الصين أصبحت أكبر سوق للإخصاب في العالم! تدهور معدلات الإنجاب دفعها لخيار التلقيح الصناعي

عربي بوست
تم النشر: 2023/07/23 الساعة 09:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/07/24 الساعة 04:58 بتوقيت غرينتش
أشخاص يسيرون على طول طريق نانجينغ للمشاة في شنغهاي بالصين/رويترز

بعدما طورت الصين نظاماً لوسائل منع الحمل والتعقيم وخدمات الإجهاض على مدار عقود، بدأت الوكالات الحكومية الصينية والشركات الخاصة في ضخ ملايين اليوان لتطوير قطاع وطني لتقنيات المساعدة على الإنجاب عن طريق التلقيح الصناعي، لمحاولة وقف تدهور معدل الخصوبة، حتى أصبحت أكبر سوق للإخصاب في العالم.

صحيفة The Times البريطانية قالت في تقرير، الأحد 23 يوليو/تموز 2023، إن تطبيق سياسة الطفل الواحد في الصين على مدى ثلاثة عقود أدى إلى عمليات إجهاض قسرية، ومعدلات انتحار أعلى بين النساء مقارنة بالرجال، وحكايات عن أزواج يفرون من السلطات لحماية الأبناء.

 لكن في عام 2015 أُلغِي هذا الحد، وحلت بدلاً منه سياسة الطفلين، وقد كانت الخطوة الأولى نحو إدراك الدولة تأثير سياسة الطفل الواحد والمكافحة لعكس آثارها.

ووفقاً للصحيفة البريطانية، يوجد في الصين الآن 540 عيادة خصوبة و27 بنكاً للحيوانات المنوية تقدم أكثر من مليون دورة للمساعدة على الإنجاب كل عام، مقارنة بحوالي 70 ألفاً في المملكة المتحدة، و370 ألفاً في الولايات المتحدة.

تراجع المواليد في الصين يقلق السلطات من أزمة ديمغرافية وشيكة - رويترز
تراجع المواليد في الصين يقلق السلطات من أزمة ديمغرافية وشيكة – رويترز

أكبر سوق للإخصاب في العالم 

والآن، بعد حوالي 40 عاماً من سياسة الطفل الواحد، صارت الصين أكبر سوق في العالم للإخصاب الصناعي، حيث أعلنت الحكومة المحلية في بكين الشهر الماضي أنها ستساعد في تمويل التكاليف المتعلقة بدورات العلاج للمساعدة في الإنجاب، التي تتراوح بين 2500 جنيه إسترليني (3214 دولاراً أمريكياً) و4000 جنيه إسترليني (5142 دولاراً أمريكياً) في نظام الرعاية الصحية الخاص بها.

ومع ذلك، فشلت هذه الاستثمارات في تغيير معدلات الخصوبة المنخفضة بدرجة واضحة. وبرغم توقعات مسؤولي تنظيم الأسرة في عام 2015 بزيادة عدد المواليد السنوي إلى حوالي 20 مليوناً، وصل الرقم العام الماضي إلى 9.56 مليون.

ويقع اللوم جزئياً على إرث الطفل الواحد، لكن ما هي الصورة الحقيقية وراء  الأزمة الديموغرافية التي تلوح في الأفق، وهل سيكون احتضان الصين للتلقيح الصناعي قادراً على إصلاحها؟

ارتفاع معدلات العقم

أشار عددٌ من الدراسات إلى أنَّ معدلات العقم آخذة في الارتفاع في الصين. على الصعيد العالمي، تشير التقديرات إلى أنَّ نحو 15% من الأزواج يعانون من مشكلات في الخصوبة.

وكما هو الحال في معظم الدول الصناعية من العالم، تُعزَى نسبة كبيرة من المشكلات إلى ما يسميه علماء الديموغرافيا "التأجيل الإنجابي"، إذ تجاوز متوسط ​​العمر الذي تنجب فيه المرأة الصينية طفلها الأول 30 عاماً في بعض المدن الكبرى في الصين، بعدما ارتفع من نحو 25 عاماً في عام 1995.

ويُعزى جزءٌ من السبب أيضاً إلى التوقعات الاجتماعية، إذ يُشجَّع الشبان والشابات على تأسيس حياتهم المهنية وحياتهم الاجتماعية، وفي الوقت نفسه يُتوقَع منهم أيضاً رعاية الوالدين المسنين، وغالباً ما يكونون أبناءً وحيدين بسبب سياسة الطفل الواحد. وتدفع هذه الضغوط بعضهم إلى الانتظار طويلاً؛ ما يجعلهم ضحايا لما وصفته عالمة الاجتماع شارميلا رودرابا بـ"العقم غير المقصود".

ما الذي يمكن فعله؟

يجادل البروفيسور مو غوانغزونغ، من معهد الدراسات السكانية بجامعة بكين بأنه لمعالجة انخفاض الخصوبة، تحتاج الصين على الفور إلى بناء نهج "صديق للسكان والخصوبة والأطفال والأسرة والمسنين". ويجب أن يشمل ذلك مساعدة الأزواج الذين يعانون من العقم من خلال علاجات الخصوبة باهظة الثمن؛ مثل التلقيح الصناعي، بتغطية تكاليفها، أو على الأقل دعم جزء منها.

ومع ذلك، فإنَّ السؤال هو ما إذا كان الاعتماد على علاجات الخصوبة يُعَد بمثابة وضع ضمادة على جرح اجتماعي وثقافي، وليس بيولوجياً. وهذا هو السبب في أنَّ العديد من الحكومات تحفز على تربية الأطفال من خلال توفير "مكافآت الأطفال"، وتقديم دعم الطفل وإجازة الأبوة.

ومع ذلك، فإنَّ مثل هذه الإجراءات ليست كافية في حد ذاتها، إذ تتعامل الصين الآن؛ مثلها مثل العديد من البلدان الأخرى، مع تبعات التمييز المتأصل بين الجنسين، وثقافات العمل المُرهِقة، وارتفاع تكاليف المعيشة.

علامات:
تحميل المزيد