عرقلة لـ”الأسرلة”.. قرار الأردن السماح بدخول أهالي الجولان دون تأشيرة يثير فرحهم ويكسر عزلتهم

عربي بوست
تم النشر: 2023/07/28 الساعة 09:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/02/24 الساعة 09:06 بتوقيت غرينتش
الجولان المحتل يعاني من العزلة بسبب اشتراط الدول العربية الجنسية الإسرائيلية لدخولها - الأناضول

أثار قرار الأردن بالسماح لأهالي الجولان الدخول إلى أراضيه دون تأشيرة، فرحاً كبيراً لدى قاطني هذه المنطقة المعزولة بسبب الاحتلال الإسرائيلي لها، مؤكدين أهمية هذا الأمر ضد "الأسرلة في الجولان المحتل"، وداعين الدول العربية الأخرى إلى أن تتخذ قرارات مشابهة.

تقع منطقة الجولان على بعد نحو 60 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة السورية دمشق، وتضم مساحة تصل إلى نحو 120 كيلومتراً مربعاً، وهي محتلة منذ 1967 من الاحتلال الإسرائيلي.

أوضح مصدر رسمي أردني لـ"عربي بوست" أن "الحكومة قررت السماح لأبناء الجولان المحتل بدخول الأردن عن طريق المعبر الشمالي/جسر الملك حسين، شريطة إحضار ورقة من المجلس المحلي تثبت أنهم من أبناء الجولان".

من جهته، قال طاهر أحمد أبو صالح أحد شيوخ منطقة الجولان المحتل لـ"عربي بوست": "نتقدم بالشكر الجزيل والامتنان للمملكة الأردنية وقيادتها على هذا القرار، فإلغاء شرط تأشيرة الدخول أفرحنا كثيراً، ونثمنه جداً".

وأضاف: "نتمنى أن تحذو دول عربية أخرى حذو الأردن، لما فيه من بعد وطني وإنساني، فالبلدان العربية تُفتح أمام الإسرائيلي، وتُغلق أمام العربي السوري الرازح تحت الاحتلال".

وشدد على أن أهالي قرية مجدل شمس في الجولان المحتل، يشعرون بأن عزلتهم تتفكك بعد القرار الأردني، داعياً الدول العربية للاهتمام بشكل أكبر بأهالي هذه المنطقة المعزولة بسبب الاحتلال الإسرائيلي.

وأشار إلى أن الأردن سيكون محطة تركيز لقاءات إنسانية بين عائلات الجولانيين مع عائلاتهم في الداخل السوري من خلال المملكة. 

عرقلة الأسرلة في الجولان المحتل

بدوره، وصف الناشط في الدفاع عن حقوق أهالي الجولان المحتل نزيه كرمة، القرار الأردني بأنه جيد لأهالي المنطقة المعزولة، "فهو يصب في صالحهم، ويساعد على صمودهم في وجه الاحتلال"، الذي قال إنه "يحاول إجبارهم على الجنسية الإسرائيلية التي يرفضونها".

وأوضح في حديثه لـ"عربي بوست"، أن "إسرائيل تحاول منذ عام 1997 أسرلة الأهالي في منطقة الجولان المحتل، وأن الأهالي يرفضون ذلك حتى اليوم، وصامدون أمام جميع محاولات إجبارهم على الجنسية الإسرائيلية، رغم العزلة المفروضة عليهم، بسبب أن الدول العربية وغيرها ترفض دخولهم إليها دون الحصول على تأشيرة، وهذا أمر مستحيل بالنسبة لهم بسبب أنهم لا يملكون جنسية ولا جواز سفر".

الاحتلال يحاصر أهالي الجولان المحتل بسبب صمودهم أمام
الاحتلال يحاصر أهالي الجولان المحتل بسبب صمودهم أمام "الأسرلة" – الأناضول

ويشترط الاحتلال الإسرائيلي على سكان الجولان السوري المحتل، الحصول على الجنسية الإسرائيلية كشرط للدخول إلى البلدان الأخرى.

قال كرمة، إن "أهالي الجولان لا يملكون الجنسية السورية ولا جواز السفر، بل مجرد وثيقة صادرة من الاحتلال الإسرائيلي تصفهم في خانة الجنسية بأنهم (غير مصنّفين)، الأمر الذي يجعلهم يعيشون في مكان معزول عن العالم".

فك عزلة الجولان المحتل

شدد الناشط كرمة أيضاً على أهمية القرار الأردني، كونه فك عن أهالي الجولان المحتل عزلتهم، مشيراً إلى أنهم باتوا بعد هذا القرار يلتقون أقاربهم ومعارفهم في الخارج من خلال زيارة الأردن كمكان التقاء بينهم، بعد السماح لهم بالدخول إلى المملكة دون تأشيرة.

يعيش في منطقة الجولان المحتل نحو 25 ألف مواطن، ما يزالون يتمسكون بأن الأرض جزء من الأراضي السورية، رغم الاحتلال الإسرائيلي، وفق كرمة، الذي قال إن أهالي الجولان المحتل يصرون على أنهم سوريون، ويرفضون التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، وأن يكونوا مواطنين في إسرائيل ويحملون جنسيتها.

لفت كذلك إلى أن "الأردن الآن بات المتنفس الوحيد لأهالي الجولان المحتل، داعياً الدول العربية إلى اتخاذ قرار مشابه، مشيراً إلى أن العديد منهم حاول دخول بلدان عربية، إلا أنها ترفض ذلك وتقوم بإعادتهم من مطاراتها بحجة أنهم لا يملكون تأشيرة، دون الالتفات إلى صمودهم أمام محاولات أسرلتهم بسبب هذه الإجراءات التي فرضها الاحتلال دولياً على أبناء الجولان".

أهالي الجولان المحتل يدعون الدول العربية لقرار مشابه لما قام به الأردن - الأناضول
أهالي الجولان المحتل يدعون الدول العربية لقرار مشابه لما قام به الأردن – الأناضول

فائدة تجارية

وقال أبو صالح في حديثه لـ"عربي بوست"، إن القرار الأردني يسهل الأعمال التجارية والسياحة في المملكة الأردنية بالنسبة لأبناء الجولان المحتل، وكذلك يفتح المجال لهم بالدراسة والعلاج الطبي فيها أيضاً.

وتابع: "العلاقة بين المملكة والطائفة الدرزية منذ زمن قيام الأردن والثورة السورية الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي، حين قام الملك المؤسس عبد الله بالسماح لأبناء الطائفة بالعيش في المملكة ومواصلة الثورة بحرية وكرامة، وظلت العلاقة من حينها قوية ومتينة".

أما الناشط كرمة، فأشار إلى أن القرار الأردني سيساهم مستقبلاً بفتح الباب لتصدير أهالي منطقة الجولان المحتل منتجاتهم الزراعية إلى المملكة وربما منها إلى دول عربية أخرى.

ولفت إلى أنه منذ الاحتلال الإسرائيلي للجولان، تأثرت هذه المنطقة بشكل كبير بسبب الضرر الذي تعرضت له بسبب منعها تصدير منتجاتها، لا سيما التفاح الذي تشتهر به على المستوى العربي.

أكد أن "الجولان المحتل يعتمد بشكل أساسي على الزراعة، وليس أمامه إلا أن يقوم بتصدير منتجاته عبر الاحتلال الذي يتسبب بخسائر كبيرة للمزارعين بسبب ضرائبه والتكاليف التي يفرضها على الأهالي هناك، بسبب أنه يحتكر حركة المنتجات والبضائع من المنطقة وإليها".

وعبّر عن تفاؤله بأن القرار الأردني قد يفك عزلة الجولان الزراعية، ويصب في صالح الإنتاج فيه، لا سيما في إنتاج التفاح الجولاني.

دعوة الدول العربية لقرار مشابه

من جانبه، قال عميد الأسرى السوريين المحررين صدقي المقت في بيان أرسله لوسائل الإعلام: "القرار الأردني مسألة في غاية الأهمية، أن ندخل بلداً عربياً، فهذا يعني بالنسبة لنا فتح فضاء جديد، فنحن محاصرون حضارياً وثقافياً، والأبواب العربية مغلقة أمامنا".

أشار إلى أن أهالي الجولان المحتل ليس أمامهم سوى "الفضاء الإسرائيلي، فهو المتاح أمامنا كي يقدم لنا مغرياته في التطبيع والأسرلة والانصهار في الحالة الإسرائيلية، وهنا تكمن أهمية الخطوة الأردنية، ونتمنى على باقي الدول العربية المطبعة أن تحذو حذو الأردن في تسهيل دخول سكان الجولان السوري المحتل إليها، كي نكسر الحصار الذي يفرضه المحتل الإسرائيلي".

وقال: "نسأل هذه البلدان إذا كانت ترى الجولان المحتل عربياً سورياً أم إسرائيلياً، فإن أبقت على هذا الشرط، فهي إلى جانب المحتل، وإن هي صممت على أن الجولان العربي السوري هو أرض عربية محتلة، فعليها أن تسقط شرط الدخول بتأشيرة، لأننا مواطنون عرب سوريون، ولسنا إسرائيليين".

وتابع بأن "طلب التأشيرة بحد ذاته يطول الكرامة الوطنية لسكان الجولان العربي، رغم أنهم سوريون يرزحون تحت الاحتلال الإسرائيلي. نحن أبناء هذه الأمة العربية، وهي وطننا، وليست وطنناً للإسرائيلي الذي نراه يستطيع دخول دول عربية ترفض دخولنا دون تأشيرة ودون الجنسية الإسرائيلية التي نرفضها".

وحاولت إسرائيل إجبار أهالي الجولان المحتل وغالبيتهم من الدروز، على حمل الجنسية الإسرائيلية في عام 1981 بعد قرار ضم المنطقة المحتلة إليها بقرار من الكنيست، الذي لقي رفضاً سورياً وعربياً، لكن قاطني قرى الجولان ردوا على ذلك بإحراق بطاقات هويات إسرائيلية سلمت إليهم، وأعلنوا إضراباً لستة أشهر أجبر الاحتلال على الرضوخ لمطالبهم بعدم إجبارهم على الجنسية الإسرائيلية، وسلمهم وثائق مكتوب عليها في خانة الجنسية "غير معروفة".

ولم يعلق الاحتلال الإسرائيلي على الخطوة الأردنية حتى الآن، في حين أن الحكومة الأردنية أكدت الشروع بالقرار فور الإعلان عنه.

يشار إلى أن إسرائيل احتلت معظم مرتفعات الجولان من سوريا، إبان حرب عام 1967، وحاولت سوريا استعادة المنطقة خلال حرب عام 1973، إلا أنها لم تتمكن من ذلك، ما أبقى هذه المنطقة تحت الاحتلال حتى اليوم.

تحميل المزيد