كشف موقع "أكسيوس" الأمريكي في تقرير له الأحد 23 يوليو/تموز 2023 أن الرئيس الأمريكي جو بايدن وجَّه الدعوة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى عدم المضي قدماً في تصويت الكنيست الإسرائيلي المزمع على مشروع قانون يمثل جزءاً من الإصلاح القضائي للحكومة، قائلاً إنه قلق للغاية بشأن التشريع.
كذلك فقد نقل الموقع عن بايدن أنه قال: "يبدو أن اقتراح الإصلاح القضائي الحالي أصبح أكثر إثارة للانقسام وليس أقل". كذلك فقد أضاف أنه "بالنظر إلى مجموعة التهديدات والتحديات التي تواجه إسرائيل في الوقت الحالي، ليس من المنطقي أن يستعجل القادة الإسرائيليون هذا – يجب أن يكون التركيز على جمع الناس معاً وإيجاد إجماع".
نتنياهو يوبّخ وزير دفاعه
في سياق متصل، فقد وبّخ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزير الدفاع في حكومته يوآف غالانت، بسبب دعوة الأخير لتأجيل التصويت على خطة التعديلات القضائية، التي من شأنها أن تحد من بعض سلطات المحكمة العليا، بعد أن أشعلت احتجاجات واسعة بالبلاد.
وقالت قناة "12" الإسرائيلية الخاصة إنّ غالانت دعا الأحد، في مقابلة تلفزيونية مع القناة ذاتها، الحكومة إلى تأجيل التصويت على مشروع قانون "الحد من المعقولية" المثير للجدل لعدة أيام، لاحتواء الأمن.
وأشارت القناة إلى أنّ نتنياهو هاتف غالانت مساء الأحد، ووبَّخه، قائلاً له: "لا تتدخل، أنا أتعامل مع الأمن". وأضاف نتنياهو في حديثه مع غالانت: "تعتقد أن اقتراحك يمكن أن يجلب فوائد لكنه يضر بشدة، توقف عن التصرف كأنك رئيس الوزراء".
مناوشات بين نتنياهو ووزير دفاعه
هذه ليست المرّة الأولى التي تحدث فيها مناوشة كلامية بين نتنياهو وغالانت، حيث دعا الأخير، في مارس/آذار الماضي، نتنياهو، بشكل علني، إلى وقف خطة "الإصلاحات القضائية"، معتبراً أنها "تسببت بانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي، ما يشكل خطراً مباشراً وملموساً على أمن الدولة".
وإثر ذلك، أقال نتنياهو، وزير الدفاع غالانت حينها قبل أن يعيده إلى منصبه بعد أسابيع قليلة.
ومن المتوقع أن يتم التصويت على مشروع قانون "الحد من المعقولية"، وهو جزء من خطة التعديلات القضائية، بالقراءتين الثانية والثالثة خلال بداية الأسبوع الجاري، وفي حال التصديق عليه سيصبح نافذاً.
ومن شأن مشروع قانون "الحد من المعقولية" أن يمنع المحاكم الإسرائيلية، بما فيها المحكمة العليا، من تطبيق ما يعرف باسم "معيار المعقولية" على القرارات التي يتخذها المسؤولون المنتخبون.
وتشهد إسرائيل، منذ بداية العام الجاري، موجة احتجاجات على تشريعات تدفع بها الحكومة لتعديل القضاء، إذ تعتبرها المعارضة "انقلاباً على الديمقراطية" كونها تحد من سلطات المحكمة العليا وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد.
وتتواصل الاحتجاجات للأسبوع الـ29 ضد مشاريع القوانين التي تدفع بها الحكومة للتعديل القضائي، وتقول المعارضة إن الحكومة "تحوّل إسرائيل إلى ديكتاتورية".
في سياق موازٍ، قدم الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، عرضاً جديداً للتسوية بين الائتلاف والمعارضة، في محاولة لإنهاء الانقسام حول إصلاح جهاز القضاء، بحسب ما أفاد موقع "واينت" الإلكتروني، مساء الأحد، وسط مساعٍ ماراثونية للتوصل إلى تسوية قبل إقرار تشريع قانون يلغي حجة عدم المعقولية.
إضراب الأنشطة الاقتصادية في إسرائيل
في المقابل، أعلن منتدى الأعمال الإسرائيلي، الذي يضم 150 من كبار الشركات الفاعلة في الاقتصاد الإسرائيلي، عن إضراب الأنشطة الاقتصادية يوم الإثنين، احتجاجاً على المساعي لإضعاف جهاز القضاء. ويشمل الإضراب المراكز التجارية ومحطات الوقود وشركات الهايتك ومكاتب المحاماة والخدمات القانونية والمصانع.
ويضم منتدى الأعمال الإسرائيلي بنك "لئومي" وبنك "هبوعليم" وبنك "مزراحي طفحوت" و"بنك بنلئومي"، بالإضافة إلى شركتي التأمين "هرئيل" و"ياشير"، بالإضافة إلى المراكز التجارية التابعة لشبكة "عزرائيلي" و"بيغ"؛ بالإضافة إلى شركة "تنوفا" و"سوبر فارم" وشبكة "شوبرسال" وغيرها من الشركات.
وبحسب تقرير "واينت"، فإن التسوية التي يعرضها هرتسوغ تتألف من شقين، الأول يُعنى بنص توافقي حول تقليص حجة عدم المعقولية وتطبيع "معيار المعقولية" على قرارات الحكومة، في حين يُعنى الشق الثاني بتعليق العملية التشريعية لسائر القوانين التي تدفع بها الحكومة ضمن خطة إضعاف القضاء.
وذكر "واينت" أن التسوية التي عرضها هرتسوغ تأتي في إطار جولة المباحثات المكوكية التي يجريها مع الأطراف المعنية في الائتلاف المعارضة، منذ عودته في وقت سابق، اليوم، من زيارة استمرت لأيام في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي بدأت بالاجتماع مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في مستشفى "شيبا"، حيث يمكث الأخير.
وأفاد التقرير بأن هرتسوغ اجتمع مع يائير لابيد، بعد اجتماعه مع نتنياهو، فيما يعتزم الاجتماع برئيس حزب "المعسكر الوطني"، بيني غانتس، في وقت لاحق، كما أنه يسعى للتوسط بعقد اجتماع بين وزير القضاء، ياريف ليفين، وغانتس، في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الجانبين.
وبحسب مصادر مطلعة على المفاوضات، فإن اقتراح التسوية بشأن معيار المعقولية مقبول لدى كبار قادة المعارضة، والعقبة الوحيدة هي مسألة تجميد التشريعات القضائية، حيث يرفض الليكود التجميد لأكثر من ثلاثة أشهر، فيما يطالب لابيد بتجميد التشريعات لمدة 15 شهراً.
في المقابل، أشارت القناة 12 إلى أن الائتلاف مستعد لبحث إمكانية تجميد التشريعات المتعلقة بإضعاف القضاء لمدة أقصاها 8 أشهر، وذلك لمنحهم الفرصة لتمريرها في حال عدم التوصل إلى مخطط توافقي مع المعارضة قبل انتهاء الدورة المقبلة للكنيست.
وأفادت القناة بأن قادة "الإصلاح القضائي" في الحكومة، يريدون أن ينتهي التزامهم بتعليق التشريعات القضائية، قبل شهر على الأقل من نهاية الدورة المقبلة للكنيست، حتى يتمكنوا من تمريرها في عملية تشريعية "خاطفة" إذا لم "تنضج المفاوضات" مع المعارضة بما قد يترجم لتفاهمات بين الطرفين.
الوضع الأمني مقلق للغاية
في بيان صدر عنه عقب الاجتماع برئيس الأركان، قال غانتس إن "الوضع الأمني مقلق للغاية ويتطلب اهتماماً وقرارات أمنية استراتيجية في مجموعة متنوعة من ساحات العمل"، مشدداً على أنه يتوجب على نتنياهو أن يدعو المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) للاجتماع "لفهم تداعيات التشريع على الجيش قبل تمريره".
وأضاف غانتس أن "الأمر ذاته ينطبق على الحاجة إلى عقد اجتماع للجنة الشؤون الخارجية والأمن (في الكنيست)"، وقال إن محادثته مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي "أكدت له أكثر من أي وقت مضى على ضرورة تجنب التحركات أحادية الجانب"، وتابع: "لقد اقترحت طريقة مسؤولة للخروج من الأزمة"، فيما دعا إلى الامتناع عن رفض الخدمة العسكرية احتجاجاً على التعديلات القضائية.
من جانبه، قال لابيد عقب اجتماعه برئيس الشاباك إنه "تلقى تحديثات حول الوضع والتهديدات الأمنية في مختلف الساحات"، وتابع في تغريدة على "تويتر": "ناقشنا التهديدات من الداخل والخارج وأعربت عن قلقي بشأن التماسك والمناعة القومية. لدينا مسؤولية مشتركة للحفاظ على أمن البلاد ووحدة الشعب".
كما أجرى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هليفي، محادثات مع سلفه في المنصب، غادي آيزنكوت، وذلك بموافقة وزير الأمن، يوآف غالانت؛ علماً بأن هليفي كان قد حذّر في وقت سابق، الأحد، من تصدعات خطيرة في التكتل داخل الجيش، على خلفية احتجاجات عناصر الاحتياط ضد خطة "الإصلاح القضائي".
وفي بيان صدر عن منتدى الأعمال الإسرائيلي، جاء أن "الشركات المنضوية ضمن المنتدى لن يفتح صباح الغد (الإثنين)"، وذلك ضمن المساعي "لمنع الصدع في الأمة من خلال وقف التشريعات الأحادية الجانب؛ والحوار؛ والتوصل إلى توافقات حول إصلاح القضاء".
ودعا المنتدى "الشركات والمصالح التجارية الأخرى للانضمام إلى الخطوة الطارئة التي تم اتخاذها في ظل غياب البدائل من أجل وقف التشريعات الأحادية والدخول في مفاوضات"، وأضاف: "يجب أن نتوصل إلى اتفاقيات تمنع إلحاق الضرر الكبير بالاقتصاد والصدع الذي يمزق المجتمع ويفكك جيش الشعب ويعرض أمننا ومستقبلنا جميعاً للخطر".
ودعا المنتدى رئيس الحكومة، نتنياهو "إلى أداء واجبه، وفهم حجم الكارثة التي قد تحدث، ووقف التشريع على الفور والدخول في مفاوضات"، وأوضح البيان أن الشركات التي تفرض عليها قيود تنظيمية أو تعتبر أعمالاً حيوية "ستمنح للموظفين حرية التصرف وفقاً لضميرهم والتظاهر".
استمرار التظاهرات في إسرائيل
في سياق متصل، فقد واصل آلاف الإسرائيليين في أنحاء البلاد، الأحد، التظاهر ضد خطة "التعديلات القضائية" المثيرة للجدل، فيما تظاهر يمينيون تأييداً للخطة في تل أبيب، وفق إعلام عبري.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلي (رسمية) أن آلاف الإسرائيليين في كافة أنحاء البلاد، واصلوا التظاهر ضد خطة التعديلات القضائية، وخاصة في مدينتي تل أبيب والقدس (وسط).
ووفق المصدر ذاته، تظاهر آلاف اليمينيين المناصرين لخطة التعديلات القضائية، في ساحة كابلان بمدينة تل أبيب، التي تنظم فيها عادةً التظاهرات المركزية المناوئة لخطة التعديلات.
وأشارت الهيئة إلى أن أحد المتظاهرين اليمينيين استبدل لافتة في ساحة كابلان كُتب عليها "ساحة الديمقراطية" بلافتة أخرى كُتب عليها "ساحة الإصلاح"، في إشارة إلى خطة "إصلاح القضاء".
وعلى الصعيد ذاته، قالت هيئة البث الإسرائيلي إنّ الهستدروت (الاتحاد العام لنقابات العمال الإسرائيلية)، قدم اقتراحاً جديداً، لحل الأزمة يتضمن شطب بنود في مشروع قانون "الحد من المعقولية"، لكن حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سارع إلى رفضه.
وشهدت كافة أنحاء إسرائيل، السبت، تظاهرات غير مسبوقة، شارك فيها مئات الآلاف احتجاجاً على خطة التعديلات القضائية التي تعتزم الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو تنفيذها.
ومن المتوقع أن يتم التصويت على مشروع قانون "الحد من المعقولية"، وهو جزء من خطة التعديلات القضائية، بالقراءتين الثانية والثالثة بداية الأسبوع المقبل، وفي حال التصديق عليه سيصبح نافذاً.
ومن شأن مشروع قانون "الحد من المعقولية" أن يمنع المحاكم الإسرائيلية، بما فيها المحكمة العليا، من تطبيق ما يعرف باسم "معيار المعقولية" على القرارات التي يتخذها المسؤولون المنتخبون.
يذكر أنه وفي 27 مارس/آذار 2023 أعلن نتنياهو تعليق مشاريع قوانين "إصلاح القضاء" لإتاحة المجال أمام التوصل إلى تفاهمات بشأنها مع المعارضة. وتريد الحكومة الانتهاء من التصويت قبل بدء العطلة الصيفية للكنيست (البرلمان) نهاية يوليو/تموز الجاري.