شارك مئات الأردنيين، الجمعة 28 يوليو/تموز 2023، بمسيرة احتجاجية وسط العاصمة عَمان، للمطالبة بسحب مشروع قانون "الجرائم الإلكترونية" الذي يرونه بمثابة "تضييق على الحريات" و"تكميم للأفواه".
وانطلقت المسيرة من أمام المسجد الحسيني، بدعوة من عدة أحزاب ونقابات شعبية، ورفع المحتجون لافتات مناهضة لمشروع القانون بينها "قانون الجرائم الإلكترونية.. قتل للحياة السياسية"، كما رددوا عدة هتافات رافضة له، مثل "حرية حرية.. لا للقبضة الأمنية".
وطالب المتحدثون بالمسيرة، وهم من أمناء أحزاب وقادة تنسيقيات شعبية، العاهل الأردني الملك عبد الله بـ"التدخل" وعدم تمرير هذا القانون الذي وصفوه بـ"الرجعي"، كما أكد المتحدثون استمرار الفعاليات الرافضة للقانون، حتى إسقاطه.
"قانون مثير للجدل"
والخميس 27 يوليو/تموز، أقرّ مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى بالبرلمان)، مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، بعد إجراء تعديلات على عدد من بنوده، رغم مطالبات سابقة بسحبه وردّه، لما اعتُبر أنه "تضييق على الحريات".
جاء ذلك خلال جلسة عقدها بحضور رئيس الوزراء بشر الخصاونة وأعضاء حكومته، حيث شهدت بدايتها مقترحاً بردّه، إلا أن ذلك لم ينجح، وناقش المجلس مواد مشروع القانون، وصوّت عليها واحدة تلو الأخرى، بعد مداخلات واسعة ومطالبات بتعديل بعض النصوص وتوضيح للمفردات الواردة فيه.
وليصبح قانوناً ساري المفعول، يحتاج المشروع إلى المرور بمراحل دستورية، حيث تتم مناقشته من قِبل البرلمان بشقَّيه، وبعد التوافق عليه يرفع لعاهل البلاد، لإصدار مرسوم ملكي به، ثم إعلانه بالجريدة الرسمية.
41 مادة في القانون
كانت الحكومة الأردنية أشارت، في وقت سابق، إلى أن مشروع القانون بما يتضمنه من 41 مادة "لا يهدف إلى الحد من الحريات"، وإنما إلى معالجة "المعلومات المضللة" و"خطاب الكراهية" و"التشهير عبر الإنترنت".
وتفرض المادة 15 من مشروع قانون "الجرائم الإلكترونية "عقوبات بالحبس والغرامة على أفعال عدة، منها إرسال أو إعادة إرسال أو نشر الأخبار الكاذبة قصداً، أو قدح أو ذم أو تحقير أي شخص عبر الشبكة المعلوماتية أو من خلال منصات التواصل الاجتماعي.
وتنص عقوبة المادة 15 بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة تتراوح بين 5 آلاف (نحو 7 آلاف دولار أمريكي) إلى 20 ألف دينار (نحو 28 ألف دولار) عقب تخفيضها من 40 ألف دينار (نحو 56 ألف دولار).
وعام 2018، قررت الحكومة الأردنية السابقة، برئاسة عمر الرزاز، الموافقة على مشروع قانون معدل لقانون الجرائم الإلكترونيّة، وإرساله إلى مجلس النواب، للسير بإجراءات إقراره وفق القنوات الدستورية.
لكن اضطرت آنذاك، حكومة الرزاز إلى سحبه، بناء على طلب المجلس، بعدما أثار انتقاداً واسعاً في البلاد لما يحتويه من عقوبات مغلّظة على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بوصفها تقييداً للحريات.
ويُشار إلى أن مشروع القانون المُقترَح قوبل بانتقادات من النشطاء والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان، الذين يقولون إنّ التشريع سيقوض حرية التعبير والرأي، إذ يحدد مشروع القانون، الذي اقتُرِح في وقت سابق من هذا الأسبوع، عدداً من القيود التي قد تؤدي إلى السجن أو غرامات باهظة، بحسب ما أفاد به موقع Middle East Eye البريطاني.
وهناك 41 تعديلاً مقترحاً على القانون، بما في ذلك صلاحيات حجب منصات التواصل الاجتماعي وإبطاء مواقع الإنترنت، بالإضافة إلى منح الدولة سلطة طلب حذف منشور، ويهدف القانون الجديد إلى أن يحل محل قوانين الجرائم السيبرانية لعام 2015 في الأردن.