يستعين الاتحاد الأوروبي بدول شمال إفريقيا ومنطقة الساحل كمصادر خارجية لاختبار تقنيات المراقبة المثيرة للجدل، دون أي شفافية أو تنظيم، أو تقييمات لأثره على حقوق الإنسان، بحسب موقع Middle East Eye البريطاني الجمعة، 29 يوليو/تموز 2023.
ونقل الموقع البريطاني عن تقريرين جديدين، أنه يجري تمرير التمويل والمعدات والتدريب عبر حزم المساعدات إلى دول ثالثة، حيث تعكف الحكومات الاستبدادية على استخدام تلك المعدات والتقنيات في مراقبة شعوبها المحلية.
كما تجري مراقبة تحركات طالبي اللجوء خارج حدود الاتحاد الأوروبي، قبل استخدامها في النهاية لتقييم طلبات لجوئهم.
الافتقار إلى الشفافية
إلى ذلك، قالت أنتونيلا نابوليتانو، مؤلفة تقرير منظمة EuroMed Rights، لموقع ميدل إيست آي، إن تطبيق تلك المشروعات يفتقر إلى الشفافية، ولا تضع المشروعات في اعتبارها حقوق المدنيين أو حماية بياناتهم.
وأردفت أنتونيلا: "ليست هناك ضمانات كافية في تلك الدول، وليست هناك قوانين لحماية البيانات. أعتقد أن المفارقة هنا تكمن في أن نقل عملية ضبط الحدود إلى دول خارجية يزيد من عدم الاستقرار في تلك الدول".
علاوةً على أن شبكة مشروعات التمويل المعقدة وتنوع الأطراف التي تنفذها تجعل تتبع مسار الأموال مهمةً صعبة.
كما أوضحت أنتونيلا: "يُتيح هذا الأمر للدول تنفيذ العمليات بمستوى شفافية، ومساءلة، وتنظيم أقل بكثير مما هو مطلوب من الاتحاد الأوروبي أو أي حكومة أوروبية".
وربما يعتبر الاتحاد الأوروبي تنظيم مجال الذكاء الاصطناعي بمثابة أولوية، لكن قانونه الخاص بالذكاء الاصطناعي لا يحتوي على أي بنود صارمة بشأن استخدام تلك التقنيات في مراقبة الحدود.
إذ قالت أنتونيلا للموقع البريطاني: "يؤدي هذا إلى خلق نظامٍ من مستويين. ولا يتمتع الأشخاص المتنقلون خارج حدود الاتحاد الأوروبي بالحقوق نفسها بطبيعة الحال".
طلبات اللجوء
يُمكن القول إن تأثير جهود مراقبة المهاجرين أثناء حركتهم خارج أوروبا ينعكس داخل القارة العجوز أيضاً.
إذ نشرت جمعية Privacy International تقريراً في مايو/أيار، وجد أن هناك 5 شركات تستخدم تقنيات الوسم الجغرافي لطالبي اللجوء، وذلك لصالح وزارة الداخلية البريطانية.
وقالت لوسي أوديبيرت، المسؤولة القانونية في الجمعية: "توسّعت هذه الأنشطة بدرجةٍ مهولة في السنوات القليلة الماضية".
كما يجري استخدام أشكال مراقبة أخرى ليست ملموسةً بالدرجة نفسها، وذلك لمراقبة طالبي اللجوء. حيث أوضحت لوسي للموقع البريطاني: "نعلم مثلاً أن وزارة الداخلية تستخدم الشبكات الاجتماعية كثيراً… لتقييم مدى صحة مزاعم الناس في طلبات الهجرة".
وأفاد التقريران بأن الاتحاد الأوروبي يمد دولاً ثالثة بمعدات وتدريبات المراقبة، وذلك تحت ستار حزم مساعدات التنمية.
ويشمل هذا مساعدات الصندوق الائتماني للاتحاد الأوروبي للطوارئ من أجل إفريقيا، والجهاز الأوروبي للجوار والتنمية والتعاون الدولي.
واستشهد التقريران بعدة حالات توضح استخدام أدوات التمويل لدعم وكالات تطبيق القانون في الجزائر، ومصر، وليبيا، وتونس. حيث ساهمت الأدوات في إمداد تلك الدول بالعتاد والتدريبات، التي استخدمتها الحكومات ضد شعوبها المحلية لاحقاً.
وخصص الصندوق الائتماني للاتحاد الأوروبي للطوارئ من أجل إفريقيا تمويلاً بقيمة 15 مليون يورو (16.5 مليون دولار) لتلك الدول، حتى تُدرب مجموعةً من "متخصصي الأمن السيبراني" في مجال المراقبة على الإنترنت واستخلاص البيانات من الأجهزة الذكية.
وكشف تحقيق Privacy International في أمر وكالة سيبول، الوكالة الأوروبية لتدريبات تطبيق القانون، أن الأخيرة درّبت أفراداً من الشرطة الجزائرية على مراقبة الإنترنت.
يُذكر أن تلك التكتيكات تتعارض مع سياسات الاتحاد الأوروبي لمكافحة المعلومات المضللة. وقد سلّط التحقيق الضوء على الارتباط المحتمل بين تلك التكتيكات وبين موجة المعلومات المضللة والرقابة على الإنترنت، التي قادتها حسابات مزيفة موالية للنظام عقب احتجاجات حراك 2019 في الجزائر.
من المسؤول؟
من جهته، يرى الصحفي ماتياس مونروي أن التطور الرئيسي في مراقبة الحدود جاء بعد أزمة المهاجرين المزعومة عام 2015، التي حفّزت تنمية المجمع الصناعي في مجال مراقبة الحدود.
وقبل ذلك التاريخ، كانت وكالة الحدود الأوروبية (فرونتكس) تعتمد بالكامل على الدول الأعضاء في الوكالة من أجل الحصول على المعدات. بينما صار بإمكان الوكالة شراء معداتها بنفسها بعد عام 2015.
وأوضح مونروي للموقع البريطاني قائلاً: "أول شيء فعلوه هو نشر العطاءات لطلب الطائرات المأهولة في البداية، ثم غير المأهولة. ووضعوا كلا العطاءين في أيدي المشغلين الخاصين".
وتتولى شركة Airbus البريطانية مهمة تشغيل طائرات فرونتكس المسيرة حالياً. إذ قال مونروي للموقع البريطاني: "لقد رصد طاقم Airbus قارب كورتونا"، الذي تحطم قبالة سواحل إيطاليا في فبراير/شباط.
وأردف: "قال الجميع إن فرونتكس رصدت القارب. لكن Airbus هي التي رصدته. من الصعب للغاية تتبع المسؤولية هنا. وإذا تم تكليف المشغلين الخاصة بهذا النوع من المراقبة، فمن سيكون المسؤول؟".