فقد مزجت اهتمامي بالفن مع شغفي بالسياسة. وعشت طوال حياتي مع هذه الأمور". وينشر باروس الصور المُعدلة بالذكاء الاصطناعي على إنستغرام في حساب باسم @IAbuelas.
من جانبها، رحبت مجموعة The Grandmothers of the Plaza de Mayo -وهي أشهر المجموعات المساندة لضحايا الديكتاتورية العسكرية في البلاد- بالمشروع، لكن مسؤوليها شددوا على أن اختبار الحمض النووي لا يزال "الطريقة الوحيدة الموثوقة" لتعقب المفقودين.
أضافت المجموعة: "نقدّر كل بادرة تضامن تساعدنا في البحث، لكننا نرى أنه من المهم الإشارة إلى أن هذه المبادرة ليست علمية، بل مبادرة فنية لطيفة"، وقد "أثار المشروع ضجة" وساعد في ترويج القضية.
يرجو باروس أن يبقى عمله وسيلةً لتسليط الضوء على جرائم الديكتاتورية، وقال: "ما أريده هو أن تثير الصور التعاطفَ فيمن يراها، وربما تدفعه للتحدث إلى صديق يعرف أنه مُتبنى أو مجهول النسب".
الدكتاتورية في الأرجنتين
يأتي هذا، فيما يوافق هذا العام مرور 40 عاماً على نهاية الديكتاتورية التي حكمت البلاد من 1976 حتى 1983، ومع ذلك فلم تنجح مساعي التعقب إلا في العثور على 133 طفلاً فقط من إجمالي الأطفال المختُطفين، ليجتمع شمل هؤلاء بآبائهم أو أجدادهم الذين لا يزالون على قيد الحياة.
تُشير الصحيفة البريطانية، إلى أن الحكام العسكريين اضطهدوا بوحشية كلَّ معارضٍ رأوا فيه تهديداً للنظام، وأُلقي بعض المعارضين من الطائرات في البحر، فيما يسمى بـ"رحلات الموت"، وكان من بين الضحايا أمهات "أخفى" المجلس العسكري أطفالهن، ومنهن امرأة كانت صديقة مقربة للبابا فرانسيس.
كذلك تذهب تقديرات المجموعة إلى أن نحو 500 طفل قد اختُطفوا خلال 7 سنوات من الديكتاتورية العسكرية، التي بدأت عندما استولى خورخي رافاييل فيديلا على السلطة في عام 1976.
في حين كشفت بيانات "المركز الدولي للعدالة الانتقالية"، وهو منظمة لحقوق الإنسان، في أواخر العام الماضي، أن المجموعة نجحت في العثور على الطفل رقم 132 من بين الأطفال المختطفين، باستخدام اختبار الحمض النووي.