تسبب طرح بنكيْ الأهلي المصري ومصر شهادتي ادخار بالدولار الأمريكي لمدة 3 سنوات، بعائد سنوي 9% يصرف مقدماً بما يعادله بالجنيه المصري؛ حالة من الخوف والقلق لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي من انتشار غسيل الأموال، لعدم اشتراط البنكين السؤال عن مصدر الأموال، فيما أيد آخرون القرار واعتبروه خطوة مهمة لمواجهة نقص العملة الصعبة.
إذ طرح بنكا الأهلي المصري ومصر، قبل يومين، شهادتي ادخار تستهدفان جمع الدولار، وتدبيره للجهاز المصرفي والحكومة، وخاصة المختزن لدى المواطنين والعائدين من الخارج، والاحتياطي المتوافر لدى الشركات وتخشى التصرف به، دون السؤال عن مصدر الأموال، بحسب وسائل إعلام مصرية.
وتتيح الشهادات الجديدة فرصة حصول صاحبها على قروض بـ3 ملايين جنيه، تسدد حتى بلوغه سن المعاش، مع عائد ربع سنوي بالدولار، مع حق استرداد الشهادة بالدولار بعد انقضاء فترة تزيد عن 6 أشهر. وبدأ التعامل على الشهادات الجديدة اعتباراً من صباح الأربعاء.
بالإضافة إلى ذلك، يجوز الاقتراض بضمان الشهادة حتى 50% من قيمتها بالجنيه المصري بحد أقصى يصل إلى 10 ملايين جنيه، وبعائد أقل من 2.25% من سعر إقراض البنك المركزي.
"قرار كارثي"
وعلق الإعلامي المصري معتز مطر في تغريدة عبر حسابه بموقع "تويتر": "هذا قرار كارثي.. سيؤرخ ما قبله وما بعده. هذا القرار سيضع مصر على رأس القائمة الحمراء للدول الموصومة بغسيل الأموال".
وأضاف معتز مطر: "هذا القرار يعني أنه قد أغلقت كل الأبواب بالضبة والمفتاح -خصوصاً الخليجية- في وجه السيسي. هذا الهراء يعني فتح الباب للأموال القذرة من تهريب الآثار والمخدرات لغسيلها.. وهؤلاء أموالهم ستصبح مباحة لأمريكا -بالقانون- أو للسيسي أيهما أقرب!!".
وتابع: "هذا هو المنحنى الأخير قبل سقوط البلاد المدوِّي. نحن في سباق مع عقارب الزمن. إما السيسي هيخلص ع البلد أو يأخذه المصريون بغتة.. اللهم هل بلغت! اللهم فاشهد".
من جهته، كتب المواطن مصطفى إبراهيم: "بإعلان بنوك مصر اليوم عن الودائع الدولارية دون السؤال عن مصدر الدولار؛ ستدخل مصر ضمن الثقوب السوداء والتي منها قبرص ومالطا وليشتنشتاين وغيرها، وسوف تعرض مصر لعقوبات دولية لمحاربة غسيل الأموال".
بينما غرّد عاطف ويليم وقال: "أعتقد أن الهدف من هذا القرار فيما يخص مصر هو فقط من أجل زيادة الحصيلة الدولارية، لكن هذا لا يمنع من تطور الأمور ناحية استغلال البعض لهذا القرار في القيام بعمليات غسيل أموال، وأعتقد أن الحكومة المصرية سوف تكون أكثر برجماتية من أجل الحصول على الدولار بأية طريقة".
من ناحيته، قال المغرد حاتم: "يا معلم، رجع لنا دولاراتنا يا معلم، يفتح الله، إنت مش قلت الإيداع بدون السؤال عن المصدر؟ بس علشان تسحبهم لازم أعرف جبتهم منين وعايزهم في إيه؟ ما هي مش طابونة! الدولار (السيد) الذهب الغاز (اللي من حقل ظهر) السيسي (النموذج) مصر (ذات الجون!)".
جذب شخصيات أجنبية
في المقابل، كتبت هويدا المصرية: "شخصيات أجنبية من جنسيات مختلفة تستفسر عن كيفية عمل الودائع الدولارية في بنوك مصر تمهيداً لإرسال مبالغ كبيرة بالدولار للاستفادة من مميزات الوديعة، هو ده المقصود من عمل الودائع، مش تقولي دولارات المصريين".
وقال مغرد آخر: "الشهادة الدولارية المستهدف منها 20 مليار، ولو جمعهم يبقى الثقة ما زالت موجودة وهيستقطب الأموال الساخنة وهيقدر يتحكم في سعر الصرف ويحرر الصرف من ٣١ جنيه للدولار لـ٣٤ أو ٣٥، ومش هيقدر يعمل كده إلا لما ينتهي سعر الصرف في السوق السوداء علشان ما تعالش منه ويبقى سعر كل حاجة الضعف".
شهادة ادخار بالجنيه
وبعد طرح الوديعة الدولارية، طرح البنك العربي الإفريقي الدولي في مصر، شهادة ادخار بالجنيه المصري لمدة 3 سنوات بعائد 40% من قيمة الشهادة مدفوعاً مقدماً، بحد أدنى 5000 جنيه ومضاعفات الألف جنيه ودون حد أقصى.
وفي منشور عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قال البنك، إن الشهادة لا يمكن كسرها قبل مرور 6 أشهر من تاريخ الربط، ويكون معدل الخصم من قيمة الفائدة المضافة مقدماً على النحو التالي إذا تم كسرها، بعد 6 أشهر يتم خصم 95% من قيمة الفائدة، وفي السنة الثانية يتم خصم 63% من قيمة الفائدة، أما في السنة الثالثة فيتم خصم 28% من قيمة الفائدة.
وتواجه مصر نقصاً في العملة الصعبة، وخسر الجنيه حوالي 50% من قيمته أمام الدولار بعد خفض قيمته مرات عدة منذ مارس/آذار 2022.
وتعاني مصر بسبب تزايد الديون وارتفاع التضخم لمستوى قياسي منذ أن كشفت الحرب الروسية على أوكرانيا عن نقاط ضعف في الاقتصاد المصري؛ ما دفعها لطلب مساعدة صندوق النقد الدولي بموجب برنامج قرض قيمته 3 مليارات دولار.
تراجع تحويلات المصريين بالخارج
وتشهد تحويلات المصريين بالخارج تراجعاً كبيراً، حيث قال البنك المركزي المصري، أمس الثلاثاء، إن تحويلات المصريين في الخارج تراجعت بنسبة 26.1% إلى 17.5 مليار دولار خلال الأشهر الـ9 الأولى من العام المالي الحالي (يوليو/تموز 2022 إلى مارس/آذار 2023) مقارنة بـ23.6 مليار دولار في الفترة نفسها من العام المالي السابق.
وقال مصرفيون لوكالة رويترز للأنباء إن العدد الأكبر من المصريين في الخارج أجروا التحويلات عبر السوق غير الرسمية، وذلك في وقت تواجه فيه البلاد أزمة خانقة في العملة الأجنبية.
وتتوقع الحكومة أنه بحلول نهاية السنة المالية في يونيو/حزيران ستصل الديون إلى 93% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يُظهر ارتفاع معدل الدين خلال السنوات القليلة الماضية الذي تريد الحكومة خفضه إلى 75% بحلول عام 2026.
وأدّت أعباء المديونية الثقيلة وارتفاع أسعار الفائدة وضعف العملة إلى زيادة تكلفة خدمة الدين، وتوقع تقرير لوكالة رويترز أن تبتلع مدفوعات الفوائد على الديون أكثر من 45% من إجمالي الإيرادات في السنة المالية التي تنتهي في يونيو/حزيران.
ويجب على مصر أن تسدد لصندوق النقد الدولي وحده 11.4 مليار دولار على مدى السنوات الـ3 المقبلة.
وقفز تضخم أسعار المستهلك السنوي في مصر إلى 36.8% خلال يونيو/حزيران الماضي، صعوداً من 33.7% في مايو/أيار السابق له، ومقابل 14.7% في الشهر نفسه من العام الماضي، وهو الأعلى على الإطلاق خلال القرن الحالي.