بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، هاتفياً، مساء الجمعة 21 يوليو/تموز 2023، قضية تمديد اتفاقية ممر الحبوب عبر البحر الأسود، فيما حذّر مسؤول أممي من أن يهدد هذا التوقف "ملايين الأشخاص بتفشي الجوع وبما هو أسوأ من ذلك".
وأفادت دائرة الاتصال بالرئاسة التركية في بيان، الجمعة، بأن الاتصال الهاتفي جاء بناءً على طلب من زيلينسكي، حيث بحث الرئيسان بشكل مفصل، ملف تمديد اتفاقية الحبوب.
وأكد الرئيس أردوغان خلال الاتصال، أن تركيا تبذل جهوداً مكثفة كي يسود السلام.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن،إن واشنطن تدرس مع حلفائها "خيارات بديلة" لاتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، عقب أيام من إعلان روسيا انسحابها منه.
جاء ذلك في كلمة أثناء مشاركته في منتدى "آسبن" الأمني المنعقد بين 18 ـ 21 يوليو/ تموز، بولاية كولورادو وسط الولايات المتحدة، حسبما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز".
أدان بلينكن الهجمات الجوية الروسية المتزايدة على الموانئ الأوكرانية، قائلا إن "موسكو تقوم بشيء غير معقول من خلال تسليح الغذاء"، في إشارة إلى استخدام الغذاء سلاحا.
وأشار إلى أن "الولايات المتحدة تعمل مع حلفاء لإيجاد طرق بديلة لتصدير الحبوب الأوكرانية، بعد انسحاب الكرملين من الصفقة وتلغيم الطرق البحرية وتهديدها بمهاجمة السفن التجارية في البحر الأسود".
لكن وزير الخارجية الأمريكي حذر من أن الوسائل البديلة لتصدير الحبوب الأوكرانية إلى الأسواق العالمية "من المحتمل ألا تكون كافية"، دون مزيد تفصيل.
تحذير أممي
فيما قال مسؤول المساعدات بالأمم المتحدة مارتن غريفيث، إن الارتفاع الحاد في أسعار الحبوب عقب انسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود "يحتمل أن يهدد ملايين الأشخاص بتفشي الجوع وبما هو أسوأ من ذلك".
وقال غريفيث أمام مجلس الأمن: "سيشعر البعض بالجوع، وسيتضور البعض جوعاً، وقد يموت كثيرون نتيجة هذه القرارات"، مضيفاً أن 362 مليون شخص في 69 دولة يحتاجون حالياً إلى مساعدات إنسانية.
وأعلنت روسيا انسحابها من اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود الإثنين الماضي، قائلةً إن مطالبها المتعلقة بدعم صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة لم تُلب، كما انتقدت عدم وصول كميات كافية من الحبوب الأوكرانية إلى الدول الفقيرة.
وارتفعت العقود الآجلة للقمح الأمريكي في شيكاغو بأكثر من 6% هذا الأسبوع، وحققت أكبر مكاسب يومية لها يوم الأربعاء منذ بدء الغزو الروسي على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، لكن بعض هذه المكاسب تقلصت اليوم الجمعة، بسبب الآمال المعقودة على استئناف روسيا محادثاتها المتعلقة بالاتفاق.
وتوسطت الأمم المتحدة وتركيا في الاتفاق، العام الماضي؛ في مسعى لمواجهة أزمة الغذاء العالمية التي تفاقمت بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا. أوكرانيا وروسيا من أكبر البلاد المصدرة للحبوب.
وقالت الأمم المتحدة إن اتفاق البحر الأسود كان عملية تجارية وعاد بالفائدة على البلدان الفقيرة من خلال المساعدة في خفض أسعار المواد الغذائية بأكثر من 23% حول العالم منذ مارس/آذار 2022. ونقل برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة 725 ألف طن من الحبوب الأوكرانية إلى أفغانستان وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا والصومال والسودان واليمن.
لكن ميخائيل خان، خبير الاقتصاد الكلي الذي طلبت روسيا منه التحدث أمام مجلس الأمن، قال إن الدول الأشد فقراً لم تحصل إلا على 3% من الحبوب عبر أوكرانيا، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.
يأتي ذلك في الوقت الذي واصلت فيه روسيا قصف منشآت تصدير المواد الغذائية الأوكرانية لليوم الرابع على التوالي، واستولت على سفن في البحر الأسود.
وقالت موسكو إن هذه الهجمات جاءت رداً على ضربة أوكرانية استهدفت جسراً يربط روسيا بشبه جزيرة القرم.
وقالت روزماري ديكارلو وكيل الأمين للأمم المتحدة للشؤون السياسية، اليوم الجمعة، أمام مجلس الأمن، إن الهجمات الروسية على موانئ أوكرانيا على البحر الأسود تنطوي على "مخاطر بعيدة المدى على الأمن الغذائي العالمي".
ويأمل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن يلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الشهر المقبل، وقال إن هذه المحادثات قد تؤدي إلى استئناف اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، داعياً الدول الغربية، اليوم الجمعة، إلى النظر في مطالب روسيا.
وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد، إن روسيا ليست لديها أسباب مقنعة للانسحاب من الاتفاق. ولا تخضع صادرات روسيا من الحبوب والأسمدة للعقوبات الغربية، لكن موسكو قالت إن القيود المفروضة على المدفوعات وخدمات التموين والإمداد والتأمين تمثل عائقاً أمام الشحنات.
وقالت توماس-غرينفيلد: "كانوا يريدون أن تصدقوا أن العقوبات منعت صادراتهم. وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة… روسيا ببساطة تستخدم البحر الأسود كوسيلة للابتزاز … إنها تحتجز رهائن".
وقال نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي، إن موسكو لا تعترض على اتفاق البحر الأسود "خاصة بالنظر إلى أهميته بالنسبة لسوق الغذاء العالمي لعدد من الدول"، مضيفاً أن بلاده مستعدة للعودة للاتفاق في حال الوفاء بقائمة مطالبها.
وقبل إعلان روسيا انسحابها من اتفاق البحر الأسود يوم الإثنين، كانت الأمم المتحدة قد "توسطت في اقتراح ملموس" مع المفوضية الأوروبية لربط أحد أفرع البنك الزراعي الروسي بنظام سويفت للمدفوعات المصرفية الدولية.
وقال مبعوث الاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة أولوف سكوج، أمام مجلس الأمن: "نظل منفتحين لمناقشة حلول مع الأمم المتحدة من شأنها أن تسهم في استئناف اتفاق الحبوب".