قبل ساعات من انطلاق عملية الاقتراع في انتخابات تشريعية مبكرة حاسمة بإسبانيا مقررة الأحد 23 يوليو/تموز 2023 أظهرت استطلاعات للرأي رجوح كفة أحزاب اليمين، رغم احتدام حدة التنافس بين مختلف الفرقاء السياسيين، ما يشكل اختباراً صعباً للاشتراكيين وعلى رأسهم رئيس الوزراء الحالي بيدرو سانشيز، الذي أبدى تشبثه بالفوز.
وتمنح الأرقام الحالية بصيص أمل لـ"فوكس" الذي قد يكون أول حزب يميني متطرف يصل إلى الحكم في إسبانيا منذ نهاية حقبة الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو في العام 1975 وذلك وفق تقرير نشرته وكالة فرانس برس السبت 22 يوليو/تموز 2023.
إسبانيا تدخل مرحلة الصمت الانتخابي
مع دخول إسبانيا السبت مرحلة الصمت الانتخابي عشية انتخابات تشريعية مفصلية مبكرة مقررة الأحد، تتعزز مخاوف الاشتراكيين بقيادة رئيس الوزراء الحالي بيدرو سانشيز عقب تواتر الأنباء وأرقام استطلاعات الرأي عن ميول الكفة لصالح اليمين.
على الرغم من ذلك، أكد شانشيز أن الاشتراكيين قادرون على ردم الفوارق، وشدد خلال تجمع انتخابي ليل الجمعة في خيتافي بضواحي مدريد الجنوبية، كان الأخير له قبل يوم الصمت الانتخابي، على "أننا سنفوز في هذه الانتخابات، وسنفوز فيها بشكل مدوٍّ".
وفي حال فوز اليمينيين، سيجد الحزب الشعبي بزعامة ألبرتو نونيس فيخو نفسه مضطراً لتشكيل تحالف حكومي مع "فوكس"، ما سيعني إيصال حزب يميني متطرف إلى الحكم في إسبانيا للمرة الأولى منذ نهاية حقبة الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو في العام 1975.
أزمات تلاحق الحزب الشعبي
إلا أن حملة الحزب الشعبي واجهت عثرات في مراحلها الأخيرة على خلفية الأسئلة المتجددة لزعيمه ألبرتو نونيس فيخو بشأن صلاته بمهرب المخدرات الشهير مارسيال دورادو في تسعينات القرن الماضي عندما كان يشغل منصباً بارزاً في حكومة منطقة جليقية (شمال غرب).
كما أدلى نونيس فيخو بتصريحات غير دقيقة خلال مناظرة تلفزيونية، إذ شدد على أن الحزب الشعبي لطالما كان مؤيداً لزيادة معاشات التقاعد.
وسعى سانشيز الذي يتولى السلطة منذ عام 2018، إلى استغلال هذه العثرات والبناء عليها لتعزيز موقع اليسار.
وقال في تصريحات تلفزيونية الجمعة:"أرى أن الحزب الشعبي يفقد الزخم، بينما يعود الاشتراكيون" إلى الواجهة.
وكان سانشيز شن في وقت سابق هذا الأسبوع هجوماً مباشراً على فيخو على خلفية "إضاعته فرصة لتوضيح طبيعة علاقته" بدورادو، مهرب التبغ الذي تمت إدانته لاحقاً بتهريب المخدرات.
ونشرت صحيفة "إل باييس" المحسوبة على اليسار عام 2013 صوراً للسياسي ومهرب المخدرات يقضيان إجازة على متن يخت دورادو في منطقة إيبيزا وجزر الكناري. وكان فيخو في تلك المرحلة مسؤولاً عن الخدمات الصحية في غاليسيا أو جليقية.
وسخر سانشيز من دفاع فيخو عن نفسه بالإشارة إلى أن محرك البحث غوغل لم يكن موجوداً في تلك الفترة، في إشارة إلى أنه لم يكُن بمقدوره أن يعرف ما يخطط له دورادو وما يقوم به فعلاً.
التركيز على المجال الاقتصادي
ركز رئيس الوزراء الحالي في حملته الانتخابية على سجله في المجال الاقتصادي، مبرزاً تحقيق إسبانيا في مجال النموّ ونسبة التضخم، أداء أفضل من الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي.
وفي حين أظهرت غالبية استطلاعات الرأي الأخيرة أن الحزب الشعبي وفوكس قادران على نيل الغالبية في البرلمان المؤلف من 350 مقعداً، رجحت بعضها عدم تمكنهما من ذلك، ما سيمهد الطريق أمام عودة الاشتراكيين إلى الحكم.
وستتاح لهؤلاء فرصة تشكيل حكومة جديدة؛ نظراً لأن مروحة خياراتهم لناحية التحالفات الممكن تشكيلها هي أكبر، خصوصاً مع حزب سومر اليساري المتطرف، وعدد من الأحزاب الصغيرة الأخرى.
إلا أن بعض المحللين لا يستبعدون أن يعجز الطرفان عن تحقيق غالبية كافية في مجلس النواب لتشكيل حكومة؛ ما قد يؤدي إلى الدعوة لانتخابات جديدة في تكرار لسيناريو العام 2019.
ودعا سانشيز إلى انتخابات الأحد، غداة هزيمة اليسار أمام المحافظين في الانتخابات البلدية والإقليمية التي جرت في 28 مايو/أيار.
وقال فيخو لصحيفة "إل موندو" الجمعة إنه يشعر "برياح التغيير" تهب في البلاد.
وخلال تجمعه الانتخابي الأخير في جليقية، حض السياسي اليميني مناصريه على تأمين دعم هائل له، مؤكداً رغبته في تولي السلطة التنفيذية "بمفرده".
وهو تعهد في حال فوزه بإبطال العديد من القوانين التي أقرت في عهد سانشيز، بما فيها السماح لكل من بلغ السادسة عشرة تغيير جنسه على بطاقة الهوية عبر مجرد تصريح بذلك.
كما وجَّه انتقادات لسانشيز على خلفية تصريحات بشأن دورادو قائلاً: "لم أتوقع أن يلجأ رئيس الوزراء إلى هذا الهراء لمحاولة تقويض سمعة خصمه".
الاعتماد على أصوات الأحزاب الانفصالية في كتالونيا
هاجم الحزب الشعبي وفوكس تحالف سانشيز لاعتماده على أصوات الأحزاب الانفصالية في كتالونيا والباسك لتمرير مشاريع القوانين، واعتبرا أن ذلك يعد "خيانة" لإسبانيا.
من جهته، انتقد سانشيز الحزب الشعبي على خلفية تشكيل تحالفات محلية وإقليمية مع فوكس، الحزب الذي يعارض الإجهاض وينفي وجود تغير مناخي ويرفض الحاجة إلى بذل جهود حكومية لمواجهة العنف على أساس الجندر.
وفي أعقاب انتخابات مايو/أيار، بات فوكس يتولى السلطة في أكثر من 140 بلدية، إما بمفرده أو ضمن تحالف مع الحزب الشعبي، كما يحكم بالشراكة مع الحزب في منطقتين أخريين.