أثار قرار اعتراف إسرائيل بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، الإثنين 17 يوليو/تموز 2023، حالة من الجدل في البلاد، حيث تضاربت الآراء بين مؤيد للقرار وآخرين انتقدوه، وسط استمرار هيئات وأحزاب مغربية في رفض تطبيع العلاقات بين الرباط وتل أبيب.
مواطنون مغاربة أشادوا بهذا القرار الذي يدخل في إطار الدعم الدولي لمغربية الصحراء، وقال عبد العالي الرامي الحقوقي المغربي، في تصريح لوكالة الأناضول، إنه "ليس غريباً أن تعترف إسرائيل بمغربية الصحراء، خصوصاً بعد ما صرح به العاهل المغربي محمد السادس، أغسطس/آب الماضي، باعتبار ملف الصحراء هو "النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم".
أشار الرامي إلى أن العديد من الدول "دعمت المغرب في قضية الدفاع عن وحدته الترابية، مثل إسبانيا وألمانيا"، وأكد على أن من يريد "الشراكة مع المغرب يجب أن يحترم وحدته الترابية، خاصة أن المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها، باعتراف دولي وتاريخي"، بحسب تعبيره.
في المقابل، انتقد حقوقيون وأكاديميون مغاربة هذا القرار؛ كونه صادراً من إسرائيل، ووصف هشام بلامين الأكاديمي المغربي القرار الإسرائيلي بأنه "اعتراف من لا يملك لمن يملك، هو أمر سخيف"، في إشارة إلى عدم امتلاك إسرائيل الأحقية في الأراضي الفلسطينية.
من جانبه، قال حسن بناجح الحقوقي وعضو جماعة العدل والإحسان (أكبر جماعة إسلامية في البلاد)، في منشور له عبر فيسبوك: "بئس الحال أن يكون المآل التماس الشرعية والسيادة من كيان مجرم محتل لأعز وأطهر وأقدس بقاع المسلمين".
وأمس الإثنين أعلن الديوان الملكي المغربي، أن إسرائيل اعترفت بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، بحسب رسالة تلقاها الملك محمد السادس من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
تضمنت الرسالة، وفق بيان للديوان الملكي، "قرار الوزير الأول الإسرائيلي لدولة إسرائيل الاعتراف بسيادة المغرب على أراضي الصحراء الغربية"، وأكد نتنياهو، أن "موقف بلاده هذا سيتجسد في كافة أعمال ووثائق الحكومة الإسرائيلية ذات الصلة"، بحسب البيان ذاته.
شدد البيان أيضاً، على أنه سيتم "إخبار الأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية والدولية التي تعتبر إسرائيل عضواً فيها، وكذلك جميع البلدان التي تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية بهذا القرار".
اعتبر البيان أن إسرائيل تدرس، إيجابياً، "فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة"، وذلك في إطار تكريس قرار الدولة هذا"، ولم يذكر البيان كيفية توصيل الرسالة أو من سلمها للملك، فيما لم يصدر بيان رسمي فوري من تل أبيب بشأن الأمر.
كان وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، قد قال 3 يوليو/تموز 2023، إن تل أبيب ستتخذ قرارها النهائي بشأن سيادة المغرب على إقليم الصحراء في "منتدى النقب" المنتظر عقده منذ شهور في المغرب.
في 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلنت إسرائيل والمغرب، استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، بعد توقفها عام 2000، وترفض هيئات وأحزاب مغربية هذا التطبيع، عبر عدد من الاحتجاجات والفعاليات المختلفة.
أزمة إقليم الصحراء
بدأت أزمة "إقليم الصحراء" عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ويعتبر المغرب هذه المنطقة جزءاً لا يتجزأ من أراضيه، فيما تدعم الجزائر "جبهة البوليساريو" التي تطالب بالاستقلال.
تحوَّل النزاع بين المغرب و"جبهة البوليساريو" إلى نزاع مسلح، استمر حتى عام 1991، وتوقف بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.
تصرُّ الرباط على أحقيتها بإقليم الصحراء، وتقترح كحلٍّ حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيادتها، بينما تطالب "البوليساريو" بتنظيم استفتاء لتقرير مصير الإقليم، وهو طرح تدعمه الجزائر.
إقليم الصحراء هو منطقة صحراوية شاسعة، مساحته 266 ألف كيلومتر مربع مع 1100 كيلومتر واجهة على المحيط الأطلسي، وهي المنطقة الوحيدة في القارة الإفريقية التي لم تتم تسوية وضعها بعد الاستعمار.
يسيطر المغرب على 80% من إقليم الصحراء، في حين تسيطر "البوليساريو" على 20%، يفصل بينهما جدار ومنطقة عازلة تنتشر فيها قوات الأمم المتحدة.
كذلك تشرف الأمم المتحدة على مفاوضات بين المغرب والبوليساريو؛ بحثاً عن حل نهائي للنزاع حول الإقليم، منذ توقيع الطرفين للاتفاق.